خسائر محدودة
الهجوم الحوثي على أبوظبي يسرّع خطط استكمال تحرير الحديدة وموانئها
اعتبر مراقبون سياسيون الهجوم الحوثي على منشآت إماراتية في أبوظبي بواسطة طائرات مسيّرة تصعيدا عسكريا كبيرا ومؤشرا على قلق الحوثيين من دور الإمارات في حرب اليمن ودعمها لقوات العمالقة الجنوبية التي تمكنت من إحراز انتصارات حاسمة في محافظتي شبوة ومأرب خلال الأيام الماضية.
وتوقعت مصادر يمنية مطلعة أن تزداد حدة المواجهات العسكرية في مأرب خلال الفترة المقبلة، مع بروز مؤشرات على انهيار اتفاق السويد الموقع بين الحكومة اليمنية والحوثيين في الحديدة.
وقال المراقبون إن الهجوم الحوثي تأكيد جديد على أن أي تفاهم مع إيران هو من باب تأجيل المشاكل ليس أكثر، معتبرين أن دعوات الحوار التي توجهها طهران إلى بعض الدول الخليجية ليست سوى مناورة لربح الوقت والتغطية على أنشطتها، وأن لا نية لها في بناء سلام دائم مع جيرانها.
وقال قائد قوات المقاومة الوطنية في اليمن العميد طارق صالح إن الجريمة التي نفذها الحوثيون الاثنين “وإن كان أثرها على أبوظبي هامشيا، تؤكد للعالم أن إيران لا ترى اليمن سوى سلاح أذى في البر والبحر والجو”، وحث على “قطع ذراعها الحوثية من بلادنا”.
وأعلنت شرطة أبوظبي اندلاع حريق صباح الاثنين، أدى إلى “انفجار في عدد 3 صهاريج نقل محروقات بترولية في منطقة مصفح آيكاد 3 بالقرب من خزانات أدنوك، كما وقع حادث حريق بسيط في منطقة الإنشاءات الجديدة في مطار أبوظبي الدولي”.
وبحسب بيان لشرطة أبوظبي أشارت “التحقيقات الأولية إلى رصد أجسام طائرة صغيرة يحتمل أن تكون لطائرتين دون طيار (درون) وقعتا في المنطقتين قد تكونان تسببتا في الانفجار والحريق”.
وقال مستشار الرئيس الإماراتي أنور قرقاش “تتعامل الجهات المعنية في دولة الإمارات بشفافية ومسؤولية تشكر عليها بخصوص الاعتداء الحوثي الآثم على بعض المنشآت المدنية في أبوظبي”، مشددا على أن “عبث الميليشيات الإرهابية باستقرار المنطقة أضعف من أن يؤثر في مسيرة الأمن والأمان التي نعيشها، ومصير هذه الرعونة والعبثية الهوجاء إلى زوال واندحار”.
وتبنّى الحوثيون الهجوم على الإمارات على لسان المتحدث العسكري باسمهم يحيى سريع الذي قال في تغريدة على تويتر إنه ستتم إذاعة “بيان مهم للقوات المسلحة للإعلان عن عملية عسكرية نوعية في العمق الإماراتي خلال الساعات القادمة”.
وجاء الهجوم الحوثي بعد تصعيد في الخطاب الإعلامي والسياسي الحوثي ضد دولة الإمارات على خلفية دورها الفاعل في المواجهات الأخيرة التي أسفرت عن تحرير ثلاث مديريات في شبوة، إضافة إلى مديرية حريب في مأرب التي أحرزت فيها قوات العمالقة الجنوبية تقدما لافتا.
وفي تصريح له من طهران بعد لقاءات بمسؤولين إيرانيين من بينهم الرئيس إبراهيم رئيسي توعّد الناطق الرسمي للميليشيات الحوثية ورئيس وفدها التفاوضي محمد عبدالسلام بشن المزيد من الهجمات التي تستهدف دولة الإمارات.
