مصر تهيّئ المواطنين لاقتصاد الحرب تحسبا لانفلات إقليمي

وكالة أنباء حضرموت

تشغل التطورات الإقليمية وتأثيراتها على المنطقة بال الحكومة المصرية التي لم تخف تهيؤها للدخول في اقتصاد الحرب وما يتبعه من تقشف.

وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الأربعاء، إن بلاده قد تضطر إلى الدخول في اقتصاد حرب، إن ساءت التطورات واندلعت حرب إقليمية في المنطقة.

وفي اقتصاد الحرب، تتخذ الدول عادة إجراءات ومعايير اقتصادية ومعيشية تتناسب مع الطوارئ التي تعيشها بسبب تعرضها إلى حروب أو تأثرها بها، وغالبا ما تتضمن خطوات تقشف لضبط الإنفاق.

ويشير حديث مدبولي إلى أن المصريين مقبلون على مرحلة جديدة من التقشف، حيث دعت الحكومة المواطنين منذ فترة إلى تقليص النفقات قبل أن تظهر ملامح حرب إقليمية في الأفق، ومحاولة التعايش مع الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، منذ تدشين برنامج الإصلاح الاقتصادي بالتفاهم مع صندوق النقد الدولي وما ترتب عليه من رفع للدعم عن الكثير من السلع الأساسية، وارتفاع نسبة التضخم.

وكشفت مصادر مصرية لـ”العرب” أن حديث مصطفى مدبولي عن اقتصاد الحرب المقصود به التمهيد لمرحلة يمكن أن تشهد فيها البلاد صعوبات اقتصادية أكثر قسوة، ناجمة عن ارتدادات الوضع الإقليمي المتوتر.

وأضافت المصادر أن مصر عرفت اقتصاد الحرب خلال حروب سابقة خاضتها ضد إسرائيل على مدار سنوات طويلة، بين عامي 1967 و1973، واستطاعت التكيف معها وكان هناك استعداد كبير لتقبّلها.

وترى الحكومة المصرية حاليا ضرورة عاجلة في تهيئة المواطنين للدخول في مرحلة غير عادية تتطلب تحمل تكاليف باهظة، والمشكلة أن التقشف المتوقع جاء في خضم أزمة اقتصادية حادة تمر بها البلاد، ما يعني تحمل شريحة من المواطنين أعباء مضاعفة.

وأكد الخبير الإستراتيجي ومدير جهاز الشؤون المعنوية بالجيش المصري سابقا اللواء سمير فرج أن دخول مصر مرحلة اقتصاد الحرب لا يعني أنها سوف تدخل في مواجهة عسكرية مع أيّ طرف، لكن الأمر مرتبط بإجراءات شديدة التقشف.

وأوضح لـ”العرب” أن اقتصاد الحرب يعني تقليل الاستهلاك ووقف استيراد الكماليات وخفض فاتورة أيّ سلعة ليست لها أهمية واتخاذ إجراءات تقشفية في كل القطاعات والخدمات، والأمر لا يحمل أيّ مغزى عسكري أو رسالة سلبية لأحد.

ولفت سمير فرج إلى أن ما ذكره رئيس الوزراء هو تمهيد للرأي العام الداخلي بأن الأوضاع الإقليمية قد تفرض على الحكومة إجراءات خارجة عن إرادتها في ما يخص الأوضاع الاقتصادية، كي يكونوا على مقربة من الواقع ولا يفاجأون بما سيحدث، وهذا لا يعني أن مصر سوف تدخل حربا حتما.

ودرجت الحكومة المصرية، قبل ظهور التهديدات الحالية في المنطقة، على طمأنة المواطنين بشأن وجود احتياطي – مخزون إستراتيجي من بعض السلع الأساسية يكفي لستة أشهر على الأقل. وكانت القاهرة قد اتخذت مجموعة من القرارات لتوفير مخزون إستراتيجي من القمح مع تزايد خطر انفجار صراع إقليمي واسع يُقيد حركة سلاسل الإمداد، لتجنب صعوبات واجهتها بعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا وتعثر استيراد القمح الذي يعتمد عليه المصريون.

وأوضح الخبير الاقتصادي المصري علي الإدريسي أن اقتصاد الحرب يعني توجيه السلطات المصرية كل مواردها نحو التسليح والدفاع في المقام الأول ثم المرتبة الثانية توفير السلع الأساسية فقط، وعلى المواطنين مشاركة الدولة في تحمل الأعباء.

وذكر في تصريح لـ”العرب” أن ذلك يؤثر على خطط البلاد التنموية وقد يفضي إلى تقويضها وتبديد عملية استهداف تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة، لأن اقتصاد الحرب تترتب عليه بالتبعية نتائج سلبية مباشرة على الاستثمارات وعملية التوسعات التي تقوم بها الشركات بشكل عام.

وشدد على أن اقتصاد الحرب يقود في محصلته إلى التأخر في تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي، لكنه سيظل قائمًا مع مراعاة محدودة من جانب المؤسسات الدولية، ويقود إلى خلل في تنفيذ بنود الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وعدم صرف شرائح القرض المتفق عليه، وبالتالي تعرض مصر لمخاطر سوء التصنيف الائتماني لاحقا، وهي مخاطر تحيق بالبلاد حال الدخول في اقتصاد الحرب على نطاق واسع.