أكاديمي تونسي: صعوبات في الموارد والتنمية تواجه موازنة 2025

وكالة أنباء حضرموت

أظهرت أرقام أعلنتها وزيرة المالية التونسية سهام البوغديري نمصية خلال جلسة للبرلمان، تزايد قيمة الموازنة لعام 2025 بنحو 3.3 في المئة مقارنة بموازنة السنة الحالية.

ووفق نمصية، تبلغ قيمة الموازنة المقترحة من الحكومة 78.2 مليار دينار (25.2 مليار دولار) في حين كانت موازنة العام الحالي نحو 77 مليار دينار (24.96 مليار دولار)، بحسب تقرير نشره مجلس نواب الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان التونسي) عبر حسابه على فيسبوك. وقالت نمصية إن “عجز الموازنة لسنة 2025 سيبلغ 10.1 مليار دينار (3.2 مليار دولار) وسيتم تمويله أساسا عبر الاقتراض”.

كما أظهر مشروع الموازنة أن الحكومة تعوّل على الاقتراض الداخلي لتغطية العجز في النفقات، مقابل تقليص الاقتراض الخارجي. ووفق أرقام نشرها إعلام محلي حول مشروع قانون المالية لعام 2025 ستعمل الدولة على مضاعفة قيمة قروضها الداخلية، مقابل تخفض القروض الخارجية. وأظهر المشروع أن الدولة ستسدد في 2025 نحو 9.7 مليار دينار (3.14 مليار دولار) كديون داخلية و8.4 مليار دينار (2.72 مليار دولار) من الديون الخارجية.

وكشف مشروع قانون الموازنة أن الحكومة سترفع الضرائب على الموظفين أصحاب الدخل المتوسط والعالي وعلى الشركات، وستخفض في المقابل الضرائب على أصحاب الدخل الضعيف.

وعن عدم إدراج تمويل المشاريع الكبرى في مشروع قانون المالية (الموازنة) لعام 2025، قال أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية رضا الشكندالي “عادة ما تلجأ الدولة إلى الضغط على هذا الباب وهو نفقات التنمية الخاصة بالمشاريع الكبرى، نظرا إلى الضغوط التي تعترضها في توفير السيولة المالية الخاصة بنفقات العام”.

وأضاف الشكندالي “الدولة تلجأ إلى التقليص من هذا الباب نظرا للعوامل التي لا تتحكم فيها في تعبئة الموارد الخارجية”، لافتا إلى أنه “حاليا المشاريع التي تنوي الحكومة القيام بها خلال الفترة القادمة لم تبرز في وثيقة رسمية”. واقترضت الحكومة التونسية من القطاع المصرفي المحلي في 2024، نحو 21 مليار دينار (6.7 مليار دولار)، بزيادة 10 مليارات دينار (3.15 مليار دولار) عن 2023.

واعتبر الشكندالي أن “هذا الاقتراض الكبير ستكون له تداعيات ليست بالجيدة، خاصة وأنه سيوجه إلى تمويل النفقات الاستهلاكية أي دعم الميزانية”، مؤكدا أن “الأصل، عندما يكون الاقتراض المباشر من البنك المركزي يوجه إلى نفقات التنمية أي إلى تمويل المشاريع الكبرى، وهذا ستكون له تداعيات جيدة ولكن ليس على المستوى القريب بل البعيد”.

وأفاد الشكندالي “الدولة ستلجأ إلى الاقتراض لسد الفجوة المالية لاحتياجات المالية العمومية، نظرا إلى المقاربة التي يعتمدها الرئيس قيس سعيد بالاعتماد على الذات، والتقليص من الاقتراض الخارجي، هذه المقاربة ليست شاملة بالمفهوم الاقتصادي، لأن التعامل مع المؤسسات الدولية أولا، يوفر الموارد المالية بالعملة الصعبة بتكلفة ضعيفة حتى مقارنة بالتكلفة الداخلية لأن نسبة الفائدة مرتفعة جدا في تونس”.

وثانيا وفق الشكندالي “يعطي أريحية بالنسبة إلى البنوك التونسية وللبنك المركزي لتحويل هذه السيولة لتمويل القطاع الخاص وبالتالي دفع النمو الاقتصادي”.

وأردف الأكاديمي التونسي “عندما توجه الحاجات التمويلية إلى الداخل، هذا سيرهق القطاع البنكي ولا يمكنه من لعب دوره الأساسي وهو إقراض القطاع الخاص، هذا ستكون له تداعيات على النمو الاقتصادي الذي سيتراجع ويحدث ركودا سيؤثر على الموارد الجبائية للدولة، بالتالي سيسقط سياسة الاعتماد على الذات التي تعتمد أساسا على الموارد الجبائية في الفخ”.

الدولة ستلجأ إلى الاقتراض لسد الفجوة المالية لاحتياجات المالية العمومية، نظرا إلى المقاربة التي يعتمدها الرئيس قيس سعيد بالاعتماد على الذات

ورصدت الحكومة في مشروع قانون المالية لعام 2025، أن عدد موظفي الدولة بلغ 663 ألفا و757، وأقرت المواصلة في تشجيع الموظفين على التقاعد المبكر.

واعتبر الشكندالي ذلك “مفارقة عجيبة مع أن الخيار هو عدم التوجه للاقتراض من صندوق النقد الدولي، ولكن في الوقت نفسه تتجه الحكومة التونسية إلى هدف أساسي يحبذه صندوق النقد الدولي وهو التخفيض في فاتورة الأجور”، مضيفا “السيادة الوطنية والاعتماد على الذات، يمكن أن يحدثا عندما نتفاوض مع صندوق النقد الدولي وتكون لنا رؤية اقتصادية نقنع بها الصندوق”.

وبخصوص ما ورد في مشروع الموازنة أن الدولة تهدف إلى تحقيق نسب نمو بـ3 في المئة، شكك الخبير الاقتصادي في تحققها “لأن وزارة المالية لم توضح كيف ستحقق هذه النسبة”.

وأضاف “بالنسبة إلى هذه السنة، توقعات صندوق النقد الدولي كنسبة نمو في تونس، هي 1.6 في المئة هذه السنة واستقرارها السنة القادمة، وتحقيق 1.6 نسبة نمو أمر صعب جدا لهذه السنة لأننا سجلنا في الربع الأول نموا بنسبة 0.2 في المئة و1 في المئة في الربع الثاني، بما يعني المجموع 0.6 في المئة في النصف الأول”.

وتعاني تونس أزمة اقتصادية نتيجة سنوات صعبة مناخيا أثرت على المنتجات الزراعية، وتبعات تضخمية تسببت بها الحرب الروسية – الأوكرانية وجائحة كورونا قبلها.

وتشهد البلاد منذ أكثر من 3 سنوات عجزا في مواد وسلع أساسية، حتى أن صيف 2023 شهد طوابير طويلة أمام المخابز للحصول على الخبز، فيما تستمر ندرة مواد مثل السكر وزيت الطبخ المدعوم.

ولا يزال التضخم مرتفعا في البلاد عند مستوى 6.7 في المئة في سبتمبر الماضي، وهو أعلى من المستهدف البالغ 2 في المئة. ويتوقع البنك المركزي أن يسجل التضخم حوالي 7.2 في المئة في كامل 2024، مقابل 9.1 في المئة في 2023.