واحدة من أكبر الشركات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي تواجه التقسيم
تدرس وزارة العدل الأميركية مطالب قاضٍ فيدرالي بإلزام غوغل ببيع أجزاء من أنشطتها، مما قد يمثل خطوة تاريخية نحو تقسيم واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم.
وذكرت الوزارة في ملف قضائي الثلاثاء، تأكيدًا لتقرير سابق نشرته “بلومبيرغ نيوز”، أن مسؤولي مكافحة الاحتكار يفكرون في تقسيم الشركة للحد من هيمنة ألفابت في مجال البحث على الإنترنت.
كما قد يطلب القاضي أميت ميهتا من غوغل توفير إمكانية الوصول إلى البيانات الأساسية التي تستخدمها للوصول إلى نتائج البحث ومنتجات الذكاء الاصطناعي.
وأكدت وزارة العدل أنها “تدرس حلولاً سلوكية وهيكلية تهدف إلى منع غوغل من استخدام تطبيقات مثل كروم و بلاي وأندرويد للحصول على ميزة تفضيلية على حساب المنافسين أو الشركات الناشئة في سوق البحث عبر محرك غوغل، بما في ذلك نقاط الوصول وميزات البحث الناشئة، مثل الذكاء الاصطناعي”.
والوثيقة المكونة من 32 صفحة توفر إطارًا للخيارات المحتملة التي يمكن أن ينظر فيها القاضي مع انتقال القضية إلى مرحلة معالجة المشكلة. وأشارت الوزارة إلى أنها ستقدم اقتراحًا أكثر شمولاً للحلول في الشهر المقبل.
وتعتبر هذه الخطوة من أهم الجهود لكبح جماح شركة تكنولوجيا كبرى بسبب الاحتكار غير القانوني، منذ أن حاولت واشنطن دون جدوى تقسيم مايكروسوفت قبل عشرين عامًا.
وتركزت جهود وزارة العدل ولجنة التجارة الفيدرالية الأميركية على هيمنة الشركات الكبرى في مجال التكنولوجيا، حيث قامت بتدقيق الصفقات والاستثمارات، ووجهت اتهامات لبعض أقوى الشركات في البلاد بالهيمنة غير القانونية على الأسواق.
واشنطن تدرس حلولا تهدف إلى منع غوغل من استخدام بعض التطبيقات للحصول على ميزة تفضيلية على حساب المنافسين
كما رفعت وزارة العدل في وقت سابق من هذا العام دعوى قضائية ضد شركة أبل، متهمة إياها بعرقلة الابتكار من خلال منع الشركات المنافسة من الوصول إلى ميزات أجهزتها وبرامجها.
في هذا السياق، أرسلت لجنة التجارة الفيدرالية استفسارات إلى ألفابت ومايكروسوفت وأمازون بشأن استثماراتها في الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، ضمن دراسة تهدف لفهم كيفية تأثير هذه الشراكات على المنافسة.
وقال مسؤولو مكافحة الاحتكار إن غوغل استفادت من حجمها وبياناتها من خلال اتفاقيات توزيع غير قانونية مع شركات التكنولوجيا الأخرى، مما جعل محرك البحث الخاص بها الخيار الافتراضي على الهواتف الذكية ومتصفحات الويب، بما في ذلك نظام التشغيل أندرويد الذي تستخدمه الهواتف والأجهزة والتطبيقات.
كما أفادت وزارة العدل أنها قد تسعى إلى فرض شرط يسمح للمواقع الإلكترونية بزيادة قدرتها على الانسحاب من منتجات الذكاء الاصطناعي الخاصة بغوغل.
بالإضافة إلى ذلك، تدرس الوزارة مقترحات تتعلق بسيطرة غوغل على سوق الإعلانات النصية في محرك البحث، مثل اشتراط تقديم المزيد من المعلومات والقدرة على التحكم للجهات المعلنة حول مكان ظهور إعلاناتهم. وقد تطلب الوزارة أيضًا فرض قيود على غوغل تمنعها من الاستثمار في محركات بحث منافسة أو شركات أخرى قد تشكل تهديدًا لها.
