المدارس الخاصة تسحب البساط من تحت أقدام رياض الأطفال في تونس

وكالة أنباء حضرموت

 يعزف أولياء الطلاب في تونس عن تسجيل أبنائهم بالمراحل التحضيرية وما قبلها في رياض الأطفال الخاصة مقابل ترسيمهم بمدارس خصوصية في مراحل ما قبل التمهيدي والتحضيري، ورغم أن ذلك إجراء مخالف للقانون إلا أنه أيضا سحب للبساط من تحت أقدام رياض الأطفال الخاصة ما ألحق أزمة بالقطاع.

كما حدّت أوضاع الأسر التونسية الصعبة من حصول أطفالها على تعليم ما قبل سنّ الدراسة، ويُلحَظ تراجع كبير في عدد الصغار المسجّلين في رياض الأطفال وحضاناتهم، وذلك في كلّ ولايات البلاد.

وقالت رئيسة الغرفة النقابية الوطنية لرياض ومحاضن الأطفال نبيهة كمون إن رياض الأطفال الخاصة تشهد إقبالا ضعيفا جدا على التسجيل من قبل أولياء أمور الطلاب، رغم فتح باب التسجيل منذ مدّة بكامل الولايات. وأوضحت في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء أن ضعف التسجيل يعود إلى عدّة عوامل منها التجاوزات المسجلة لدى بعض المدارس الخاصة “باستقطاب” الأطفال من مرحلة ما قبل التمهيدي والتمهيدي والتحضيري وهو ما تسبب في خسارة عدة تسجيلات.

كما ساهم إحداث مرحلة التحضيري منذ سنة 2001 بالمدارس العمومية بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي في البلاد والهجرة غير النظامية للعديد من العائلات في ضعف التسجيل في رياض الأطفال الخاصة.

وحذرت كمون من استمرار هذا الوضع الذي قد يؤدي إلى إغلاق العديد من المؤسسات بسبب تردي وضعيتها المالية وهو ما قد يساهم في خسارة العديد من مواطن الشغل.

وطالبت بضرورة تطبيق القانون على المدارس الخاصة من أجل إيقاف هيمنتها على القطاع وإلغاء السنة التحضيرية من المدارس العمومية وإرجاعها إلى رياض الأطفال.

بدورها طالبت سلمى الطرابلسي رئيسة المكتب الجهوي للمحاضن والرياض والمحاضن المدرسية بولاية تونس بضرورة أن تكون الأقسام التحضيرية موجودة برياض الأطفال فقط وكذلك الأقسام التمهيدية وما قبلها.

وقالت الطرابلسي لـ”العرب”، “نفذنا العديد من الوقفات الاحتجاجية في الغرض”، مشيرة إلى أن الفضاء يختلف من روضة الأطفال إلى المدرسة، ذلك أن الفضاء في رياض الأطفال “فضاء حاضن” مخصص لأطفال من مستويات عمرية مختلفة وفضاء متحرك مقارنة بالفضاء الجامد في المدرسة.

وذكرت الطرابلسي بأن الفئات العمرية ما قبل التمدرس ليست من مشمولات المدارس الخاصة، وأكدت أن ذلك الخلط ألحق أزمة برياض الأطفال وأثر على مردودها المالي، مشيرة إلى أن القطاع بصدد تلقي العديد من الضربات.

ويذكر أن عدد رياض الأطفال الخاصة القانونية يبلغ 5927 روضة تخضع لإشراف وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن وتستقبل 242 ألف طفل.

وقبل عامين تراجع عدد الأطفال الملتحقين برياض الأطفال.

وأقرت السلطات الرسمية في تونس، ممثلة بوزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ، بأنّ رياض الأطفال تستقبل عددا ضئيلا من الذين تتراوح أعمارهم ما بين ثلاثة وخمسة أعوام، إذ لا يتجاوز عددهم 40 في المئة.

عدد رياض الأطفال الخاصة القانونية يبلغ 5927 روضة تخضع لإشراف وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن وتستقبل 242 ألف طفل

وأشارت دراسات متخصصة في وضع الطفولة إلى أنّ أكثر من 60 في المئة من صغار تونس لا يرتادون رياض الأطفال ولا يتمتّعون بالحقّ في تربية ما قبل المدرسة، وهؤلاء هم الذين يتركون مقاعد الدراسة مبكرا ويكون تحصيلهم العلمي ضعيفا.

