مدير مكتب الآثار بالمسيمير: آثار الحواشب تتعرض للإهمال والاندثار في ظل صمت السلطات الرسمية
أوضح مدير مكتب الآثار والمتاحف بالمسيمير محافظة لحج الأستاذ صلاح الدوس، بأن المديرية تمتلك إرثا تاريخيا كبيرا يتمثل بوجود المئات من الحصون والقلاع والمعابد والقبب الأثرية إضافة إلى العديد من المجسمات والتماثيل والمخطوطات الضاربة أطنابها في أعماق التاريخ.
وأشار إلى أن العديد من القلاع والحصون والقصور والمعابد والمبان التاريخية والأثرية في مختلف مناطق الحواشب تعرضت للإندثار وبعضها آيل للسقوط نتيجة الإهمال الذي تتعرض له.
وتطرق مدير مكتب الآثار بالمسيمير في هذا الحوار الذي أجريناه معه إلى العديد من القضايا والصعوبات التي تواجه المكتب وتحدث في البداية عن ما تحظى به بلاد الحواشب من معالم تاريخية قائلا: تمتلك مديرية المسيمير الحواشب بمحافظة لحج إرثا كبيرا من المعالم والحصون والقلاع والمعابد والمبان التاريخية والأثرية والموزعة على مختلف مناطق البلاد، حيث تتمتع بنمط معماري فريد.
ما هو السبب الرئيس في وجود هذا الكم الهائل من المعالم التاريخية بالمسيمير؟
-- يرجع السبب في وجود هذا العدد الكبير من المعالم والحصون والقلاع والمبان التاريخية في المسيمير الحواشب نظرا لانها كانت تمثل احدى سلطنات الجنوب العربي وظلت لفترة طويلة مقصدا للتجار القادمين من اماكن شطرية عديدة، بالإضافة الى كونها منطقة تقع على سهل متوسط يطل على شريط خصب وواسع لأكبر الأودية المحلية وهو وادي تبن، كما كانت الأرض الأولى التي استوطنها الغزاة والمحتلون ممن اختلفت أهدافها وهم من قاموا ببناء الكثير من الحصون والقلاع فيها، علاوة عن كونها أرض الأمراء والسلاطين.
ما هي أوضاع تلك المعالم الأثرية في الوقت الراهن؟
– أولاً يجب ان يعي الجميع قيمة هذه المعالم التاريخية والأثرية بالمديرية فهي جزءاً من حضارتنا وثقافتنا وهويتنا وعلى الرغم من كونها كذلك إلا أنها اليوم تندثر أمام أعيننا ونحن عاجزون عن إنقاذها وهذا شيء مؤسف جدا، حيث تعرضت الكثير من المبان للهدم والتغيير بسبب جهل البعص لقيمتها كثروة وطنية، بينما الأخرى اندثرت بشكل جزئي او كلي، فضلا عن قيام بعض المواطنين ببنائها على نمط جديد بعد أن هدموا البناء الأثري القديم، كما أن الكثير من المعالم الموجودة تعاني اليوم وبسبب الإهمال من انهيارات وتهدم بعض أجزائها، وغيرها تشكوا اليوم واقعا مؤلما نتيجة سيرها إلى الإندثار والمحو يوما بعد يوم، وباختصار فإن الكثير من المعالم الأثرية والتاريخية تشكوا الإهمال من قبل الدولة بالإضافة لتعرضها لإعتداءات مستمرة من جهة بعض المواطنين وكذا تعرضها لعوامل التعرية الزمنية الأمر الذي أدى لسقوط وتهاوي العديد من تلك المعالم في ظل غيات دور الجهات المعنية والتي لم تقم بترميمها والحفاظ عليها وحمايتها من المؤثرات.
ماذا عن المخطوطات في بلاد الحواشب؟
– بالنسبة للمخطوطات الأثرية والتاريخية في بلاد الحواشب فهي كثيرة وفي شتى المجالات مثل: العلوم والفنون والفقه والشعر وعلوم الفلك والجبر والمطابقة وعلم الجغرافيا والتاريخ لكن للأسف الشديد معظم القائمين على تلك المخطوطات لا يعرفون قيمتها الأدبية والفكرية والتاريخية فيتساهلون في الحفاظ عليها الأمر الذي يعرضها للتلف أو السرقة، كما ان هناك العديد من المخطوطات الأثرية موجودة لدى أبناء وأحفاد وورثة أصحاب المخطوطات مما يجعلها عرضة للنهب والسرقة والضياع.
