خوري تتجه لإطلاق مبادرة جديدة في ليبيا متجاهلة الدعوات لتعيين رئيس جديد للبعثة الأممية
تتجه رئيسة البعثة الأممية بالوكالة ستيفاني خوري إلى إطلاق مبادرة جديدة للحوار السياسي، بينما اتسعت دائرة المنادين بتعيين ممثل خاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، لتيسير المفاوضات مستقبلا، وكسر الجمود الحالي الذي يخيم على العملية السياسية.
وطالبت مجموعة الدول الأفريقية في مجلس الأمن، الجزائر وموزمبيق وسيراليون إلى جانب غينيا من منطقة البحر الكاريبي، كافة الأطراف على تقديم الدعم الكامل، والمشاركة في جهود الوساطة لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ورحبت بالاتفاق الذي توصلت إليه الأطراف الليبية بشأن حل أزمة المصرف المركزي، مؤكدة أن هذا الإنجاز يؤشر على خطوة مهمة نحو الاستقرار في البلاد، داعية جميع المؤسسات ذات الصلة للعمل سويا في هذا المسعى.
وأشارت المجموعة التي تحظى بالعضوية غير الدائمة إلى ضرورة تعيين مجلس محافظين للمصرف المركزي، وتسريع الترتيبات المالية وإنشاء ميزانية وطنية موحدة، مبرزة دور المصرف في حماية موارد ليبيا وتحديدا الاحتياطي الكبير من النفط وضمان أن ثروة البلاد تكون لمنفعة كل الليبيين وليس لمصلحة مجموعة أو أفراد بعينهم.
جاء ذلك بعد أيام قليلة من تأكيد الدول الأعضاء في مجلس الأمن على ضرورة قيام الأمين العام بتعيين ممثل خاص جديد للأمين العام لليبيا في أقرب وقت ممكن، وإعرابها عن استعدادها لدعم المزيد من الجهود الرامية إلى تعزيز العملية السياسية وتعزيز السلام والأمن والتنمية وحقوق الإنسان في ليبيا.
وفي بيانهم الصادر بتاريخ التاسع من أكتوبر الجاري، جدّد أعضاء مجلس الأمن دعوتهم للجهات الفاعلة والمؤسسات الليبية إلى الامتناع عن معالجة أيّ إجراءات أحادية الجانب من شأنها أن تزيد من التوترات وتقوض الثقة وتعزز الانقسامات المؤسسية والخلافات بين الليبيين. ورحبوا باستئناف إنتاج النفط وأكدوا على الحاجة إلى نزع الطابع السياسي عن موارد النفط الليبية، وضمان استخدامها من أجل ازدهار الشعب الليبي ورفاهيته.
أعضاء مجموعة السبع دعوا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى تعيين مبعوث أممي جديد دون تأخير
وتتمسك الدول دائمة العضوية بضرورة تعيين مبعوث جديد للأمم المتحدة ليحل محل المبعوث المستقيل منذ مارس الماضي عبدالله باتيلي، ومن بينها روسيا التي أكد وزير خارجيتها سيرجي لافروف أنه لا بدّ من الإسراع في تعيين مبعوث للأمم المتحدة إلى ليبيا في أقرب وقت ممكن.
وجاءت استقالة باتيلي على خلفية تعثر مبادرته لجمع الأطراف الرئيسية الخمسة (المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة ومجلس النواب والقيادة العامة ومجلس الدولة) على طاولة مفاوضات تستهدف حل الإشكالات التي حالت دون إجراء الانتخابات في العام 2021.
وأوضح مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أن موسكو غير مستعدة لتمديد تفويض بعثة الأمم المتحدة في ليبيا لفترة طويلة، طالما لم يتم تعيين رئيس جديد لها.
وقال نيبينزيا خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي الأربعاء الماضي “نأسف لإطالة أمد الفترة الانتقالية (في البعثة) بعد رحيل عبدالله باتيلي (من منصب المبعوث الأممي الخاص)”.
وتابع “كلنا ندرك أنه مهما بذل موظفوه السابقون جهودهم، لا تستطيع البعثة دون رئيس دائم جديد، متفق عليه من قبل مجلس الأمن الدولي أن تؤدي مهامها الهامة لمواكبة الحوار الوطني”، وأكد “في هذه الظروف لا يمكننا أن نوافق على تمديد بعثة الأمم المتحدة في ليبيا لفترة طويلة”، مشددا على أن روسيا مستعدة للعمل على إيجاد حل لهذه القضية بأسرع ما يمكن، وتتوقع من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مقترحات جديدة بشأن المرشحين لمنصب المبعوث الجديد.
وفي أواخر سبتمبر الماضي، أعرب أعضاء مجموعة السبع عن دعمهم لجهود القائمة بأعمال المبعوث الأممي ستيفاني خوري لدعم استقرار ليبيا، ودعوا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى “تعيين مبعوث أممي خاص جديد دون تأخير”.
خوري تتجاهل الدعوات المنادية بتعيين مبعوث جديد مما يشير إلى تلقيها تطمينات من الإدارة الأميركية بالاستمرار في منصبها الحالي
وفي ختام اجتماع في أعقاب قمة المستقبل بنيويورك، أكد وزراء خارجية مجموعة السبع “ضرورة إعادة إطلاق العملية السياسية التي يقودها الليبيون ويملكها الليبيون والتي تسيرها الأمم المتحدة من أجل إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة”.
وتضم مجموعة الدول السبع كندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، كما شارك في الاجتماع الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، وتولت خوري مهام المبعوث الأممي عبدالله باتيلي الذي قدم استقالته في منتصف أبريل الماضي، ومنذ ذلك الحين تجري خوري مباحثات مع الأطراف السياسية في ليبيا.
