لبنان يكافح لتوليد الكهرباء من المصادر المستدامة

وكالة أنباء حضرموت

تحاول حكومة تصريف الأعمال في لبنان حشد جهودها لتأمين جزء من إمدادات الكهرباء من المصادر المستدامة، في مسعى للخروج من الارتهان للطاقة التقليدية.

ويرى معظم المتابعين أن خططها غير جديّة نظرا إلى عدم وضع أسس عملية وقانونية وخاصة التمويلية لتحقيق الأهداف المرجوّة، في وقت تمر فيه البلاد بأزمة اقتصادية خانقة من خمس سنوات مع جمود سياسي كبح حياة الناس.

وتسبب نفاد الوقود الشهر الماضي في توقف محطات توليد الكهرباء مما أدخل البلد في الظلام، وأعاد الجدل بشأن مدى إدراك المسؤولين بأنهم السبب في وصول البلد إلى هذه المرحلة من المشاكل المزمنة.

وأطلقت وزارة الطاقة والمياه اللبنانية الأربعاء الماضي، مناقصة لمشروع بناء محطة للطاقة الشمسية بقدرة 8 ميغاواط باستخدام الخلايا الكهروضوئية.

وقال وزير الطاقة وليد فياض، بحسب ما نقلته عنه وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، إن “المشروع سيتم تمويله من موازنة الوزارة”. ولم يذكر المبلغ، لكنه أشار إلى أنه سيتم ربط المحطة بالشبكة المحلية لمؤسسة الكهرباء الحكومية.

ودعت الوزارة الشركات العاملة في قطاع الطاقة الشمسية إلى المشاركة في المناقصة التي تمتد فترة تقديم العروض بشأنها إلى 45 يوما. وستكون المحطة، التي سيتم بناؤها على طول على مجرى نهر بيروت في العاصمة، أكبر مشروع للطاقة الشمسية في لبنان. وأشار بيان الوزارة إلى أن محطة للطاقة الشمسية بقدرة واحد ميغاواط كان تم إنشاؤها سابقا على طول النهر نفسه تعمل حاليا بكفاءة.

وتولي وزارة الطاقة والمياه أهمية كبيرة لتطوير سوق الطاقة الشمسية في لبنان، حيث وصل إجمالي ما أنجز حتى اليوم نحو 1500 ميغاواط، ما يشكل 20 في المئة من احتياجات البلاد من الطاقة.

وتطمح السلطات من خلال خطة تعدها تحت اسم “الخطة الوطنية للطاقة المتجددة للأعوام 2024 – 2030” للوصول إلى إنتاج نسبة 55 في المئة من احتياجات الطاقة من خلال الطاقة الشمسية. لكن حتى الآن لا يزال البلد عالقا في متاهة التمويل وتعقيدات جذب المستثمرين بسبب الوضع القاتم الذي تمر به البلاد.

كما أنه لا يملك مشاريع كبرى في مجال الطاقة المتجددة، وهو يعتمد بأكثر من 95 في المئة من الطاقة المولدة على المصادر التقليدية القائمة على الوقود والغاز الطبيعي.

ويعاني لبنان من أزمة اقتصادية ومالية حادة منذ العام 2019، مما أدى إلى عجزه عن تمويل واردات الوقود لتشغيل معامل الإنتاج المتوافرة.

ويوجد في لبنان 7 معامل لتوليد الكهرباء بالوقود، بينها خمسة متوقفة عن العمل، في ما يقوم معملان فقط بتوفير ساعتين من التيار نهارا ومثلهما ليلا وسط تقنين لمدة 18 ساعة يوميا في ظل غياب بنية تحتية حديثة للطاقة في البلاد.

ووسط شح الإمدادات يعتمد معظم سكان لبنان على المولدات الخاصة وألواح الطاقة الشمسية للحصول على التيار الكهربائي. وتفاقمت أزمة شح الطاقة الكهربائية بالبلاد، بالتزامن مع ارتفاع أسعار المشتقات وانهيار أسعار الصرف لمستويات قياسية، في وقت ترفض فيه شركات الطاقة تزويد البلاد بالوقود، قبل حصولها على قيمة الشحنات.

وأثّر الطلب على الطاقة والكهرباء بشدة على الاقتصاد، حيث يشكل استيراد المحروقات ما يقرب من ربع عجز الميزانية، في حين أن الطلب على الكهرباء يفوق قدرة توليد الطاقة.

وكانت وكالة الدولية للطاقة المتجددة قد أجرت دراسة قبل ثلاث سنوات بهدف ترشيد الاستهلاك ووضع السياسات التنظيمية والمالية والتحديات المتعلقة بالقدرات للتغلب على العوائق في متابعة خطط التحول نحو إنتاج الكهرباء من المصادر المستدامة.

وخلصت الدراسة التي تعاونت وزارة الطاقة اللبنانية والمركز اللبناني للطاقة في إعدادها أن لبنان يمكن أن يحصل بشكل واقعي وفعّال من حيث التكلفة على 30 في المئة من إمدادات الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030. لكن القيام بذلك يتطلب تسريعا كبيرا ومضاعفة الحصة المتوقعة من الخطط والسياسات القائمة بشكل فعال.

ويوصي التقرير بسبعة إجراءات رئيسية لتسريع امتصاص البلاد لمصادر الطاقة المتجددة من بينها تنفيذ لوائح أكثر استقرارًا وتكاملًا لنشر الطاقة البديلة واعتماد تدابير جديدة للتطبيقات الصغيرة واستكمال الأهداف الوطنية بأهداف الطاقة المتجددة الخاصة بالتكنولوجيا.

ودعت كذلك إلى ضبط أدوات التمكين لتركيب التدفئة والتبريد وإصلاح إطار السوق الحالي لزيادة الاستثمارات وضمان قابلية المشروع للتمويل وتعزيز الشبكة، وإجراء تقييمات لتأثير الشبكة المحلية وضمان توافر التمويل وتعزيز دور القطاع الخاص.