إسرائيل لا تعطي حزب الله فرصة التقاط الأنفاس

وكالة أنباء حضرموت

 أكد الجيش الإسرائيلي أنه قتل القائد البارز في حزب الله إبراهيم عقيل وقادة كبارا آخرين في وحدة الرضوان للقوات الخاصة التابعة للحزب، في رسالة واضحة تؤكد أن إسرائيل لا تريد أن تعطي حزب الله الفرصة لالتقاط أنفاسه؛ فبعد تفجيرات أجهزة الاتصالات اللاسلكية الثلاثاء والأربعاء تمت تصفية عقيل الجمعة.

ولم تمر أقل من أربع وعشرين ساعة على  تهديدات الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الخميس بالرد القاسي على إسرائيل حتى أربكته بعملية نوعية جديدة طالت عددا من أهم ركائز الحزب العسكرية بعد تصفية فؤاد شكر قبل فترة، وهو ما يعني أن إسرائيل لم تعد تترك أي فرصة لنصرالله للحديث عن تماسك الحزب وقدراته، ما سيحرجه أمام جمهور “محور المقاومة” الذي طالما بحث عن أعذار لتأجيل رد الحزب على اغتيال قادته النوعيين منتظرا “ردا نوعيا” يعيد الاعتبار للحزب وحلفائه في المنطقة.

وبحسب معلومات واردة من بيروت، فإن عقيل خرج من المستشفى الجمعة بعد علاجه من إصابة لحقت به في تفجير أجهزة البيجر الثلاثاء، وأن من قتلوا معه إما أن يكونوا قد أصيبوا هم أيضا أو أنهم جاءوا لتفقد إصابات عناصر الحزب وكوادره، وسط توقعات بأن تكون إسرائيل قد وضعت عملاء أمام المستشفيات ليرصدوا الخارجين من المصابين من قادة الحزب.

وقال الجيش الإسرائيلي الجمعة في بيان له “أغارت طائرات حربية بشكل دقيق في منطقة بيروت وبتوجيه استخباري لهيئة الاستخبارات العسكرية وقضت على المدعو إبراهيم عقيل رئيس منظومة العمليات في حزب الله والقائد الفعلي لقوة الرضوان في حزب الله”، مضيفا “في الغارة تمّ القضاء مع عقيل على قادة كبار في قيادة منظومة العمليات وقوة الرضوان”.

وأضاف أن “عقيل والقادة الذين تمت تصفيتهم كانوا من مخططي خطة اقتحام منطقة الجليل (شمال إسرائيل)، والتي كانت تهدف إلى اقتحام بلداتها وقتل مواطنين مدنيين”.

وقال متحدث باسم الجيش “مع إبراهيم عقيل تمت تصفية نحو عشرة مسؤولين من قوة الرضوان التابعة لحزب الله”. وسمع شهود عيان أزيز طائرة مقاتلة فوق المدينة قرب توقيت الهجوم وشاهدوا سحابة من الدخان تتصاعد من المنطقة. وأظهرت لقطات بثها التلفزيون للمنطقة المستهدفة بنايات لحقت بها أضرار جسيمة وسيارات محترقة وحطاما متناثرا في الشارع.

ويعتقد مراقبون أن تتالي الهجمات الإسرائيلية ضد أهداف نوعية في حزب الله دليل على أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تدفع نحو توسيع الحرب إلى لبنان وتسعى إلى تفكيك حزب الله كما فككت حركة حماس في غزة بالرغم من المحاذير التي تصاحب مثل هذا التصعيد.

ويستفيد الإسرائيليون في تنفيذ قرار توسيع الحرب من حالة الارتباك التي اعترت حزب الله بعد تفجيرات الأجهزة اللاسلكية، وعجزه عن تنفيذ رد على اغتيال شكر بالرغم من تعهدات من نصرالله نفسه بالرد. كما يستفيدون من صمت إيران وتأخر ردها على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، ويعملون على زيادة حالة الشك في نفوس عناصر “محور المقاومة” عبر عمليات توحي بصعوبة الرد على إسرائيل وأن قدراتها العسكرية والتقنية لا تسمح لهم بالمغامرة.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الجمعة إن إسرائيل لن تتراجع عن موقفها بعد اغتيال قادة كبار من جماعة حزب الله اللبنانية في بيروت.

وذكر الوزير في بيان على منصة إكس “ستستمر سلسلة الإجراءات في المرحلة الجديدة حتى تحقيق هدفنا؛ العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم”.

ويقول مقربون من حزب الله إن عقيل كان الرجل الثاني في الهيكلية العسكرية للحزب بعد فؤاد شكر الذي كان يتولى قيادة عمليات الحزب في جنوب لبنان حتى اغتياله بضربة إسرائيلية في الضاحية أيضا في 30 يوليو الماضي.

وقوة الرضوان هي بمثابة رأس الحربة لحزب الله في القتال البري والعمليات الهجومية. وتردد اسم هذه القوة مرارا منذ بدء التصعيد قبل أكثر من 11 شهرا، وطالبت إسرائيل، وفق ما نقله وسطاء دوليون إلى مسؤولين لبنانيين، بإبعادها عن حدودها الشمالية.

وبحسب مصدر مقرّب من الحزب، تعد الرضوان أبرز قوة هجومية لحزب الله، وعناصرها مدرّبون على الاقتحامات بما في ذلك التوغل عبر الحدود. ويشارك هؤلاء منذ أشهر في الهجمات على إسرائيل التي تتم من خلال راجمات الصواريخ والصواريخ المضادة للدروع والمسيّرات.

إسرائيل توسّع الحرب مستفيدة من ارتباك حزب الله بعد تفجيرات الأجهزة اللاسلكية وعجزه عن الرد على اغتيال شكر

وتضم هذه الوحدة الخاصة مقاتلين من ذوي الخبرة قاتل بعضهم خارج لبنان، وخاصة في سوريا. وغالبا ما يكونون في الخطوط الأمامية.

وعلى غرار فؤاد شكر، فإن عقيل من بين قادة حزب الله المدرجين على قوائم الإرهاب الأميركية. وسبق لوزارة الخزانة الأميركيّة أن عرضت مكافأة تصل إلى سبعة ملايين دولار لمن يقدم معلومات عنه.

وقالت واشنطن إن عقيل “زعيم رئيسي” في الحزب، وعضو في المجلس الجهادي، الهيئة العسكرية الأعلى في الحزب.

وكان عقيل، وفق الخزانة الأميركية، عضوا رئيسيا في تنظيم “الجهاد الإسلامي”، الخلية المرتبطة بحزب الله التي تبنّت عام 1983 تفجير السفارة الأميركية في بيروت، ما أوقع 63 قتيلا، والهجوم على ثكنات مشاة البحرية الأميركية ما أسفر عن مقتل 241 عسكريا أميركيا.

وتتهم واشنطن حزب الله المدعوم من إيران بالهجوم على مقرّ المارينز. كما تتّهم عقيل بالتورط في احتجاز رهائن أميركيين وألمان في لبنان في أواخر الثمانينات وتفجيرات في باريس عام 1986.

وعام 2015 صنفت الخزانة الأميركية عقيل وشكر على قائمتها للإرهاب وفرضت عليهما عقوبات. وفي 2019 صنّفت وزارة الخارجية عقيل “إرهابيّا عالميّا”.