هل نفذ مكتب الآثار والمتاحف أي أنشطة للحفاظ على المواقع التاريخية بالمديرية؟
– والله يا أخي نحن نبذل جهودا كبيرة للإرتقاء بأداء مهامنا حيث عملنا على إيجاد قاعدة بيانات للمعالم والآثار التاريخية في قرى ومناطق المديرية بالإضافة الى مناطق الحواشب الأخرى في الملاح والحرور وعن وضع كل معلم على حده وبصورة تفصيلية وبدورنا قمنا بالرفع للجهات المختصة سواء في وزارة السياحة أو الهيئة العامة للآثار وسلمنا بعض النسخ منها لقيادة السلطة المحلية بالمحافظة كما حررنا مذكرات إلى كل تلك الجهات لإعطائهم صورة عما تحتاجه هذه المعالم من احتياجات لإنقاذها مما يهددها كما عملنا على الحد من عمليات الإستحداثات التي تطال بعض المعالم التاريخية وحررنا عدة مذكرات للجهات الرسمية والأمنية لمنع ومحاسبة كل من يقوم بعملية هدم لأي معلم أثري حتى لو كان خاصا، مؤكدين في تلك المذكرات أن يتم التنسيق مع مكتب الآثار ومكتب المدن التاريخية وكذا طالبنا من الدولة والمنظمات والهيئات والمؤسسات المحلية والأجنبية العمل على دعم أصحاب المبان الأثرية التي تحتاج لإعادة ترميم وتأهيل بشرط أن يكون وفق المعايير والمقاييس المعتمدة لدينا أسوة بالدعم الذي قدم من قبل الدولة للمواطنين أصحاب المبان الأثرية في عدد من المدن اليمنية.
ماذا عن التنسيق بين مكتب الآثار وبقية الجهات الرسمية للحفاظ على المعالم الأثرية والتاريخية في المسيمير؟
– الحالة التي وصلت إليها الآثار والمعالم التاريخية بالمديرية لم تأت من فراغ أو عن طريق الصدفة بل كانت نتيجة غياب التنسيق وازدواجية القرار وتعدد مصادره فمثلا المعابد والقبب التاريخية تتوزع من حيث المسئولية بين مكتب الأوقاف من جهة وبين الآثار من جهة أخرى، كما هو الحال أيضا بالمبان والمناطق الأثرية والتي تتوزع فيها المسئولية بين الآثار ومكتب المدن التاريخية.
هل من صعوبات أو عراقيل تواجه مكتب الآثار بمسيمير لحج؟
– أخي العزير، هناك الكثير من الصعوبات والعراقيل التي تواجه مكتب الآثار أبرزها انعدام الميزانية وما نقوم به من عمل هو من جيوبنا ومالنا الخاص دون الحصول على أي دعم من أي جهة، وهذا ان دل على شيء فانما يدل على حبنا للعمل في خدمة بلادنا واخلاصنا لوطننا، ويؤكد في المقام الآخر أن الجهات المعنية لا تزال غير آبهة بالمهمة التي نقوم بها ونبذل لأجلها كل ما نملك.
كلمة أخيرة تودون قولها في نهاية هذا اللقاء؟
– أتمنى من الجهات المسؤولة أن تترجم حديثها عن الإهتمام بالمعالم والآثار إلى واقع عملي ملموس على الأرض، وذلك من خلال توفير الإمكانات المادية والفنية والبشرية للحفاظ على هذا الموروث الغني وتلك المعالم الحضارية وإنقاذ ما تبقى منها، كما أوجه نداء للأخوة المواطنين بان يحافظوا على تلك الآثار لكونها من الشواهد الحية الباقية التي تدل على عظمة صنيع الرعيل الأول وعلى عراقة الحضارة الإنسانية القديمة الضاربة في أعماق التاريخ.