وفي تصريح لـ”العرب” اعتبر الباحث السياسي اليمني سعيد بكران هجوم المسيّرات الذي نفذه الحوثي مستهدفًا الإمارات “دليلا على مدى خوف إيران من فاعلية الدور الإماراتي وتأثيره السريع في حسم الموقف في اليمن ومحاولة بائسة لمنع أبوظبي من مواصلة جهودها”.
وتابع “في الأسابيع الماضية، وبعد توافقات إزاحة الإخوان من شبوة وعودة الإمارات إلى المشهد بقوة ثم الانتصار المهم في بيحان ودحر الحوثيين منها، شعر الحوثيون وداعمهم الإقليمي بالخطر وظهر انكسارهم واضحا في ظل الفاعلية الإماراتية التي تصدت أيضا لمحاولات إسقاط مأرب، الحلم الإيراني الذي دفعت لأجله طهران الآلاف من اليمنيين إلى أتون الحرب”.
وشهدت الآونة الأخيرة تصاعدا لافتا في الضغوط الدبلوماسية الدولية والأممية على الحوثيين بالتوازي مع ضغوط عسكرية تمثلت في خسارة الميليشيات المدعومة من إيران مساحات واسعة في شبوة ومأرب وحصول التحالف العربي على بنك جديد للأهداف في العمق الحوثي.
وتزامن التصعيد الحوثي مع بروز مؤشرات على قرب انهيار اتفاق السويد وإمكانية تحرير موانئ الحديدة التي باتت أصابع الاتهام تشير إلى أن الحوثيين استخدموها في أغراض عسكرية، من بينها تهريب الأسلحة والقرصنة في البحر الأحمر التي كانت آخر عملياتها اختطاف سفينة الشحن الإماراتية “روابي”.
ولا يستبعد خبراء أن تكون عملية قصف منشآت إماراتية باستعمال طائرات حوثية مسيرة المسمار الأخير في نعش اتفاق السويد والشرارة التي ستشعل المواجهات مجددا في الحديدة واستكمال تحريرها من قبل قوات المقاومة المشتركة في الساحل الغربي التي تدعمها الإمارات.
ويشير المحلل العسكري اليمني وضاح العوبلي في تصريح لـ”العرب” إلى أن العملية تدل على أن الحوثيين يحاولون إيصال رسائل يثبتون من خلالها أمام أنصارهم أنهم قادرون على استهداف أي طرف في التحالف.
وأضاف “ما يقوم به الحوثي يمثل تحرشًا سيكون هو المتضرر الأكبر منه، لأنه بهذا الاستهداف وما سبقه من قرصنة للسفينة الإماراتية ‘روابي’ يشرعن عودة الإمارات إلى اليمن كطرف فاعل كما كانت عليه قبل 2019، بعد أن أصبح الحوثي يمثل خطرا مباشرا على أمنها القومي بما قام به مؤخرا، وهذا يمنح الإماراتيين كل المبررات التي تعزز فكرة أن تدخلهم في اليمن ضد الحوثي صار ضرورة ملحة، ضمن عملية رد ضروري ومستوجب لفرض معادلات جديدة يكون فيها الحوثي هو الطرف الأضعف، باعتباره ميليشيا تتطاول على سيادة ومصالح دول أخرى”.
وحول توقعاته بشأن ردود الفعل المباشرة على الاستهداف الحوثي لدولة الإمارات يؤكد العوبلي أن “أبوظبي لن تغض الطرف عن اعتداءات كهذه، وخاصة أن لديها من المقومات ما يمكّنها من سحق وإخضاع ميليشيات الحوثي، وهذا ما يدركه الحوثيون أنفسهم”.
ووفقا للعوبلي “يمثل سيناريو عودة معارك تحرير الساحل والحديدة بالزخم نفسه الذي كانت عليه عام 2018 الهاجس المخيف والسيناريو الأسوأ بالنسبة إلى قيادات جماعة الحوثي”.