النظام الإيراني ينفق ثروات الشعب إلى النفوذ في دول المنطقة بالدعايات الدينية الكاذبة

سلط تقرير صدر مؤخرا عن شركة البيانات المفتوحة في إيران الضوء على الالتزامات المالية الكبيرة للنظام الإيراني تجاه الدعاية الدينية في العراق وبلدان أخرى. وتكشف النتائج عن شبكة معقدة من المؤسسات والمبادرات الممولة من الموازنة العامة الإيرانية، مما يثير تساؤلات حول أولويات البلاد وسط التحديات الاقتصادية.

موسى أفشار
خريج جامعة المستنصرية ببغداد محلل الشأن الإيراني وشؤون الشرق الأوسط خاصة الشؤون العربية. منذ أكثر من 20 عامًا يعمل كاتبًا ومحللًا في وسائل الإعلام العربية. عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كاتب مقالات وله مقابلات وآراء عديدة في وسائل الإعلام العربية الرصينة
وكالة انباء حضرموت

سلط تقرير صدر مؤخرا عن شركة البيانات المفتوحة في إيران الضوء على الالتزامات المالية الكبيرة للنظام الإيراني تجاه الدعاية الدينية في العراق وبلدان أخرى. وتكشف النتائج عن شبكة معقدة من المؤسسات والمبادرات الممولة من الموازنة العامة الإيرانية، مما يثير تساؤلات حول أولويات البلاد وسط التحديات الاقتصادية.

تخصيص ميزانية المدن الدينية في العراق

ووفقا للتقرير، خصصت الحكومة الإيرانية ما لا يقل عن 1.4 مليار تومان (حوالي 24 ألف دولار بأسعار الصرف الحالية) من الميزانية العامة للأنشطة الدعائية في المدن الدينية في العراق. ولوضع هذا الرقم في منظوره الصحيح، فإنه يساوي الأجور اليومية لحوالي ستة آلاف عامل إيراني، استنادا إلى قرار “المجلس الأعلى للعمل في النظام ” لعام 2024 الذي حدد الأجر اليومي ب 238,873 تومان (4 دولارات).

مقر “إعادة إعمار الأضرحة”

يتم تخصيص حصة الأسد من هذه الميزانية – أكثر من مليار تومان – لمقر “إعادة بناء العتبات المقدسة”. وتعمل هذه المنظمة، التي أسسها الولي الفقیة علي خامنئي قبل حوالي عقدين من الزمن، كشركة تابعة لفيلق القدس التابع للحرس الإيراني. وتمتد أنشطتها عبر النجف وكربلاء وكاظمين والكوفة وسامراء، مع التركيز ظاهريا على استعادة المراكز الدينية الشيعية مع الانخراط في الدعاية السياسية للنظام الإيراني.

ويتضمن قانون موازنة 2024 مخصصات بقيمة 200 مليار تومان (3,336,113 مليون دولار) لهذا المقر، مخصصة “لمساعدة لجنة التنسيق والتطوير لمرافق وخدمات الأربعين في العراق ومساعدات لمعهد النجف الأشرف”. ويخطط المقر لمواصلة إعادة بناء أكثر من 150 موقعا دينيا شيعيا في العراق ودول أخرى على مدى السنوات ال 20 المقبلة.

المخصصات والمؤسسات الإضافية

كما خصص النظام 200 مليار تومان (3,336,113 مليون دولار) لإعادة بناء وتطوير المقر السابق لروح الله خميني، مؤسس النظام، في النجف.

تشمل بنود الميزانية البارزة الأخرى ما يلي:

دعم الأنشطة الثقافية لصندوق المذكرات في الخارج

تمويل مجمع الفقه الإسلامي الدولي في المملكة العربية السعودية

دعم الأنشطة الثقافية والدينية لقناة الثقلين في الخارج

تتلقى العديد من المؤسسات تمويلا عاما للدعاية عبر الحدود، بما في ذلك:

منظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية

جمعية التقارب بين المذاهب الإسلامية

جامعة المصطفى

توسيع النفوذ في الدول الإسلامية

يستثمر النظام بكثافة في توسيع نفوذه عبر الدول الإسلامية. وتشمل النفقات الأخيرة ما يلي:

تفعيل “مجلس المكتب التمثيلي للجنة الإغاثة” في العراق

بناء مسجد في غينيا

إنتاج محتوى إعلامي عن حياة قاسم سليماني في كينيا

تقديم الدعم المالي لجمعية خيرية في تنزانيا

تقديم منح دراسية للطلاب الأجانب

من ديسمبر 2021 إلى مارس 2022 وحده، تم إنفاق ما لا يقل عن ثلاثة ملايين يورو على مثل هذه المبادرات.

حج الأربعين

يخصص النظام أموالا كبيرة لزيارة الأربعين السنوي. يوفر قانون موازنة 2024 100 مليار تومان (1.67 مليون دولار) لوزارة الداخلية من أجل “دعم زيارة الأربعين”. بالإضافة إلى ذلك، يتعين على الجهات الحكومية المختلفة تخصيص جزء من أموالها لهذا الحدث.

وتشمل المخصصات البارزة ما يلي:

400 مليار تومان (6.7 مليون دولار) أعلن عنها النائب الأول للرئيس “لمنع الحوادث غير المتوقعة”

107 مليار تومان (1.8 مليون دولار) من بلدية طهران

98 مليار تومان (1.6 مليون دولار) من بلدية كرج

غياب الشفافية

وعلى الرغم من هذه النفقات الكبيرة، فإن الافتقار إلى الشفافية المالية في المؤسسات الدينية والدعائية يجعل من الصعب حساب الأرقام الدقيقة للأنشطة الخارجية. ويثير هذا التعتيم مخاوف بشأن المساءلة والمدى الحقيقي لعمليات النفوذ الأجنبي الإيرانية.

وفي ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي يواجهه الشعب الإيراني، يستمر النظام في توجيه جزء كبير من الموارد المالية نحو المؤسسات الدينية. يأتي ذلك في الوقت الذي تشهد فيه إيران احتجاجات يومية من قبل مختلف الطبقات الاجتماعية بما في ذلك المتقاعدين، عمال النفط، والممرضين، الذين يعانون من تدهور الأوضاع المعيشية وتدني الأجور. يشكل هذا التناقض مثالاً على الأولويات المتباينة للنظام الإيراني، حيث يبدو أن الاستثمار في الأيديولوجيا الدينية يطغى على الحاجة الماسة لتحسين الأحوال الاقتصادية الداخلية