"سكة سفر 3" مسلسل يكتشف شرق السعودية عبر مغامرة كوميدية

وكالة أنباء حضرموت

عاد المسلسل السعودي “سكة سفر” بجزئه الثالث بقصة جديدة وأماكن غير مألوفة، وهو من بطولة: سعد عزيز، وصالح أبوعمرة، ومحمد الشهري، بنص كتبه 12 كاتبًا، وأخرجه دافيد أوريان، والإشراف العام للعراقي أوس الشرقي الذي أخرج الجزء الأول من المسلسل.

في هذا الجزء يتكاتف الأشقاء الثلاثة وليد وخالد وناصر، وذلك بعد أن تلقّى خالد اتصالا من خاله يخبره فيه ببحث الشرطة عنه بسبب دهسه زوج صافي بسيارته. وأمام هذا الاتهام الزائف يقرر الأشقاء الثلاثة السفر بعيدًا بحثا عن مدينة آمنة للاختباء فيها غير مدركين أنه قد أُلقي القبض على المجرم الحقيقي، فيواجهون مفارقات مصيرية وكوميدية في آن واحد. فقد تمّ التركيز على رابطة الأخوة في مواجهة الصعاب إذ يخوض الأخوة الثلاثة مغامرات ومواقف صعبة تظهر مدى جلدهم وترابطهم في تخطي هذه الصعوبات.

كما يعكس المسلسل في مشاهده الطبيعة الخلَّابة والمتنوعة في شرق السعودية، إلى جانب تنوع مناطقها وعادات أهلها وتقاليدهم.

مسلسل “سكة سفر 3” عمل أطلّ علينا في موسم رمضان الفائت وقد حمل في طياته رهانات عدة من حيث الخروج عن المألوف عبر الطرح المتنوع للموضوعات، ولئن اختلفت نسبة حضور الكوميديا بين حلقة وأخرى إلا أن الحس الفكاهي ظل ملازما لهذا العمل طوال 30 حلقة.

وقد دخل العمل منذ الجزء الأول حيز الرهانات من خلال طرحه مواهب جديدة متمثلة بجيل الشباب، وقد استطاع هؤلاء الشباب رفع سقف المنافسة في مواجهة الإرث التاريخي والاجتماعي المهم للكوميديا السعودية، وهنا أعني “طاش ماطاش” بقيادة ناصر القصبي وعبدالله السدحان.

وقد استطاع هذا العمل سد الفراغ في ساحة الكوميديا العربية، فقد رأينا حدوث شبه فراغ في مثل هذه الأعمال. فالكوميديا السورية أعلنت غيابها عن الحضور في الموسم الرمضاني الفائت. وفي ظل تراجع الكوميديا المصرية التي تعتمد في الغالب على كوميديا الإفيه، تطل الكوميديا الخليجية برأسها ليكون مسلسل “سكة سفر 3” حصان السبق ويعلن تصدره السباق الرمضاني ويحقق نسبة مشاهدة مرتفعة على الرغم من المنافسة الشرسة مع نجوم رمضان، وربما يعود الأمر إلى كوميديا الموقف التي يفتقدها المشاهدون والفكرة التي لم تقدم سابقا في الدراما، ولا يمكننا أن ننسى التلقائية العالية والسهولة في الأداء.

ولعل هذا التميز للممثلين الثلاثة (سعد عزيز، وصالح أبوعمرة، ومحمد الشهري) والانسجام التام فيما بينهم يذكرنا بتجربة الثلاثي هشام ماجد وشيكو وأحمد فهمي وإن رصدت بفعالية كبيرة في السينما.

وهنا نلحظ تشابها كبيرا بين الثلاثي المصري والسعودي فهما اعتمدا بالكامل على الجرأة والخفة والاختلاف في الفكرة والكتابة والطريقة الساخرة في التناول، أكثر من الأسماء والوجوه.

ولعل هذا النجاح الدرامي يحفز الثلاثي السعودي للمضي قدما في مشوارهم الفني واقتحام عالم السينما، مما يضمن وجود السعودية وحضورها الدائم في عالم الأفلام.

وبعيدا عن عقد المقارنات لابد من الوقوف قليلا عند بعض الأصوات المنتقدة هذا العمل، ومنها اتهام صناع العمل اللجوء إلى التطويل مما ساهم في جعل العمل يشهد بطئا في الكثير من أحداثه، ويبقى هذا الكلام مجرد اتهامات لا تثبت في أي حال من الأحوال أمام التشويق الذي شهده العمل مما ساهم في سرعة الأحداث وبالتالي لم نشعر بأي ملل ينتابنا ونحن نشاهد مسلسل “سكة سفر”، بل إن المشاهد الواقعية من مناظر حية مباشرة ملونة بألوان الطبيعة منحت المشاهد فرصة للاطلاع على شرق السعودية وإعادة اكتشافها من جديد في سياق درامي لطيف ومحبب، فالعدسة لم تكن مسلطة معظم الوقت على أبطال العمل بل رأيناها تعبر بنا الجبال والصحراء.

يحسب لصناع العمل إدخال البيئة المحيطة كعنصر فاعل في مشاهد العمل، جعلت المشاهد مستمتعا في رحلة في المنطقة الشرقية

مع ذلك يمكننا القول إن الفرصة متاحة أمام هذا الجيل الموهوب للعمل في السينما وبالتالي تكثيف الضحك بوقت أقصر مما يتطلبه العمل الدرامي.

ومما يحسب لصناع العمل هو إدخال البيئة المحيطة كعنصر فاعل في مشاهد العمل، فقد جعلت المشاهد مستمتعا في رحلة في المنطقة الشرقية، وهذا مما يحسب للدراما السعودية التي تسعى إلى إنعاش السياحة والقيام بحملات تعريفية بمناطقها وليس هناك أفضل من الدراما في القيام بمثل هذا العمل وأداء هذا الدور، إذ جعلنا هذا العمل نرى أهل المنطقة الشرقية ونتعرف على لهجتهم اللطيفة، وأكلاتها المميزة.

وليس هذا فحسب، بل أتاح لنا صناع العمل زيارات خاصة لداخل مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي “إثراء” في الظهران وهي في حد ذاتها دعوة مجانية لمن لم تتح له زيارة هذا المكان من قبل، والذي اختير في عام 2018 من قبل مجلة تايم الأميركية بصفته أحد أعظم 100 مكان في العالم.

ولابد من القول إن الانتقادات التي طالت العمل من قبيل أن المواقف المضحكة لم تكن من الإفيهات ولم يكن العمل محشوا بالفكاهة والنكات، وهنا تبدو الحنكة في هكذا عرض، فالعمل هو إلى جانب كوميديا الموقف يحكي قصة إنسانية تستهدفنا من حيث لا نعلم لنكون شركاء لهؤلاء الممثلين في رحلتهم وما يعتريهم من صعاب وقدرتهم في النهاية على تجاوزها، في عفوية تامة تخرجنا من باب التهريج والتصنع إلى الواقعية الراقية التي تستهدف الضحكة والابتسامة الناعمة التي وظفت بشكل جيد بعيدا عن الكوميديا الهزلية الصارخة.

ولعل الهدف الأسمى الذي نجح هذا العمل في إرسائه هو تمتين الروابط الأخوية من خلال جعل الأشقاء الثلاثة يخوضون مغامرات استطاعوا أن يخرجوا منها بعلاقة أخوية أقوى وأمتن.