ومنذ مايو الماضي دعا مجلس الأمن الدولي إلى تعيين مبعوث أممي جديد، خلفًا للسنغالي عبدالله باتيلي، وذلك “في أقرب وقت ممكن”، مؤكدا في بيان استمرار “دعمه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وقيادتها”.
بالمقابل، تستعد الأمم المتحدة لإطلاق حوار سياسي جديد بين الفرقاء الليبيين في إطار الجهود المبذولة لحل الأزمة السياسية في ليبيا، وبحسب أوساط سياسية، فإن البعثة الأممية تسعى إلى ضمان نجاح مبادرتها من خلال التنسيق مع قوى داخلية وخارجية ومنها دول الجوار، ومع المجلس الرئاسي واللجنة العسكرية المشتركة 5+5، بما يساعد على بناء جسور الثقة بين جميع الأطراف، والتأسيس لروح إيجابية يمكن البناء عليها في تشكيل ملامح الوضع النهائي.
وأبرزت رئيسة البعثة بالوكالة ستيفاني خوري أن حل أزمة المصرف المركزي يعطي بارقة أمل في إحراز تقدم في عملية سياسية شاملة ترعاها الأمم المتحدة ويمكنها أن تضع البلاد على طريق الانتخابات العامة واستقرار طويل الأمد.
الأفارقة هم الأكثر فهما لمجريات الأحداث في الساحة الليبية لكن تدخلات العواصم الغربية وتمسك الفرقاء الداخليين بمصالحهم يحولان دون تحقيق نتائج إيجابية
وتتجاهل خوري الدعوات المنادية بتعيين مبعوث جديد مما يشير إلى تلقيها تطمينات من الإدارة الأميركية بالاستمرار في منصبها الحالي.
وقالت خوري إن البعثة تعمل بجد من أجل دفع هذه العملية إلى الأمام، لاسيما أن الدعم الدولي يبقى أمرا حاسما لإجرائها، وأكدت أن استمرار الإجراءات أحادية الجانب لن يؤدي إلا إلى تقويض سيادة البلاد وإغراقها في المزيد من الأزمات، وتشتيت الانتباه عن المهمة المطروحة وهي تمهيد السبيل لحل سياسي شامل قادر على أن يعالج قضايا مثل الانقسام الحالي داخل مؤسسات الدولة، والحاجة إلى حكومة موحدة، واستعادة الشرعية الديمقراطية عن طريق الانتخابات.
وبحسب خوري، فإن الليبيين أوضحوا رغبتهم في إجراء عملية سياسية لمعالجة القضايا الأساسية بعيدة المدى، وتشمل هذه القضايا طبيعة الدولة الليبية وبنيتها، والتوزيع العادل للثروات على جميع الليبيين. وهذا يستلزم حواراً شاملا ، مشيرة إلى أن الأحداث الأخيرة أظهرت أن تدابير بناء الثقة، مثل إنهاء الإجراءات أحادية الجانب، أو تأمين ضمانات للوفاء بالالتزامات المُتعهد بها، أكثر أهمية من أيّ وقت مضى للتقدم في إجراء عملية سياسية بناءة.
وقال رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة إن حكومته عازمة خلال المرحلة المقبلة على المضي قدما لتحقيق قرارات محورية، لإزالة العوائق التي شوهت مسار الاستقرار، الذي تصر على تحقيقه، وإن هذه الإجراءات لن تكون الأخيرة، وإن الحكومة مستمرة بقوة في هذا المسار، معتبرا أن كل ذلك يصب في صالح الرؤية الواضحة لمستقبل ليبيا، التي يجب أن تعبر من خلال إنهاء المراحل الانتقالية، والذهاب المباشر لإجراء الانتخابات، عبر أساس قانوني متين ونزيه.
وفي ذات السياق، دخل الاتحاد الأفريقي بقوة على خط مساعي حلحلة الأزمة، وقال الرئيس الموريتاني، رئيس الاتحاد ، محمد ولد الشيخ الغزواني إن زيارته التي أداها إلى ليبيا الجمعة الماضي جاءت في إطار الجهود التي يبذلها الاتحاد الأفريقي للمساهمة في تحقيق المصالحة الوطنية الليبية، ويراد منها أن تكون محطة حاسمة، وخطوة إلى الأمام في مجال إنهاء الخلافات بين الأشقاء الليبيين، مردفا أن “الغاية من هذه الزيارة هي التحضير الجيد للاجتماع القادم في أديس أبابا، باعتباره أساسا لعملية سلام شاملة تفضي إلى ميثاق للمصالحة الوطنية وضمان عودة ليبيا إلى الأدوار التي كانت تلعبها؛ على أن يتم تحديد موعد ذلك الاجتماع لاحقا بالتشاور من أجل الوصول إلى الغايات المنشودة وهي المؤتمر الوطني للمصالحة كهدف أسمى”.
ولا يستبعد مراقبون، أن تكون دعوة المجموعة الأفريقية في مجلس الأمن لتعيين مبعوث جديد في ليبيا بتنسيق مباشر مع مفوضية الاتحاد الأفريقي التي تسعى إلى تحريك المياه الراكدة في الدولة العربية الواقعة في شمال القارة، مشيرين إلى أن الأفارقة هم الأكثر فهما لمجريات الأحداث في الساحة الليبية لكن تدخلات العواصم الغربية وتمسك الفرقاء الداخليين بمصالحهم يحولان دون تحقيق نتائج إيجابية