العراق يتقدم ببطء نحو إقفال ملف مواطنيه المقيمين في مخيم الهول

وكالة أنباء حضرموت

قطع العراق خطوة جديدة لكنّها صغيرة باتجاه إنهاء معضلة مواطنيه المقيمين في مخيم الهول بشمال شرق سوريا والذي يؤوي أفراد عائلات تنظيم داعش.

ولا تمثّل المئة وثلاث وخمسون عائلة التي كُشف، الخميس، عن نقلها من سوريا إلى الداخل العراقي سوى جزء من بضعة آلاف من العراقيين الذين ما يزالون مقيمين في المخيم.

وعلى الرغم من مضي ثماني سنوات على هزيمة تنظيم داعش المتشدّد والتي أفضت إلى الزج بالآلاف من عوائل مقاتليه في المخيم سيء السمعة إلا أن عملية حل مشكلة هذه العوائل تعطلت عراقيا وحتى دوليا بسبب التعقيدات القانونية والاجتماعية وأيضا الأمنية في التعامل معهم.

وباتت حالة المخيم وأوضاع سكانه بمثابة مشكلة إنسانية كبيرة وخصوصا في ما يعلّق بالأطفال الذين ولد بعضهم قبل هزيمة التنظيم وولد آخرون بعد ذلك ولم يعرفوا من محيط سوى المخيم الذي يعتبر بمثابة سجن كبير لهم.

◄ مع اقتصار جهود العراق في معالجة الملف على التجميع والاحتجاز والمحاسبة القانونية للنساء المنتميات للتنظيم بطريقة تحمل الكثير من العيوب والثغرات، تغيب أيّ معالجة اجتماعية للمشكلة

وبالنسبة إلى العراق واجهت إعادة المواطنين من المخيم اعتراضات من قبل سكان عدّة مناطق يرفضون توطين عوائل داعش في مناطقهم التي كانت قد عانت ويلات التنظيم عند احتلاله لتلك المناطق بين سنتي 2014 و2017.

كذلك يفتقر البلد إلى آليات واضحة لإدماج تلك العوائل وعلى الأقل شريحة الأطفال من بينها إذ أن نقلهم من مخيّم إلى آخر لن يحل المشكلة ولن يمنع من إيجاد خزين بشري جديد للتنظيمات الإرهابية المتشدّدة.

وتقول السلطات العراقية إنّ جميع أفراد العائلات العائدة إلى العراق يخضعون إلى تأهيل نفسي وفحوص أمنية مستمرة داخل مخيم الجدعة يهدف إلى ضمان أنهم لا يشكلون أيّ خطر.

وأفاد مصدر أمني عراقي وكالة فرانس برس، الخميس، بأن بغداد أعادت الأربعاء أكثر من 150 أسرة عراقية من مخيّم الهول، موضحا أن وجهة أفراد تلك العوائل كان مخيم الجدعة في ريف مدينة الموصل بشمال العراق.

وكانت مديرة مخيم الهول جيهان حنان قد أوضحت أن هذه المجموعة المعادة إلى العراق مكونة من 505 أشخاص وهي السادسة التي تغادر منذ مطلع العام الجاري المخيم الذي تديره القوات الكردية الموالية للولايات المتّحدة.

جيهان حنان: أكثر من 4000 شخص غادروا المخيم إلى العراق منذ بداية العام

ورغم التحديات، أعرب العراق عن اعتزامه إعادة جميع مواطنيه من المخيم وهو التزام رحبت به كل من الأمم المتحدة والولايات المتحدة في حين يظهر العديد من الدول الغربية ترددا في القيام بالمثل.

وقالت حنان إن مخيم الهول لا يزال يستضيف 37 ألف شخص، بينهم 14500 عراقي وأضافت أن “أكثر من أربعة آلاف شخص عادوا إلى العراق منذ بداية العام”.

وأوضحت حنان “بموجب الاتفاق بيننا وبين الحكومة العراقية ستكون هناك رحلتان إلى العراق شهريا”.

لكن مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي استنكر في مقابلة صحفية التخفيضات الكبيرة في تمويل المساعدات الأميركية التي قررها دونالد ترامب واعتبر أنها تعيق جهود بغداد لإعادة رعاياها من مخيم الهول بسوريا.

ويقول منتقدو التعامل العراقي مع عوائل داعش بأنّه يمثل نموذجا آخر عن سطحية المعالجة العراقية لمخلّفات حقبة التنظيم المظلمة بشكل لا يساعد على طي صفحتها بل يجعل لها نتائج وتبعات طويلة الأمد قد تمتد إلى أكثر من جيل، حيث ستظلّ جمرة التطرف مشتعلة وتستمدّ وقودها من عملية العزل والإقصاء التي يعامل بها آلاف الأشخاص الذين كانت لهم صلات ولو بسيطة بعناصر من تنظيم داعش، وجلهم لم تثبت بحقّهم تهمة الانتماء إليه.

ومع اقتصار جهود الدولة العراقية في معالجة الملف على التجميع والاحتجاز والمحاسبة القانونية للنساء المنتميات للتنظيم بطريقة تحمل الكثير من العيوب والثغرات، تغيب أيّ معالجة اجتماعية للمشكلة ويتمّ إهمال مصير الآلاف من الأطفال ويحرمون من حقوقهم الأساسية وعلى رأسها إثبات النسب والتسجيل في السجلاّت الرسمية للحصول على أوراق ثبوتية، فضلا عن الحرمان من التعليم.

ويذهب حقوقيون إلى وصف هذه الطريقة في معاملة عوائل داعش، وحتى المشتبه بانتمائهم للتنظيم، بأنّه عبارة عن محاربة للتشدّد بالتشدّد، مذكّرين بوجود حقوق أساسية معترف بها دوليا لا يمكن إسقاطها أو تجاوزها عند محاسبة أعتى المجرمين والإرهابيين، كما أنّ هناك مبادئ راسخة على رأسها تحريم العقاب الجماعي وتحميل الأشخاص تبعة جرائم اقترفها غيرهم.