الإمارات وأمريكا.. شراكة استراتيجية ديناميكية في الاقتصاد والتكنولوجيا والمناخ
التقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، والرئيس جو بايدن، الإثنين، في البيت الأبيض.
وذلك خلال الزيارة الرسمية التي يقوم بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات إلى الولايات المتحدة.
وتعد هذه الزيارة هي الأولى على الإطلاق لرئيس دولة الإمارات إلى واشنطن، وتمثل الاجتماع الثنائي الرابع للزعيمين في إدارة بايدن-هاريس.
وأكد الزعيمان الشراكة الاستراتيجية والدفاعية الدائمة بين الولايات المتحدة ودولة الإمارات، وعززا مجالات تعميق التعاون في التكنولوجيا المتقدمة والاستثمارات، وناقشا القضايا العالمية والإقليمية.
وتعهد الزعيمان بالسعي إلى فرص جديدة لتعزيز شراكتهما الاقتصادية والدفاعية؛ وتعزيز السلام والاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط والمنطقة الأوسع؛ وتقديم قيادة عالمية بشأن القضايا ذات الأهمية المشتركة.
وأشارا إلى أن العلاقات والصداقة بين الولايات المتحدة ودولة الإمارات التي استمرت خمسة عقود متجذرة في أساس قوي من التعاون الوثيق الذي دعم ازدهار وأمن البلدين، بحسب بيان صدر عن "البيت الأبيض".
ورحب القادة بالتقدم الكبير الذي أحرزته دولة الإمارات والولايات المتحدة خلال فترة ولايتهما من خلال التعاون في بناء أنظمة تكنولوجية موثوقة، والشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار (PGI)، ومبادرة الشراكة بين الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة لتسريع الطاقة النظيفة (PACE)، وحوار السياسة الاقتصادية (EPD)، والتي تعمل جميعها على الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.
وفيما يلي نستعرض أبرز الجوانب والمجالات التي أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات والرئيس الأمريكي جو بايدن على تعزيزها في إطار الشراكة الاستراتيجة، كما جاء في البيان الصادر عن "البيت الأبيض":
الشراكة الاستراتيجية الديناميكية: التجارة والتكنولوجيا المتقدمة
ينعكس الأساس القوي للشراكة بين دولة الإمارات والولايات المتحدة في توافق الوثيق بشأن الأهداف الاقتصادية الرئيسية وفي تميز القطاع الخاص في الدولتين الذي يولد أكثر من 40 مليار دولار من التجارة الثنائية سنوياً والوصول إلى 26 مليار دولار من الصادرات الأمريكية إلى دولة الإمارات.
ورسم القادة مسارًا طموحاً لدولة الإمارات والولايات المتحدة لقيادة الجهود العالمية لتطوير وتوسيع مجالات جديدة مركزية للاقتصاد العالمي، وخاصة في التقنيات المتقدمة والطاقة النظيفة اللازمة لتشغيل الذكاء الاصطناعي.
ورحبوا بالشراكة بين مايكروسوفت ومجموعة 42 الإماراتية من خلال استثمار مايكروسوفت بقيمة 1.5 مليار دولار في أبريل/نيسان 2024. ويعمل هذا الاستثمار على تسريع تطوير الذكاء الاصطناعي المشترك لتوفير البنية التحتية المتقدمة للذكاء الاصطناعي والرقمنة لدول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأفريقيا.
ورحب القادة أيضًا بالتحول الرقمي الجاري لشركة Microsoft وG42 في كينيا، والذي سيستفيد من 1 غيغاواط من الطاقة الحرارية الأرضية لتشغيل مراكز البيانات لتمكين نشر البنية التحتية السحابية وخدمات الذكاء الاصطناعي للقطاع العام والصناعات المنظمة وكذلك الشركات. علاوة على ذلك، ستدعم الشراكة تطوير نماذج اللغة الكبيرة المحلية وإنشاء مختبر ابتكار في شرق إفريقيا. بالإضافة إلى ذلك، تأمل الشراكة في تشجيع الاستثمارات الدولية والمحلية في الاتصال والتعاون مع حكومة كينيا لتمكين برامج التحول الرقمي في جميع أنحاء شرق أفريقيا.
تمثل هذه المبادرات بداية شراكة واستثمارات إماراتية-أمريكية في النشر المسؤول للتكنولوجيات المتقدمة والطاقة النظيفة والتكنولوجيات الرائدة التي ستكون المحرك الذي يغذي العالم المترابط.
