خامنئي يتعمد التعميم ليحصر التهديد بالرد في حال استهداف إيران
هدد المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران علي خامنئي إسرائيل والولايات المتحدة، السبت، بـ”رد ساحق” على الهجمات ضد إيران وعلى تلك التي تستهدف “محور المقاومة”.
ويسعى خطاب خامنئي للتفريق بين الرد على استهداف إيران بشكل مباشر وبين استهداف حلفائها، الأول يهدد المرشد الأعلى بالرد عليه بقوة، لكن من سيرد على استهداف “محور المقاومة” في الوقت الذي يتعرض فيه حزب الله وحركة حماس لضربات إسرائيلية يومية واغتيال واختطاف قادتهم.
ويتساءل مراقبون عن الوقت الذي سيأذن فيه المرشد الأعلى بالرد على استهداف “محور المقاومة”، وهل أن هذه الخطوة لا يمكن لإيران أن تخطوها إلا بعد القضاء على حزب الله وحماس وإخماد المقاومة كليا.
ويرى المراقبون أن خامنئي يكشف عن طريقة التفكير الإيراني في العلاقة بالوكلاء في “محور المقاومة”، وهي دفعهم إلى المواجهة لتحقيق مكاسب لإيران أو فتح باب الحوار بينها وبين طرف إقليمي ودولي، وهو ما يعني توظيف المقاومة كواجهة لخدمة مصالح إيران.
وتتبنى إيران إستراتيجية تقوم على التأثير من دون الانخراط المباشر في الحرب لقطع الطريق أمام محاولات استهدافها، لكن إسرائيل كسرت هذه الإستراتيجية وضربت إيران في مواطن متعددة سواء في سوريا أو في إيران فضلا عن إلحاق خسائر كبيرة بحلفاء طهران، لكن طهران ما تزال تتمسك بإستراتيجيتها القائمة على الاشتباك بالوكالة.
وإذا تعرضت “المقاومة” لضربات قاصمة، كما هو الأمر مع حماس أو حزب الله، فإن إيران تعمل على استثمار أزمتيهما إعلاميا وسياسيا بإصدار بيانات الإدانة. وكان واضحا هذا التمشي خاصة مع اغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية على أراضيها ومقتل أمين عام حزب الله حسن نصرالله، وهو حليفها الرئيس في المنطقة.
ويأتي تهديد خامنئي في وقت تتصاعد فيه تهديدات مسؤولي إيران بشن ضربة أخرى ضد إسرائيل في أعقاب هجوم 26 أكتوبر، والذي استهدف قواعد عسكرية ومواقع أخرى في إيران، وأودى بحياة خمسة أشخاص، على الأقل.
ومن شأن أيّ هجمات أخرى يشنها أحد الجانبين إغراق الشرق الأوسط في صراع إقليمي أوسع قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة يوم الثلاثاء الـ5 من نوفمبر الجاري، في الوقت الذي تترنح فيه المنطقة بسبب الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، والغزو البري الإسرائيلي لجنوب لبنان.
وقال المرشد الإيراني في مقطع فيديو نشرته وسائل الإعلام الرسمية في إيران “بكل تأكيد، سيتلقى الأعداء، سواء النظام الصهيوني أو الولايات المتحدة، ردا ساحقا على ما يفعلون بإيران والأمة الإيرانية وجبهة المقاومة.”
يشار إلى أن خامنئي، الذي يبلغ من العمر 85 عاما، اتبع نهجا يتسم بقدر أكبر من الحذر في تصريحات سابقة، وقال إن المسؤولين سيقيّمون رد إيران وإنه لا يجب المبالغة في ما يتعلق بالهجوم الإسرائيلي “أو التقليل من شأنه.”
وقال الناطق باسم الحرس الثوري الإيراني علي محمد نائيني السبت إن إيران سترد على “العمل الشرير الجديد” الذي قامت به إسرائيل، في إشارة إلى هجوم 26 أكتوبر.
وتابع وفق وكالة “فارس” الإيرانية “الرد على العدوان الصهيوني الأخير على إيران سيكون حتميا وحاسما وخارجا عن إدراك العدو”.
ورغم جهود إيران للتقليل من أهمية الهجوم، أظهرت صور لأقمار اصطناعية أن الهجمات الإسرائيلية ألحقت أضرارا بقواعد عسكرية قريبة من العاصمة الإيرانية طهران، مرتبطة ببرنامج الصواريخ الباليستية، إلى جانب أضرار بقاعدة تعود للحرس الثوري الإيراني، تستخدم في إطلاق الأقمار الاصطناعية.
كما أن حلفاء إيران، أو ما تطلق عليه طهران “محور المقاومة”، تعرضوا أيضا لأضرار بالغة نتيجة للهجمات الإسرائيلية المتواصلة، وخاصة جماعة حزب الله اللبناني وحركة حماس في قطاع غزة.
ولطالما وظفت إيران الجماعتين، كوسيلة غير متكافئة، لمهاجمة إسرائيل وكدرع ضد أيّ هجوم مباشر. ويرى محللون أن هذه الجماعات تريد من إيران المزيد لدعمها عسكريا.
ويضم محور المقاومة، الذي تأسس على مدى سنوات بدعم من إيران، حماس وجماعة حزب الله اللبنانية وحركة الحوثي في اليمن وجماعات شيعية مختلفة في العراق وسوريا. وتصف هذه الجماعات نفسها بأنها مقاومة لإسرائيل والنفوذ الأميركي في الشرق الأوسط.
ويأتي التصعيد الكلامي لخامنئي في وقت تواجه فيه إيران مشاكل خاصة في الداخل، حيث يعاني اقتصاد البلاد تحت وطأة العقوبات الدولية، كما شهدت سنوات من احتجاجات متعددة واسعة النطاق.
والتقى المرشد الأعلى، السبت، بحشد من طلبة المدارس والجامعات الإيرانية من مختلف أنحاء البلاد، بمناسبة يوم الطالب.
ويحيي يوم الطالب ذكرى حادثة 4 نوفمبر 1978، عندما فتح جنود إيرانيون النار على طلاب مشاركين في احتجاجات ضد حكم الشاه في جامعة طهران، مما أسفر آنذاك عن مقتل وإصابة العديد من الطلاب، وأدى إلى تصعيد التوترات التي كانت تعصف بإيران في ذلك الوقت، والتي قادت في نهاية المطاف إلى فرار الشاه من البلاد، وقيام الثورة الإسلامية عام 1979.