دعم أوكرانيا.. مهمة أوروبا المحفوفة بالمخاطر

وكالة أنباء حضرموت

شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين توترًا منذ بدء الولاية الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ومع بدء جهود إدارة الرئيس الأمريكي لإنهاء حرب أوكرانيا، تغير جوهر المخاوف الأوروبية مع استمرار تدهور الوضع الميداني على الجبهة بأوكرانيا، حيث دفع خطر قطع الولايات المتحدة دعمها كييف إلى استكشاف كيفية الحفاظ على مقاومتها وبالتالي الحفاظ على نفوذها في المفاوضات وذلك من خلال المساعدات الأوروبية وحدها.

أمريكا تُفتش في السعودية عن «منطقة رمادية» بين روسيا وأوكرانيا
وأجبر ترامب أوروبا على التخطيط لضمان أمنها وأمن أوكرانيا، طوال فترة الحرب وحتى خلال السلام الذي يليها وأصبح السؤال هل هذا ممكن؟.. لكن الإجابة المختصرة عليه هي "نعم ولا" وذلك وفقا لما ذكرته مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية.

وقالت المجلة إن أوروبا تمتلك القدرة الكامنة على إنتاج الكثير من المواد التي تحتاجها أوكرانيا لكنها لم تستعد بفعالية لتحمل هذا العبء ويمكنها أن تحل محل الولايات المتحدة كمزود أمني رئيسي لأوكرانيا، لكن القيام بذلك سيستغرق وقتًا، ويتطلب تعاونًا صعبًا، وسيكون مكلفًا وهي عقبات ليست مستعصية على الحل.

وأشارت المجلة إلى أنه كان يتعين على أوروبا أن تتوقع هذا الأمر، فخلال إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، أكدت الولايات المتحدة دائما أنها تعتبر الصين منافسها الأمني الرئيسي.

وأدى اهتمام واشنطن المتزايد بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ إلى رغبة الإدارات الأمريكية المتعاقبة في خفض أولوية التزامها تجاه أوروبا مع دعوة دول القارة لبناء قواتها المسلحة وهي الدعوة التي تم تجاهلها حتى إدارة ترامب الثانية التي بدأت في يناير/كانون الثاني الماضي.

وتردد قادة أوروبا في زيادة الانفاق الدفاعي وسط مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى تسريع انسحاب الولايات المتحدة من القارة التي تتحمل لوما كبيرًا لعدم بذل المزيد من الجهود قبل عودة ترامب إلى منصبه، لكن الطريقة التي فرض بها الرئيس الأمريكي هذه القضية أثارت ردود فعل حادة في العواصم الأوروبية.

وإذا دعمت الولايات المتحدة تجديد القاعدة الصناعية الدفاعية الأوروبية، ولم تعرقل دعم القارة لأوكرانيا، فستحقق هدفها المتمثل في مساعدة أوروبا على إدارة دفاعها وأمنها، وبالتالي تتمكن من إعادة توزيع قواتها في المحيطين الهندي والهادئ وذلك بعدما سعت لعقود إلى تقويض لتشجيع المبيعات العسكرية الأمريكية في القارة.

ولن تنجح الولايات المتحدة إذا حاولت فرض عملية إعادة تسليح أوروبية من خلال إجبار الدول الأوروبية على شراء المزيد من الأسلحة الأمريكية، وفي الوقت نفسه فإن أوروبا غير قادرة على إنتاج بعض أنواع أنظمة الأسلحة الحيوية، مثل نظام الدفاع الجوي باتريوت، وستواصل الاعتماد على المشتريات الأمريكية.

وإذا استخدمت واشنطن ضوابط التصدير لمحاولة منع التصنيع الأوروبي محليًا (حيث تمتد العديد من سلاسل توريد الإلكترونيات الدقيقة ومكونات الأسلحة المعقدة عبر المحيط الأطلسي)، فمن المرجح أن تبتعد أوروبا عن الولايات المتحدة بشكل أسرع.

ويعتمد ما يمكن للأوروبيين إنجازه على ما إذا كانت الولايات المتحدة تريد أن تتمكن أوكرانيا من مواصلة الدفاع عن نفسها أثناء مفاوضاتها، أم أنها مستعدة لإجبار كييف على التسوية بأي شروط.

وتتمتع الولايات المتحدة بنفوذ هائل على أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين فيما يتعلق بصيانة مخزونات الأسلحة والمعدات الحالية فبالإضافة إلى المعدات التي قدمتها الولايات المتحدة لأوكرانيا، تم شراء الكثير من المعدات والأسلحة التي أرسلها حلفاء كييف من شركات دفاع أمريكية.

وبصفتها العضو القيادي في التحالف، قدمت الولايات المتحدة الجزء الأكبر من الدعم اللوجستي، وقدرات النقل، والأفراد لتقديم المساعدة العسكرية التقنية لأوكرانيا ولا يمكن لأوروبا تعويض هذه المساعدة بسرعة.

ويُعدّ غياب التماسك القاري عائقًا رئيسيًا آخر أمام أوروبا في توليها زمام القيادة من الولايات المتحدة فرغم امتلاك شركات الدفاع الأوروبية الخبرة اللازمة لإنتاج معظم المعدات، إلا أن جميع الدول الأوروبية تقريبًا تشتري عددًا قليلًا جدًا من هذه المنصات.

ورغم أهمية النفوذ المالي والدعم التنظيمي للاتحاد الأوروبي إلا أن دول التكتل ستحتاج إلى العمل مع المملكة المتحدة والنرويج وأوكرانيا وسيتعين على الدبلوماسيين تجزئة الخلافات العالقة وعدم السماح لها بإفساد العملية.

يُعدّ حلف شمال الأطلسي (الناتو) أيضًا مصدرًا للتوتر؛ فالاستثمار في القاعدة الصناعية الدفاعية الأوروبية من شأنه أن يعزز قدرة الحلف على الصمود لكن استمرار تقديم المعدات لأوكرانيا سيؤثر سلبا على الاستعداد الأوروبي لتنفيذ خطط الناتو الدفاعية وهو وضع غير مريح للدول المجاورة لروسيا.

وستواجه أوروبا صعوبة في تلبية احتياجات أوكرانيا فهي لا تستطيع فعل الكثير لاستبدال الصواريخ الاعتراضية أمريكية الصنع المستخدمة في بطاريات الدفاع الجوي الأوكرانية "باتريوت"، وهو النظام الوحيد القادر على اعتراض الصواريخ الروسية الجوية وشبه الباليستية.

ومع ذلك، فإن روسيا تستخدم بالأساس صواريخ كروز التي يُمكن اعتراضها بالأسلحة الأوروبية، مثل صواريخ سامب/تي وآيريس-تي.