وللوفاء بوعد هذه اللحظة التحويلية والاستفادة من إمكانات التقنيات المتطورة لتحسين الرفاهة البشرية على مستوى العالم، رحب الرئيس بايدن والشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات بالمبادئ المشتركة للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي، التي أقرها اليوم مستشار الأمن القومي جيك سوليفان ومستشار الأمن القومي لدولة الإمارات طحنون بن زايد آل نهيان، والتي تهدف من خلالها الولايات المتحدة ودولة الإمارات إلى تعزيز التعاون بشكل أكبر، وتطوير الأطر التنظيمية، وتعزيز النشر الآمن والموثوق به للتكنولوجيات الحيوية والناشئة، وتمكين الدعم المعزز للتبادلات البحثية والأكاديمية المشتركة بين القطاعين العام والخاص.
وبناءً على التعاون الأمريكي-الإماراتي في مجال التكنولوجيا المتقدمة، تتضمن هذه الشراكة ضمانات لحماية الأمن القومي لكلا البلدين، وتمكين الاستثمارات وريادة الأعمال الموثوقة، وتسهيل الابتكار عبر الحدود، مع خلق فرص العمل وتسهيل حماية التقنيات الأمريكية المتقدمة واحترام المبادئ الدولية وأفضل الممارسات وحقوق الإنسان. وفي المستقبل، قرر القادة تعزيز توسيع العلاقات بين المجتمعات العلمية والأكاديمية والبحثية والتطويرية.
تعزيز مرونة البنية التحتية الحيوية وسلسلة التوريد
استعرض القادة التقدم المحرز في الجهود الرامية إلى بناء عالم أكثر ترابطًا وتكاملًا من خلال الالتزام بسلاسل توريد آمنة ومرنة من خلال الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار (PGI).
وناقش الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات والرئيس الأمريكي بايدن التقدم المحرز في الممر الاقتصادي التاريخي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC) الذي تم إطلاقه في قمة قادة مجموعة العشرين لعام 2023 في نيودلهي مع زعماء الهند والمملكة العربية السعودية وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي.
وأكد القادة أن الممر -الذي يربط الهند بأوروبا من خلال وصلات السفن بالسكك الحديدية عبر دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية والأردن وإسرائيل وأوروبا عبر اليونان- سيولد نمواً اقتصاديًا ويحفز الاستثمارات الجديدة ويزيد من الكفاءة ويقلل التكاليف ويعزز الوحدة الاقتصادية ويولد فرص العمل ويخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وتمكين التكامل التحويلي بين آسيا وأوروبا والشرق الأوسط.
وأكدوا أن هذه الشراكة التحويلية لديها القدرة على إدخال عصر جديد من الاتصال الدولي لتسهيل التجارة العالمية وتوسيع الوصول الموثوق إلى الكهرباء وتسهيل توزيع الطاقة النظيفة وتعزيز الاتصالات.
وأكد الزعيمان على أهمية المبادرات المشتركة لتعزيز الاقتصاد الدائري وتقليل النفايات وتسهيل إعادة التدوير وتعزيز الممارسات المستدامة، مؤكدين التزامهما بالابتكار من أجل كفاءة الموارد والنمو المسؤول بيئياً.
كما أكد القادة التزامهم بمواصلة جهودهم مع الشركاء الدوليين والقطاع الخاص لربط القارات بالمراكز التجارية وتسهيل تطوير وتصدير الطاقة النظيفة؛ ودعم التآزر التجاري والتصنيعي القائم؛ وتعزيز الأمن الغذائي وسلاسل التوريد؛ وربط شبكات الطاقة وخطوط الاتصالات عبر الكابلات البحرية لتوسيع نطاق الوصول إلى الكهرباء، وتمكين ابتكار تكنولوجيا الطاقة النظيفة المتقدمة، وربط المجتمعات بالإنترنت الآمن والمستقر.
كما ناقش القادة أهمية الجهود الجارية للتعاون في الاستثمارات الاستراتيجية في البنية التحتية الصلبة وسلاسل توريد المعادن الحيوية في أفريقيا والأسواق الناشئة على مستوى العالم. وتهدف هذه الاستثمارات إلى تنويع مصادر المعادن الحيوية التي تعد مكونات أساسية للطاقة النظيفة والتقنيات المتقدمة، بما في ذلك البطاريات وطواحين الهواء وأشباه الموصلات والمركبات الكهربائية.
