سوريا تنفي المحادثات الدبلوماسية مع طهران وتستعد لرفع دعوى قضائية بقيمة 300 مليار دولار ضد النظام الإيراني

موسى أفشار
خريج جامعة المستنصرية ببغداد محلل الشأن الإيراني وشؤون الشرق الأوسط خاصة الشؤون العربية. منذ أكثر من 20 عامًا يعمل كاتبًا ومحللًا في وسائل الإعلام العربية. عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كاتب مقالات وله مقابلات وآراء عديدة في وسائل الإعلام العربية الرصينة
وكالة انباء حضرموت

في رد حازم على التصريحات الأخيرة للمسؤولين الإيرانيين، نفت مصادر مقربة من القيادة السياسية الجديدة في سوريا، أي تواصل دبلوماسي مع النظام الایراني بخصوص إعادة فتح السفارات في دمشق وطهران. وجاء هذا النفي ردًا على تصريحات فاطمة مهاجراني، المتحدثة باسم النظام الإيراني، التي أعلنت في الثالث عشر من ديسمبر 2024  أن المفاوضات جارية لتجديد العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح الخدمات الدبلوماسية بين البلدين.

وفي حديث لقناة العربية بتاريخ 24 ديسمبر 2023، قال المصدر السوري: “لم يكن هناك أي تواصل بين الإدارة السياسية السورية وإيران، بما في ذلك المناقشات الدبلوماسية حول إعادة فتح السفارات أو القنصليات.” وأكد المصدر أن القيادة السورية الحالية لا تعتزم إقامة أي علاقات مع إيران في المستقبل المنظور، سواء بخصوص وجود سفارة في دمشق أو قنصلية إيرانية في حلب.

وبالإضافة إلى التباعد الدبلوماسي، يبدو أن الحكومة السورية تستعد لتقديم دعوى قضائية دولية ضد إيران. وكشف المصدر أن الدعوى تطالب بتعويضات تقدر بـ300 مليار دولار نتيجة للأضرار التي يُزعم أن النظام الإيراني تسبب فيها من خلال دعمه العسكري لنظام الأسد المخلوع. وأخبر المصدر موقع “المدن” أن هذا التعويض يستند إلى “تدمير البنية التحتية، والجرائم ضد الشعب السوري، والمشاركة الفعالة في قمع الاحتجاجات السلمية.”

وتهدف الدعوى إلى محاسبة النظام الديني الإيراني عن ما وصفه المصدر بـ”السياسات الإجرامية والقمعية” التي خلفت دمارًا شديدًا في البنية التحتية السورية وتسببت في معاناة إنسانية هائلة. وتشمل هذه الأفعال نشر القوات العسكرية والميليشيات الوكيلة التي دعمت حكومة الأسد خلال الحرب الأهلية السورية المستمرة.

وعلى الرغم من ادعاءات مهاجراني، أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية للنظام الإيراني، إسماعيل بقائي، سابقًا إلى التواصل المحدود مع قادة سوريا الجدد. وعلى الرغم من اعتراف باقائي بتفاعل طهران مع مجموعات المعارضة السورية المختلفة، أكد عدم وجود اتصالات مباشرة مع الإدارة الحاكمة الحالية في دمشق.

وعلى الرغم من تأكيد مهاجراني خلال مؤتمر صحفي أسبوعي بأن “نحن ملتزمون بالدبلوماسية ومستعدون للمناقشات. الحوارات جارية بشأن إعادة فتح السفارات”، تبدو هذه التصريحات كاشفة لتناقض ملحوظ في الموقف الرسمي للنظام الإيراني، مما يشير إلى ارتباك محتمل داخل النظام بشأن سياسته تجاه سوريا. هذا التناقض يبرز حالة الارتباك الأوسع في رواية طهران حول علاقاتها مع دمشق، مما يشير إلى تراجع نفوذها في المنطقة.

ورفض سوريا القاطع لإعادة العلاقات مع إيران وخطتها لرفع الدعوى يمثلان انفصالًا واضحًا عن السياسة الدبلوماسية في عهد بشار الأسد. يشير هذا التحول نحو طلب التعويضات والابتعاد عن إيران إلى تغيير جذري في أولويات السياسة الخارجية السورية، مع التركيز على المساءلة وجهود إعادة البناء الوطني.

وتبرز هذه التطورات تراجع نفوذ النظام الإيراني في الشرق الأوسط، حيث تسعى الدول المجاورة لمحاسبة طهران عن تدخلاتها والأضرار الواسعة الناتجة عنها. ومع ذلك، يبقى أن نرى كيف ستستجيب المجتمع الدولي للإجراءات القانونية التي تتخذها سوريا، لكن الرسالة الواضحة من دمشق هي أن دور طهران في أزمة البلاد لن يُنسى ولن يُغفر.