وقالت كمون إنّ “العودة المدرسية لعام 2022 هي الأصعب على المهنيّين، بعدما مرّ القطاع بوضع سيئ خلال أزمة كورونا الوبائية”، وأوضحت أنّ “نسبة التراجع في التسجيل في رياض الأطفال تتراوح ما بين 50 و70 في المئة، الأمر الذي اضطرّ المشرفين على مؤسسات التعليم ما قبل سنّ المدرسة إلى تقليص عدد الأقسام والاستغناء عن مكوّنين ومربّين”.

وأضافت أنّ “الأزمة الاقتصادية والوضع الاجتماعي الصعب يلقيان بظلالهما على القطاع ويحرمان عددا كبيرا من الأطفال من التعلّم واكتساب مهارات في مرحلة ما قبل المدرسة التي تمثّل فترة مهمة جدا في تنمية قدرات الأطفال”، وتابعت أنّ “فتح أقسام تحضيرية في المدارس الحكومية يحدّ من نشاط رياض الأطفال ويحرم هؤلاء من نوعية تعليم جيدة، لاسيما أنّ عدد ساعات التعليم في أقسام التحضيري الحكومية لا تتجاوز الثلاث يوميا”.

ولفتت كمون إلى أنّ دراسة أنجزتها غرفة رياض الأطفال الخاصة بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، بيّنت أنّ الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة يحتاجون إلى ما بين 800 و1200 ساعة تعليم وأنشطة لتنمية مهاراتهم وتحضريهم لمرحلة التعليم.

الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة يحتاجون إلى ما بين 800 و1200 ساعة تعليم وأنشطة لتنمية مهاراتهم وتحضريهم لمرحلة التعليم

وللحدّ من عزوف الأسر عن تسجيل أبنائهم في مؤسسات التعليم ما قبل المدرسة، كانت وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ السابقة آمال بلحاج موسى، قد أعلنت عن تنفيذ برنامج النهوض بالطفولة المبكرة “روضتنا في حومتنا”(روضتنا في حينا) ليشمل نحو 15 ألف طفل بحساب شهري بقيمة 50 دينارا تونسيا (نحو 15.5 دولارا أميركيا) لكلّ طفل، وأوضحت أنّ عدد الأطفال المستفيدين سيصل إلى 20 ألف طفل في عام 2023 يتوزّعون على رياض الأطفال الخاصة في كلّ أنحاء البلاد، وأضافت أنّ مشروع الروضة العمومية يهدف إلى المساهمة في توفير الحقّ في الروضة إلى 330 ألف طفل محروم من هذا الحق.

من جهة أخرى شدّدت وزيرة الطفولة السابقة على ضرورة المزيد من انخراط جميع رياض الأطفال الخاصّة في برنامج “دمج الأطفال ذوي طيف التوحد ضمن مؤسسات الطفولة المبكرة بالقطاعين العمومي والخاص” باعتبار الدور الأساسي للقطاع الخاص في إدماج ذوي طيف التوحد وتكريس حقهم في النفاذ للتربية ما قبل المدرسية، مؤكدة أنّ رياض الأطفال الخاصة ملزمة بقبول الأطفال ذوي طيف التوحد الذين يتقدمون للتسجيل بها وذلك إثر موافقة اللجان الجهوية المحدثة للغرض.

وأشارت بلحاج موسى إلى أنّ الوزارة تتكفّل في إطار هذا البرنامج بخلاص معاليم التّربية ما قبل المدرسيّة للأطفال ذوي اضطرابات طيف التّوحد من خلال تحويل منح لرياض الأطفال الخاصة المنخرطة في البرنامج بحساب 100 دينار (33 دولارا) لخلاص معاليم المؤسّسة التربوية و100 دينار لخلاص معاليم مقوم النطق أو أخصائي العلاج الوظيفي حسب حاجة الطفل شهريا.

وأسدت الوزيرة تعليماتها بدمج ما لا يقلّ عن 600 طفل من ذوي طيف التوحد في رياض الأطفال العمومية والخاصة، خلال السنة الدراسية المنقضية 2023 – 2024، مع العمل مستقبلا على المزيد من توسيع نطاق استفادة أطفال طيف التوحد من هذا البرنامج الجديد الذي لا يزال في طور التجربة النموذجية، مبيّنة أنه تم، خلال السنة الدراسية 2022 – 2023، قبول 315 طفلا من ذوي طيف التوحد في رياض الأطفال العمومية والخاصة منذ إطلاق برنامج دمج الأطفال ذوي طيف التوحد ضمن مؤسسات الطفولة.