ترامب يحدث تغييرات براقة على البيت الأبيض ليتماشى مع عوالمه
تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن ينقل الولايات المتحدة إلى “عصر ذهبي جديد”، ويبدو أنه بدأ بتحقيق وعوده بعد مرور شهرين فقط على توليه الرئاسة عبر تغييرات براقة في المكتب البيضاوي.
ملأ الثري الذي دخل عالم السياسة من باب قطاع العقارات المكتب البيضاوي، حيث يستضيف زواره، بتحف مذهّبة وواقيات لامعة للكؤوس تحمل اسمه، وغطى كامل مساحة الجدران تقريبا بصور لأسلافه وضعت في إطارات ذهبية اللون.
ويبدو أن عملية إعادة التزيين ما زالت في بدايتها، إذ تضاف قطعة جديدة كل أسبوع، آخرها نسخة من إعلان الاستقلال الذي مهّد الطريق لتحرّر الولايات المتحدة من التاج البريطاني قبل 250 عاما.
هل تفاجئ التغييرات البراقة في المكتب البيضاوي أحدا؟ يُستبعد ذلك، لاسيما أنها صادرة عن رئيس أطلق حملته الرئاسية من على سلم كهربائي مطلي بالذهب
ويحوّل الرئيس البالغ من العمر 78 عاما، والذي عرف بتجربته في برامج تلفزيونية قبل مسيرته السياسية، المكتب البيضاوي رويدا رويدا إلى مزيج من أستوديو تصوير وملكية عقارية حصرية.
وعلّق في الردهة قرب بابه غلاف صحيفة نشرت على صفحتها الأولى الصورة الجنائية التي التقطت له عام 2023، حين كان يلاحق بتهمة محاولة قلب نتائج الانتخابات الرئاسية 2020 في ولاية جورجيا، موضوعا في إطار مذهب.
ويقول بيتر لوج، مدير كلية الإعلام في جامعة جورج واشنطن الأميركية، إن الرئيس الأميركي “يؤدي بشكل جيد دور دونالد ترامب” الآتي من عالم العقارات والتلفزيون وحياة البذخ والترف.
وأضاف “العرض هو الأساس. البريق هو جزء من العرض. سيكون من المفاجئ ألا يحوّل ترامب المكتب البيضاوي إلى موقع تصوير تلفزيوني يعكس علامته التجارية.”
لكن التغييرات التي يجريها ترامب ليست شكلية حصرا. فالمكتب البيضاوي هو من أبرز رموز القوة السياسية الأميركية، وفيه يُجري غالبية لقاءاته مع الصحافيين في البيت الأبيض ويستقبل القادة والمسؤولين الأجانب، كان آخرهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي طبعت زيارته الأخيرة مشادة كلامية أمام عدسات الكاميرات في هذا المكتب مع الرئيس الأميركي ونائبه جاي دي فانس.
لذلك لم تكن إضافة صورة جيمس فولك، الذي تولى الرئاسة في القرن التاسع عشر، صدفة. ففي عهد رئيسها الحادي عشر بدأت الولايات المتحدة أكبر مرحلة توسع، من خلال الاستحواذ على مساحات شاسعة من الأراضي على الساحل الغربي والجنوب الغربي وتكساس.
وحملت إضافة صورة فولك رمزية بالغة بتزامنها مع ما يثيره ترامب من خشية في العالم من خلال التحدث علنا عن ضمّ غرينلاند واستعادة قناة بنما والسيطرة على قطاع غزة وجعل كندا ولاية أميركية.
ويختار الرؤساء الأميركيون معظم مكونات التصميم الداخلي للبيت الأبيض من المصادر ذاتها، بما فيها تشكيلة اللوحات والتحف الفنية للمقر الرئاسي، وغالبا ما ينجح كل منهم في وضع لمسته الخاصة.
ويبدو الاختلاف جليا بين المكتب البيضاوي في عهد الديمقراطي جو بايدن والمكتب في عهد ترامب الذي خلف بايدن رسميا اعتبارا من 20 يناير الماضي.
وسأل ترامب في حديث إلى شبكة “فوكس نيوز” الثلاثاء “هل تعتقدون أن جو بايدن كان سيقوم بذلك؟ لا أعتقد ذلك،” وهو يزيح الستارة ليكشف تعليق إعلان الاستقلال على جدار في المكتب البيضاوي.
وخلال ولايته رفع بايدن صور خمسة رؤساء سابقين على جدار مدفأة المكتب. إلا أن هذا العدد ارتفع إلى تسع في ولاية ترامب، من دون احتساب صور أسلافه التي رفعت في أنحاء أخرى من الغرفة.
وفي حين وضع الرئيس السابق نبتة لبلاب سويدي خضراء كبيرة على الحافة العلوية للمدفأة، استبدلها ترامب بسبع تحفٍ مذهبة يعود بعضها إلى أكثر من 200 عام.
وأبقى ترامب على التمثال النصفي لزعيم حركة الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ الذي كان موضوعا خلال ولاية بايدن، لكنه أعاد إلى المكتب تمثالا نصفيا لرئيس الوزراء البريطاني الراحل ونستون تشرشل، كان قد وضعه خلال ولايته الأولى (2017 – 2021).
هل تفاجئ التغييرات البراقة في المكتب البيضاوي أحدا؟ يُستبعد ذلك، لاسيما أنها صادرة عن رئيس أطلق حملته الرئاسية الأولى من على سلم كهربائي مطلي بالذهب في “برج ترامب” بنيويورك.
وعُرفت عن ترامب طباعته لاسمه على كل ما يمتّ إليه بصلة، من المباني إلى نسخ من الإنجيل، وفي أي عمل يقوم به غالبا ما يسعى إلى أن يعكس مزيجا من العلامة الشخصية والقوة. ولم تكن مسيرته السياسية استثناء.
في الآونة الأخيرة يُبقي ترامب في البيت الأبيض خريطة كبيرة لـ”خليج أميركا”، في إشارة إلى خليج المكسيك الذي أعادت إدارته تسميته.
ويتردد أنه يعتزم كذلك رصف حجارة في حديقة “روز غاردن” التي يطل عليها المكتب البيضاوي، لجعلها شبيهة بباحة منتجعه مارالاغو في فلوريدا وهي من أكثر اللمسات التي يفخر بها ترامب، خارج المكتب البيضاوي.