هل انتهت حكاية ارتباط محمد صلاح بليفربول
نسج أنصار ليفربول علاقة رائعة مع النجم المصري محمد صلاح على مدى السنوات السبع الأخيرة لكن قصة الحب بينهما قد تنتهي قريبا ذلك لأن عقد صلاح مع فريقه ينتهي في 30 يونيو 2025 ولم يفاتحه النادي حتى الآن بإمكانية تجديد العقد بحسب ما أعلن اللاعب نهاية الأسبوع.
وقال صلاح عقب فوز فريقه على ساوثهامبتون 3 – 2 “وصلنا تقريبا إلى ديسمبر ولم أتلق أيّ عروض حتى الآن للبقاء في النادي. أنا على الأرجح في الخارج (خارج النادي) أكثر من الداخل،” مشيرا إلى خيبة أمله. وتابع “أنا أحب الجماهير، والجماهير تحبني.
في النهاية الأمر ليس بيدي أو بأيدي الجماهير. دعونا ننتظر لنرى ما سيحصل. لن أعتزل قريبا وبالتالي كل ما أفعله هو اللعب والتركيز على الموسم وأحاول الفوز بالدوري الإنجليزي الممتاز وأيضا دوري أبطال أوروبا إذ قدر لنا ذلك. أشعر بخيبة أمل لكن سنرى.”
وتناولت الصحف الإنجليزية بإسهاب تصريحات صلاح ووصفتها بأنها “قنبلة” و”صاعقة” و”إعلان صادم”. وهي ليست المرة الأولى التي يقوم فيها صلاح، أو وكيل أعماله رامي عباس عيسى، بتحريك المياه الراكدة لكن هذه المرة كان الإخراج مباشرا ومتفجّرا.
ولم يعجب هذا الأمر الكثيرين ومن بينهم مدافع ليفربول السابق جيمي كاراغر المعلق حاليا في شبكة “سكاي سبورتس” البريطانية بقوله “إذا استمر في الإدلاء بالتعليقات، وإذا أرسل وكيله رسائل مشفرة، فهذا أمر أناني. إنه يفكر في نفسه وليس في مصلحة النادي.”
وجاءت تصريحات صلاح النارية عشية مواجهة فريقه ضد ريال مدريد الإسباني حامل اللقب في دوري أبطال أوروبا وقبل أيام من مواجهة بارزة أخرى ضد مانشستر سيتي نهاية الأسبوع في الدوري الإنجليزي. وكان لسان حال هداف ليفربول السابق جون أولدريدج مماثلا بقوله “الأمر سياسي بعض الشيء، أليس كذلك؟”، وذلك في تصريحاته الأخيرة.
وأدلى صلاح الذي انضم إلى ليفربول عام 2017 قادما من روما الايطالي بتصريحاته في المنطقة المختلطة، حيث ينتظر الصحافيون على أمل أن يتوقف اللاعبون للإجابة على أسئلتهم بعد المباراة. وسواء كانت تصريحاته الإعلامية عفوية، أو على العكس مدروسة، فإنه يأتي في كل الأحوال في وقت يتألق فيه المصري بشكل لافت.
ولم يشكل صلاح أيّ خطورة على مرمى ساوثهامبتون على مدى ساعة تقريبا، لكن عندما كان فريقه في حاجة إليه عندما تخلف 1 – 2 في مطلع الشوط الثاني، كان الفرعون على الموعد، أولا من خلال إدراكه التعادل بهدف ذكي قبل أن يمنحه الفوز من ركلة جزاء أواخر المباراة. واحتفل بالهدف الثاني له في المباراة من خلال قلع قميصه مبرزا عضلاته أمام فرحة هستيرية من أنصار الفريق في المدرجات.
محاكاة رونالدو وميسي
كان هذا الهدف الرقم 300 في مسيرته مع الأندية، والرقم 223 في 367 مباراة لعبها مع الريدز، وهو خامس أفضل هداف في تاريخ ناديه. وسجل صلاح 12 هدفا هذا الموسم ونجح في تمريرات حاسمة في جميع المسابقات، ليؤكد بأنه بيضة القبان في صفوف فريقه.
وفي ما يتعلق بموضوع تجديد عقد صلاح من عدمه، لم يعلق النادي رسميا، لكنه يلـمـح إلى استمرار المفاوضات بطريقة إيجابية بين المعسكرين. لكن ما هي إستراتيجية مجموعة فينواي الرياضية مالكة النادي؟ تعرف الشركة القابضة الأميركية القيمة الرياضية والعاطفية لنجمها، لكنها تظهر ترددا في تقديم عقود طويلة الأمد ومكلفة لمن هم في الثلاثين من العمر.