وأقر الرئيس بايدن بريادة وقيادة دولة الإمارات العربية المتحدة في الاستثمارات الاستراتيجية على مستوى العالم لضمان الوصول الموثوق إلى البنية التحتية الحيوية بما في ذلك الموانئ والمناجم ومراكز الخدمات اللوجستية من خلال هيئة أبوظبي للاستثمار، وشركة أبوظبي التنموية القابضة، وموانئ أبوظبي، وموانئ دبي العالمية.
وتعهد الزعيمان بالبقاء على اتصال وثيق بشأن فرص الاستثمار المستقبلية والحفاظ على التعاون في الاستثمارات الاستراتيجية.
كما سلط الزعيمان الضوء على أن اتفاقية 123 بين الولايات المتحدة ودولة الإمارات، والتي توفر إطارًا شاملاً للتعاون النووي السلمي القائم على الالتزام المتبادل بمنع الانتشار النووي، هي "المعيار الذهبي" لتأمين ودفع الجيل القادم من التقنيات.
الشراكة لحماية الكوكب من خلال التحول إلى الطاقة النظيفة
أكد الزعيمان على أهمية القيادة الأمريكية الإماراتية في مؤتمر الأطراف COP28، والتي حفزت قادة العالم على اتخاذ إجراءات ومعالجة أزمة المناخ.
وشكر الرئيس بايدن، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات على التزامه الاستثنائي الذي كان محوريًا للنتائج الرائدة في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في دبي مما أدى إلى إجماع دولة الإمارات.
وأدرك الزعيمان أن هذه اللحظة تمثل فرصة فريدة لخلق فرص عمل مستدامة ونظيفة في مجال الطاقة، وتنشيط المجتمعات، وتحسين نوعية الحياة، وتشغيل البنية التحتية الرقمية بالطاقة المتجددة في كلا البلدين وحول العالم.
وفي هذا السياق، أكد الزعيمان التزامهما المشترك بحماية كوكبنا الثمين وتأمين مستقبل مستدام للإنسانية من خلال القيادة الموحدة عبر منصات مختلفة، بما في ذلك مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين القادم وما بعده، والتي ستعمل على تعزيز العمل المناخي وتعزيز الشراكات العالمية.
وأعرب الزعيمان عن عزمهما على الاستفادة من المبادرات الرؤيوية، بما في ذلك الشراكة من أجل تسريع الطاقة النظيفة، ومهمة الابتكار الزراعي من أجل المناخ، وتحالف المحركين الأوائل، ومنتدى المنتجين الصفريين الصافيين، وتعهد الميثان العالمي، وتحدي إدارة الكربون، وميثاق إزالة الكربون من النفط والغاز، ومسرع التحول الصناعي، والتحالف العالمي للوقود الحيوي، وصندوق الائتمان العالمي للحرق والحد من الميثان؛ وتشجيع الشراكات التجارية لإزالة الكربون من أنظمة الطاقة، والحد من الانبعاثات سعياً إلى تحقيق اقتصاد صفري صافٍ، وتحقيق الرخاء للأجيال القادمة.
وأكد الرئيس بايدن والشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات التزامهما القوي بالتعاون في مجال الاستدامة والمرونة المناخية، مؤكدين التزامهما بمعالجة التحديات العالمية من خلال حلول مبتكرة.
وأكد الزعيمان جهودهما المشتركة في تعزيز ابتكارات التكنولوجيا الزراعية والزراعة العمودية، وهي محركات رئيسية في تعزيز الأمن الغذائي للأجيال القادمة.
وسلطا الضوء على التعاون الجاري في المبادرات الإنسانية التي تهدف إلى معالجة انعدام الأمن الغذائي في المناطق المعرضة للخطر، وخاصة من خلال التنمية الزراعية وبناء القدرات في المناطق المتضررة من المناخ. وإدراكاً منهم لتأثير تغير المناخ على الصحة العامة، أكد القادة على ضرورة دمج المرونة الصحية في استراتيجيات العمل المناخي الشاملة.
