حماس في موقف صعب سواء أطلقت الرهائن أو احتفظت بهم

وكالة أنباء حضرموت

تعيش حركة حماس وضعا صعبا بعد استئناف إسرائيل هجماتها العنيفة على قطاع غزة، فهي إما أن تسرّع إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين تحت التهديد وما يمثله ذلك من خسارة سياسية لها، أو تتمسك بموقفها، ما يفتح الباب أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتنفيذ تهديداته وقتل المئات من المدنيين، وهو وضع قد يقود إلى خسارة أكبر لحاضنتها الشعبية.

ويرى مراقبون أن هامش المناورة أمام حماس بات شبه معدوم؛ إذا أطلقت سراح الرهائن فلا شيء يمنع إسرائيل من المضي في خطتها الأساسية بتفكيك الحركة والقضاء على نظامها السياسي وجهازها العسكري، وتنفيذ خطة ما بعد الحرب التي تقوم على منع أي تأثير لحماس في حكم غزة بشكل معلن أو خفي.

وتعتقد حماس أن ورقة الرهائن هي التي ستمنع عودة نتنياهو إلى الحرب خوفا على أرواح الرهائن، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يضع مشكلة الرهائن كأولوية أمام الأولوية الأهم، وهي ضرب حماس، مستفيدا من الخطاب المتشدد للرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه الحركة، وتلويحه بالقضاء على كل قادتها، ما يجعل إبقاء الرهائن لدى الحركة بمثابة إعلان حرب والتشريع لهجمات عنيفة تودي بالمئات من المدنيين، والقضاء على قادة حماس سواء منهم المشاركون في الحكم المدني أو القيادات غير المعروفة.

مساحة المناورة المتاحة للحركة تتضاءل، وإذا تم إطلاق سراح الرهائن تحت ضغط الهجمات الإسرائيلية، فلن تكون لدى حماس أي ضمانات بعد الآن

وأعلن الجيش الإسرائيلي الخميس أنه اغتال قائد جهاز الأمن العام في غزة رشيد جحجوح.

وجهاز الأمن الداخلي في غزة مهمته “مكافحة التجسس وتوفير المعلومات للقيادة السياسية لدعم التخطيط وصناعة القرار،” وفقًا لمركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن.

ويعرب فلسطينيون في قطاع غزة عن خشيتهم مما قد تحمله الأيام المقبلة، وهو ما عكسته تصريحات مدنيين مذعورين لوسائل الإعلام بعد الهجمات الإسرائيلية الجديدة.

وتقول فايزة أبوهامش (56 عاما)، المقيمة في خيمة بمدينة غزة، لفرانس برس “لدينا قلق وخوف كبير من استمرار الحرب… أصلّي (من أجل) أن يتم التوصل إلى اتفاق وتنتهي الحرب ويتم تعمير منازلنا.”

وإذا اختارت الحركة الاستمرار في الحرب لحسابات خاصة بها، فإنها ستجد نفسها في مواجهة مباشرة مع المدنيين الفلسطينيين، الذين لم يعودوا قادرين على تحمل حرب جديدة وموجة نزوح وجوع ودمار كبير دون أهداف معلنة من وراء الاستمرار في الحرب.

ورغم الدعوات الدولية لخفض التصعيد أكدت حكومة بنيامين نتنياهو، بدعم من حليفتها الأميركية، أن استئناف العمليات العسكرية “ضروري” لضمان إطلاق سراح الرهائن.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني الوزير سابقا غسان الخطيب أن “مساحة المناورة المتاحة للحركة تتضاءل.”

وأشار إلى أنه “إذا تم إطلاق سراح الرهائن تحت ضغط الهجمات الإسرائيلية، فلن تكون لدى حماس أي ضمانات بعد الآن.”

وتعد الضربات انتكاسة كبرى للهدنة التي بدأت في 19 يناير بعد 15 شهرا من اندلاع الحرب.

وتقول ليلى سورا، الخبيرة في شؤون حماس بالمركز العربي للأبحاث والدراسات السياسية في باريس، “إن الإستراتيجيتين الأميركية والإسرائيلية، بالعمل معا، تتمثلان في إجبار حماس على الانحناء،” لكن هذا لم ينجح، وترى أن “حماس تعتمد على الوسطاء، من الخارج، وعلى الانقسامات داخل إسرائيل” لوقف الضربات.

على المستوى الدبلوماسي، يجب على الأطراف المشاركة في العملية السياسية أن تدرس إستراتيجية خروج لحماس

وأدانت قطر ومصر، الوسيطان العربيان في مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، استئناف الغارات الإسرائيلية. ودعتا إلى العودة إلى طاولة المفاوضات، بينما اعتبرت الولايات المتحدة، وهي ضامن آخر في المفاوضات، أن حماس اختارت الحرب برفضها إطلاق سراح الرهائن، ودعمت إسرائيل.

ويشير مايكل ميلشتاين، الخبير في الشؤون الفلسطينية من مركز موشيه ديان بجامعة تل أبيب، إلى أن المسؤولين في حماس في هذه الظروف “لن يطلقوا سراح الرهائن، ويفضلون الانتحار الجماعي مع كل سكان غزة.” ويضيف “الكثير من الإسرائيليين خاصة بين صناع القرار لا يفهمون هذا الأمر حقا،” موضحا أن الحركة تعتبر مقتل قادتها “ثمنا معقولا تدفعه” في قتالها.

ويشير الخطيب إلى أنه “على المستوى الدبلوماسي، يجب على الأطراف المشاركة في العملية السياسية أن تدرس إستراتيجية خروج لحماس.”

ويدعم القادة الإسرائيليون القضاء على حماس كقوة عسكرية وسلطة حاكمة في غزة. وفي حين أبدت الحركة استعدادها لتعديل شكل الحكم في غزة في مرحلة ما بعد الحرب، فإنها ترفض إلقاء سلاحها.

وبحسب سورا فإن حماس “تُعرّف نفسها بأنها حركة مقاومة (…) ولن تتراجع عن ذلك أبدا.” ويتفق ميلشتاين مع ذلك، معتبرا أن الحركة من دون جناح عسكري “لن تكون حماس، بل ستكون شيئا آخر.”

ويرى الخطيب أن أحد الاحتمالات قد يكون إلزام “القياديين والمقاتلين” في حماس بمغادرة غزة، على غرار ما جرى مع مقاتلي منظمة التحرير في لبنان عقب الاجتياح الإسرائيلي عام 1982.