ففي عام 2022، وقّع المصري على تمديد لمدة ثلاث سنوات ما جعله اللاعب الأعلى أجرا في تاريخ النادي (أكثر من 21 مليون يورو سنويا)، وفقًا لوسائل الإعلام المحلية. وفي عام 2023، رفض ليفربول عرض انتقال ضخم (حوالي 180 مليون يورو) من السعودية، بحسب المصادر ذاتها. لكن الوضع مختلف هذه المرة، ففي يناير 2025، يستطيع صلاح البدء في التفاوض مع الأندية للرحيل في الصيف المقبل دون دفع أي تعويض انتقال لـ"الريدز".
عندما خرج محمد صلاح من ملعب سانت ماري، لركوب حافلة فريق ليفربول بعد تسجيله هدفين في فوز صعب 3 – 2 على ساوثهامبتون، استقبله صوت العشرات من المعجبين وهم يهتفون باسمه.
وألقى النجم المصري نظرة سريعة على يمينه حيث كان أربعة صحافيين ينتظرون خلف حاجز معدني، لكن بدلا من إرسال اعتذاره، توجه مباشرة إليهم وسط الضجيج، وسرعان ما اتضح أن صلاح يريد أن ينفّس عن شيء ما في صدره، فبعد أن ظل صامتا في السابق بشأن مأزق عقده، قرر صلاح أن الوقت قد حان للكشف عن إحباطه، وقال “حسنا، نحن تقريبا في ديسمبر ولم أتلق أيّ عروض حتى الآن للبقاء في النادي. ربما أكون أقرب للرحيل من البقاء.”
وتوقيت هذه التصريحات ليس رائعا بالنسبة إلى ليفربول، قبل مباراته مع مانشستر سيتي اليوم الأحد، لكن من السهل أن نفهم لماذا قرر صلاح زيادة الضغط على إدارة النادي. إنه في طريقه إلى الموسم الأكثر إنتاجية في مسيرته، حتى في موسم 2017 – 2018، عندما سجل 44 هدفا وساهم بـ14 تمريرة حاسمة، بلغ معدل تسجيله هدفا واحدا كل 71 دقيقة.
بعد أداء يوم الأحد، أصبح صلاح ثالث لاعب في تاريخ ليفربول يسجل مئة هدف خارج الديار على خطى الأساطير إيان راش (161) وروجر هانت (112)، وسجل في خمس مباريات متتالية في الدوري، ومع اقترابه من إكمال 33 عامًا من عمره، ما يزال أقوى سلاح هجومي في ليفربول.
وأثار وكيل أعمال مساعد المدرب في ليفربول جوني هيتينغا، جدلا كبيرا، عندما وصف المدير الرياضي في النادي الإنجليزي ريتشارد هيوز بالروبوت، بسبب بروده في ما يتعلق بتجديد عقود أبرز لاعبيه. لكن من غير المعقول أن الحوار الجاري بين هيوز وممثل صلاح رامي عباس لم يتضمن تحديد المواقف والتوقعات من قبل الجانبين. وتنطوي المفاوضات بشكل أساسي على مناقشة الشروط شفهيا، وهو ما يؤدي عادة إلى تقديم عرض رسمي.
ويصر صلاح على أن هذا لم يحدث بعد، ولم يؤكد أو ينفي ليفربول، وأصر كبار الشخصيات في أنفيلد على أن الاتصال مع عباس كان إيجابيا ومستمرا. إن وضع صلاح الحالي كأعلى لاعب أجرا في النادي (350 ألف جنيه إسترليني أسبوعيا بالإضافة إلى المكافآت) وحاجة ليفربول إلى الاستمرار في التخطيط للمستقبل، يعني أن هذا كان دائما تجديدا معقدا مع عدم ترجيح حل الموقف سريعا.
ويريد ليفربول الاحتفاظ بصلاح، لكن يجب أن يكون ذلك في إطار يعتقد أنه منطقي ماليا، حيث يسعى إلى استخدام موارده المالية بحكمة. ويواجه هيوز تعقيدا إضافيا يتمثل في محاولة الاتفاق على تجديد عقد فيرجيل فان دايك وترينت ألكسندر أرنولد.
وكان صلاح أكثر انفتاحا عندما سُئل عن احتمال محاكاة ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو من خلال الاستمرار في إعادة كتابة الأرقام القياسية في منتصف الثلاثينات وما بعدها، وصرح ذات مرة “أنا محترف للغاية. يمكن للجميع رؤية أخلاقيات عملي. أحاول فقط الاستمتاع بكرة القدم وسألعب على أعلى مستوى لأطول فترة ممكنة.”
