الواقعية السياسية تحكم توجهات ذراع الحركة الإسلامية في الأردن
لم يكن اختيار المهندس وائل السقا لمنصب الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين بالمفاجئ، ولا تخلو الخطوة من واقعية سياسية فرضتها الأوضاع الداخلية لاسيما بعد عملية “البحر الميت” وما خلفته من ارتدادات.
فوز السقا بالتزكية في الانتخابات التي جرت السبت خلال أعمال المؤتمر العام السادس لحزب جبهة العمل الإسلامي بعد انسحاب مرشحين، كان أمرا متفقا عليه مسبقا، في ظل عملية تقاسم أدوار بين ما يطلق عليهما بجناحي الحمائم والصقور.
وتولى السقا مؤقتا منصب الأمين العام للحزب بعد استقالة الأمين العام السابق المهندس مراد العضايلة، المحسوب على شق الصقور، والذي جرى انتخابه مراقبا عاما لجماعة الإخوان المسلمين في الثامن عشر من مايو الماضي.
الجماعة في الأردن لا تريد إهدار فرصة تجسيد الإنجاز الذي تحقق في الانتخابات النيابية التي جرت في سبتمبر الماضي، على أرض المجلس
وجاء اختيار السقا حينها بناء على النظام الأساسي للحزب والذي يقضي بأنه في حال استقالة الأمين العام يقوم نائبه الأول بمهامه إلى أن ينتخب المؤتمر العام خلفا له في مدة أقصاها ستة أشهر.
كان خيار ترشح السقا لانتخابات الأمانة العامة إلى ذلك الحين غير محسوم، وهناك من داخل الجماعة والحزب من يدفع باتجاه اختيار شخصية أخرى، لكن حادثة إطلاق النار التي جدت جنوبي البحر الميت الشهر الماضي وتورط فيها عضوان ينتميان إلى الحركة الإسلامية وما خلفته من تأثيرات لاسيما بعد مباركة جبهة العمل الإسلامي لها، دفعت الجماعة إلى تفضيل السقا لقيادة الحزب في هذه المرحلة الصعبة.
ويرى متابعون لشأن الحركة الإسلامية في الأردن أن حزب جبهة العمل الإسلامي في حاجة إلى شخصية مرنة مثل السقا تبدد التوتر في العلاقة مع الدولة، وأيضا مع القوى السياسية المنافسة، لاسيما وأن الحزب مقبل على معركة صعبة في علاقة برئاسة مجلس النواب، واللجان.
وقبل أيام قليلة على انتخابه للأمانة العامة للحزب، كان السقا اجتمع مع رئيس الحكومة جعفر حسان. وقال السقا إنه أبلغ رئيس الوزراء جملة من الملاحظات من بينها استعانته بوزراء تأزيم، وعدم عقد مشاورات سياسية مع الأحزاب قبيل التشكيل الحكومي.
ويقول المتابعون إن مهمة الأمين العام الجديد لحزب جبهة العمل الإسلامي لن تكون سهلة، في ظل العلاقة المتوترة مع الدولة، والمخاوف القائمة من إهدار فرصة تجسيد الإنجاز الذي تحقق في الانتخابات النيابية التي جرت في سبتمبر الماضي، على أرض المجلس.
وفي خطوة لافتة دفع حزب جبهة العمل الإسلامي بالبرلماني المخضرم صالح العرموطي إلى المنافسة على منصب رئيس مجلس النواب، وجاء القرار بعد رفض أي من القوى المنافسة داخل المجلس المساومة التي طرحها الحزب والتي تقضي بتولي أحد أعضائه الفائزين منصب نائب رئيس مجلس النواب.
ومن الواضح أن قرار حزب جبهة العمل الإسلامي الدفع بالعرموطي في مواجهة منافسه المخضرم أحمد الصفدي، هدفه خلط أوراق القوى النيابية المقابلة، لكن الأمور لن تكون بالسهولة المطروحة بالنسبة للحزب، فالإعلان عن تشكيل جبهة نيابية قوامها 75 نائبا بقيادة حزب الميثاق الوسطي يمكن أن يحرم العرموطي من موقع رئاسة مجلس النواب ويمكن أن يقصي نواب الحركة الإسلامية (31 نائبا) عن المواقع المتقدمة وحتى عن اللجان الأساسية.
مهمة الأمين العام الجديد لحزب جبهة العمل الإسلامي لن تكون سهلة، في ظل العلاقة المتوترة مع الدولة، والمخاوف القائمة من إهدار فرصة تجسيد الإنجاز الذي تحقق في الانتخابات النيابية
وتبدو مهمة السقا وفريقه السياسي صعبة في تفكيك التحديات المطروحة وأبرزها إمكانية خسارة الحزب للإنجاز الانتخابي، وما قد يقود إليه ذلك من زيادة لحدة التوترات السياسية سواء مع الحكومة أو حزامها الحزبي الممثل في البرلمان.
والسقا من مواليد عام 1956 ويحمل شهادة بكالوريوس هندسة معمارية من الجامعة الأردنية عام 1980، وشغل فيما سبق موقع نقيب المهندسين الأردنيين ورئيس مجلس نقباء أكثر من دورة، وتولى منصب رئيس سابق لاتحاد المنظمات الهندسية في الدول الإسلامية، ونائب رئيس غرفة التحكيم العربية، ورئيس اللجنة النقابية لفك الحصار عن غزة، وهو مؤسس ورئيس سابق للهيئة العربية الدولية لإعمار غزة، وهو عضو سابق في مجلس إدارة بنك الأردن دبي الإسلامي وعضو سابق في مجلس إدارة المصفاة والبترول الأردنية وعضو سابق في مجلس إدارة صحيفة الدستور، ومؤسس مكتب الأفق للاستشارات الهندسية ورئيس مجلس إدارة قناة اليرموك الفضائية.
وقال السقا في وقت سابق إن نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة تعد نجاحا لحزب جبهة العمل الإسلامي، وهو نجاح للوطن، ونجاح لمصداقية مسيرة التحديث السياسي.
وأشار إلى أن حزب جبهة العمل الإسلامي هو حزب معارضة، وليس حزبا يمينيا أو يساريا، منوها بأنها معارضة لصالح الإصلاح، وهي معارضة إيجابية، ومنتجة وليست معارضة عبثية.
وبيّن السقا أن حزب جبهة العمل الإسلامي يؤمن بالتعددية والتشاركية، وأن هنالك فاعلين غيره في الشارع، مشددا على أن الحزب لطالما تحالف مع اليسار، أو مع من يتقاطعون معه بالأهداف، ويمد اليد لأي مكون للتعاون تحت عنوان ما يهم الوطن ويخدم مواطنه.