كما هنأ الرئيس بايدن دولة الإمارات على نجاحاتها العديدة في عامين من الاستدامة (2023-2024)، بما في ذلك الإعلان الأخير عن استضافة مؤتمر الأمم المتحدة المقبل للمياه في عام 2026 مع السنغال، مشيرًا إلى الأهمية الحاسمة للمياه النظيفة التي يمكن الوصول إليها وبأسعار معقولة للجميع؛ وأهميتها في مختلف القطاعات في انتقال الطاقة النظيفة، ومعالجة تغير المناخ، وأجندة التنمية المستدامة.
الشراكة لتسريع الطاقة النظيفة (PACE)
في إطار مبادرة الشراكة بين الولايات المتحدة ودولة الإمارات لتسريع الطاقة النظيفة (PACE)، تعلن الولايات المتحدة ودولة الإمارات عن العديد من المبادرات التي ستواصل جهودنا لضمان انتقال سريع وسلس نحو الطاقة النظيفة.
وتظل الولايات المتحدة ودولة الإمارات ملتزمتين بالاستثمار معاً في أفريقيا والعمل على إنهاء فقر الطاقة في جميع أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. واليوم، تعد شركة Averi Finance ومقرها دولة الإمارات وشركة AMEA Power شريكتين من القطاع الخاص في إطار مبادرة Power Africa التي تقودها الولايات المتحدة، حيث انضمتا إلى شراكة قائمة مع شركة Phanes ومقرها دولة الإمارات. وباعتبارها شريكة من القطاع الخاص، سيتم تقديم مساعدة مخصصة لهذه الشركات من مستشاري المعاملات والخبراء الفنيين ويمكنها الاستفادة من الخدمات التي تقدمها الإدارات والوكالات الحكومية الأمريكية المشاركة.
لدعم مبادرة Power Africa، تعتزم Averi Finance تسهيل استثمارات بقيمة 5 مليارات دولار، وبناء 3 غيغاواط من مشاريع توليد الطاقة، وبناء أكثر من 3000 كيلومتر من خطوط النقل أو التوزيع، وإنشاء أكثر من 500000 اتصال جديد للمنزل والأعمال، والهدف هو تقليل أو تجنب ما يعادل ثاني أكسيد الكربون بمقدار 90 مليون طن. دخلت AMEA Power وPower Africa مؤخرًا في شراكة لتسريع مشاريع الطاقة. تستهدف AMEA Power 5 جيجاوات من سعة الطاقة المتجددة في أفريقيا بحلول عام 2030، ولتحقيق هذا الهدف، تعتزم تعبئة 5 مليارات دولار من رأس المال.
بالإضافة إلى ذلك، أعلنت "أدنوك"، بموجب PACE، عن حصة 35% في منشأة إنتاج الهيدروجين والأمونيا منخفضة الكربون المقترحة من إكسون موبيل في بايتاون بولاية تكساس. تهدف هذه المنشأة إلى إنتاج ما يصل إلى حوالي 900 ألف طن من الأمونيا منخفضة الكربون سنويًا، مما يتيح الانتقال إلى وقود أنظف في القطاعات التي يصعب التخفيف من آثارها. استثمرت شركة Plynth Energy - وهي صندوق حكومي في أبوظبي تم إنشاؤه مؤخرًا يركز على تقنيات الاندماج وسلاسل التوريد - في شركة Zap Energy الأمريكية، التي تخطط لبناء طاقة اندماج قابلة للتطوير ومجدية تجاريًا. سيساعد هذا الاستثمار في تمويل المزيد من تطوير تقنية الاندماج التجارية الصغيرة الحجم لشركة Zap Energy. تشارك شركة Zap Energy في برنامج تطوير الاندماج القائم على المعالم التابع لوزارة الطاقة الأمريكية (DOE)، وستتلقى تمويلًا من وزارة الطاقة بناءً على الوصول إلى معالم التطوير لدعم تصميم محطة تجريبية للاندماج.
أخيراً، وباعتبارهما اثنتين من أكثر من 155 مشاركاً في التعهد العالمي بخفض انبعاثات الميثان، ستعمل الولايات المتحدة ودولة الإمارات على تسريع تخفيضات الميثان المحلية، والعمل معًا لدعم البلدان التي تقوم بخفض انبعاثات الميثان، ودعوة الآخرين إلى القيام بنفس الشيء من خلال تطوير مشاريع خفض الميثان، وتعزيز معايير ولوائح الميثان، ومعالجة أحداث انبعاث الميثان الهائلة، وتحديد التمويل المناسب للحد من الميثان.