صلاح يمارس الشطرنج مع ليفربول، وكان حديثه مساء الأحد خطوة جريئة. الوقت فقط هو الذي سيخبر الجميع ما إذا كان له التأثير الذي يرغب فيه خلال عملية التفاوض، لكن كلماته دلت على أنه يريد البقاء في ليفربول بعد هذا الموسم، ويحاول الحصول على الصفقة التي يعتقد أنها تعترف بشكل مناسب بمكانته الدائمة في كرة القدم العالمية.
تصدر المشهد بقوة
تصدر محمد صلاح نجم ليفربول المشهد بقوة داخل أرجاء ناديه الإنجليزي، بأكثر من سيناريو، خلال الأيام القليلة الماضية. لكن قائد منتخب مصر تصدر المشهد بأكثر من واقعة تجعله بطلا جديدا لسلسلة تقارير لأبرز أحداث الأسبوع.
وبعد الفوز على ساوثهامبتون، خرج صلاح، وقال لوسائل الإعلام “أنا محبط،” وبرّر ذلك بأن إدارة ليفربول لم تقدم له أيّ عرض لتجديد تعاقده الذي سينتهي بنهاية الموسم الجاري. ولم يكتف نجم ليفربول بذلك، بل أوضح “بالوضع الحالي أرى نفسي خارج الفريق أكثر من الاستمرار معه.” وبدأت وسائل الإعلام في التكهن بوجهة محمد صلاح القادمة بين الدوري السعودي أو الأميركي، أو ربما الانتقال إلى باريس سان جرمان، حيث تربطه صداقة برئيس النادي الفرنسي ناصر الخليفي.
◙ صلاح سجل 12 هدفا ونجح في تمريرات حاسمة في جميع المسابقات، ليؤكد بأنه بيضة القبان في صفوف فريقه
ولكن ما اتفقت عليه الكثير من التقارير أن صلاح يبدأ حملة جديدة للضغط على إدارة ليفربول، من أجل تحقيق مطالبه في التجديد بالحصول على أعلى راتب ممكن، وكذلك مدة التعاقد المستهدفة بثلاث سنوات. وبالفعل وجدت رسائل صلاح، صدى واسعا بين جماهير ليفربول التي رفعت لافتة عملاق في مدرجات أنفيلد خلال مواجهة ريال مدريد تطالب فيها ملاك النادي بتجديد عقد صلاح والاستجابة لكل رغباته بأيّ شكل.
وخلال المباراة، أضاع محمد صلاح ركلة جزاء بتسديد كرة لامست القائم الأيمن للبلجيكي تيبو كورتوا حارس ريال مدريد، ولكن جماهير الريدز واصلت هتافها الشهير لمحمد صلاح. في المقابل، تباينت ردود الأفعال تجاه صلاح بين الهولندي أرني سلوت مدرب ليفربول، الذي أكد مرارا وتكرارا أن ما قاله النجم المصري لا يشتت تركيزه أو تركيز أي لاعب داخل الفريق أو حتى صلاح نفسه، بل إن الأمر يعد أيضا حافزا لصلاح لتقديم أفضل ما لديه.
أما جيمي كاراغر مدافع ليفربول ومنتخب إنجلترا السابق، فقد وصف صلاح بأنه “أناني” ويهتم بمصالحه فقط، منتقدا توقيت تصريحات اللاعب قبل أيام قليلة من مواجهة مهمة أمام ريال مدريد. فيما أكد النجم الإنجليزي الآخر ريو فرديناند مدافع مانشستر يونايتد السابق، تفهمه التام لمحمد صلاح. وأوضح أن نجم ليفربول تحدث بكل صراحة وشفافية، وأنه يستحق من إدارة النادي التقدير المناسب لأنه النجم الأول للفريق على مدار أكثر من 7 سنوات.
مستقبل مجهول
استهل الهولندي أرنه سلوت مهامه مدربا لليفربول الإنجليزي بطريقة شبه مثالية حتى الآن على الصعيدين المحلي والقاري، لكن الضبابية التي ترافق مستقبل ثلاثة من أعمدة الفريق وهم المصري محمد صلاح والقائد الهولندي فيرجيل فان دايك وترنت ألكسندر – أرنولد تلقي بظلالها على موسم مذهل.
وتنتهي عقود صلاح وفان دايك وألكسندر – أرنولد، في نهاية الموسم الحالي ويستطيعون البدء في التحدث إلى أندية خارجية خلال فترة الانتقالات الشتوية مطلع الشهر المقبل. لكن بدل أن تساهم هذه الضبابية حول مستقبل الثلاثي المؤثر على زعزعة استقرار بداية سلوت الرائعة في أنفيلد، فإن الحصول على فرصة أخيرة لتحقيق المجد قد حفزت الحرس القديم لليفربول.