وانتقدت غوغل ملف وزارة العدل واصفة إياه بأنه “راديكالي”، مشيرة إلى أنه قد يؤدي إلى “نتائج غير مقصودة كبيرة بالنسبة إلى المستهلكين والشركات والقدرة التنافسية الأميركية”. وكتبت لي-آن مولهولاند، نائبة رئيس غوغل لشؤون الهيئات التنظيمية، في مدونة أن “المخطط الحالي يتجاوز النطاق القانوني لقرار المحكمة بشأن عقود توزيع البحث”.
وتتزايد الضغوط المتعلقة بمكافحة الاحتكار على غوغل نتيجة لعدة قضايا مرفوعة ضدها. ومن المقرر أن يعقد القاضي أميت ميهتا، الذي حكم في الصيف الماضي بأن غوغل انتهكت قوانين مكافحة الاحتكار في أنشطة البحث على الإنترنت والإعلانات النصية، جلسة بشأن العلاج المقترح في الربيع المقبل، مع إصدار قرار بشأنه بحلول أغسطس 2025.
وأفادت غوغل بأنها تخطط للطعن في قرار ميهتا، لكنها ستنتظر حتى ينتهي من تحديد العلاج قبل اتخاذ أيّ خطوات.
الهيئات الرقابية في الاتحاد الأوروبي روجت لخيار تفكيك أنشطة غوغل لتهدئة مخاوف مكافحة الاحتكار العام الماضي
في سياق متصل، روجت الهيئات الرقابية في الاتحاد الأوروبي لخيار تفكيك أنشطة غوغل لتهدئة مخاوف مكافحة الاحتكار العام الماضي. وأكدت مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون المنافسة، مرغريت فيستاغر أن “الخروج من الاستثمارات هو الطريقة الوحيدة” لتسوية المخاوف المتعلقة بتفضيل الشركة لخدماتها الخاصة على حساب الشركات المنافسة في مجالات تكنولوجيا الإعلانات والمعلنين والناشرين عبر الإنترنت.
وتمثل قضية الاتحاد الأوروبي هذه، التي قد تصل إلى قرار نهائي بحلول نهاية هذا العام، أحدث تصعيد في مسار طويل الأمد أدى بالفعل إلى فرض ثلاث غرامات من الاتحاد الأوروبي تبلغ مجموعها أكثر من 8 مليارات يورو (8.8 مليار دولار) بسبب انتهاكات متعلقة بخدمات غوغل الأخرى.
وقال دانيال إيفز، العضو المنتدب وكبير محللي الأسهم في “ويدبوش سيكيوريتيز”، إن “احتمال تقسيم غوغل في هذه المرحلة يبدو غير مرجح، رغم القضايا المتعلقة بمكافحة الاحتكار. ستخوض غوغل معركة قانونية ضد ذلك لسنوات”.
وفي سياق منفصل، أكدت مجموعة من الولايات الأميركية التي رفعت دعوى ضد غوغل بسبب احتكارها لنشاط البحث على الإنترنت أنها قد تسعى إلى فرض غرامة على الشركة بسبب حملة توعية عامة حول كيفية تغيير محركات البحث.
والاثنين الماضي، أصدر قاضٍ فيدرالي آخر أمراً لغوغل بفتح متجر التطبيقات الخاص بها لمدة ثلاث سنوات، وذلك في إطار قضية مكافحة احتكار منفصلة رفعتها شركة “إبيك غيمز” تتعلق بهيمنة غوغل على توزيع التطبيقات على الهواتف الذكية التي تعمل بنظام أندرويد. ومن المتوقع أن تطعن الشركة في هذا القرار أيضاً.
وفي الشهر الماضي، واجهت وزارة العدل غوغل في دعوى ثالثة لمكافحة الاحتكار تركزت على هيمنة الشركة على التكنولوجيا المستخدمة في شراء وبيع إعلانات العرض عبر الإنترنت، ومن المقرر تقديم المرافعات الختامية في تلك القضية في أواخر نوفمبر.
وقد أشار مسؤولو مكافحة الاحتكار إلى أنهم يخططون للسعي لإجبار غوغل على بيع أجزاء من نشاطها في مجال تكنولوجيا الإعلانات إذا وجدت المحكمة أنها احتكرت تلك السوق.