مقتل 4 من تنظيم «داعش» وتوقيف 4 آخرين في الخرطوم

الخرطوم

روعت أصوات الرصاص سكان ضاحية «جبرا»، جنوب العاصمة السودانية الخرطوم، أمس، عقب تبادل إطلاق نار واسع بين القوات المشتركة وعناصر مسلحة من دولة أجنبية.

وشاهد السكان عدداً كبيراً من رجال الأمن المسلحين، وعدداً من السيارات المدرعة وهي تهرع إلى المنطقة، وتتبادل إطلاق النار مع ما تم وصفه بأنه «خلية أجانب إرهابية» متحصنة في إحدى البنايات.

وقال جهاز المخابرات العامة السوداني، في بيان صحافي حصلت عليه «الشرق الأوسط»، أمس، إن القوات المشتركة نفذت ظهر أمس مداهمة على موقعين بضاحية جبرا، إثر معلومات جديدة عن بؤر لتنظيم «داعش»، وأسفرت العملية عن قتل 4 من الخلية الإرهابية، والقبض على 4 آخرين من أتباع الجماعة الإرهابية.

وحسب البيان، طوقت قوات مشتركة من الجيش والمخابرات العامة والشرطة، المنطقة، وأغلقت المنافذ والطرق المؤدية للموقع حفاظاً على سلامة الأرواح والممتلكات، فسارعت المجموعة الإرهابية لإطلاق أعيرة نارية كثيفة على القوات مستخدمة أسلحة متنوعة، بينها بنادق «كلاشنكوف» ورشاشات، وقذائف «قرنوف» و«آر بي جي» وقنابل يدوية.

وأدت العملية لمقتل ضابط صف في القوات المسلحة، وأصيب ضابط برتبة رائد، وضابط صف من جهاز المخابرات العامة، وضابط صف من قوات الشرطة.

وقال البيان إن القوات المشتركة نفذت الأحد عملية مداهمة لموقعين بمدينة أم درمان أسفرت عن القبض على 8 عناصر أجنبية، وأهابت المخابرات العامة بالمواطنين للتبليغ عن أي عناصر يشتبه في انتمائها لـ«داعش»، ودعتهم لتوخي الحيطة والحذر.

وقالت سلطات الأمن السوداني، في 28 سبتمبر (أيلول) الماضي، إن 5 من رجالها، بينهم ضباط، لقوا مصرعهم في أثناء مداهمة لـ«وكر» يستغله عدد من المتطرفين الأجانب، وجرح آخر، وإنها ألقت القبض على 11 من المتطرفين الأجانب. وذكرت في اليوم التالي أنها ألقت القبض على 4 من أفراد الخلية الذين فروا في أثناء المداهمة. ونقلت تقارير صحافية أن سلطات الأمن ألقت القبض على الرأس المدبر للخلية الإرهابية في مدينة بورتسودان (شرق البلاد).

وفوجئ سكان الضاحية الهادئة بإطلاق كثيف للرصاص من أسلحة خفيفة ومتوسطة بالقرب من مسكن الجماعة الإرهابية التي تمت مهاجمتها قبل أكثر من أسبوع، فيما تناقلت وسائط التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو صورها نشطاء، ظهر فيها تحرك العشرات من السيارات المصفحة إلى مكان الحادث، في وقت استمر فيه إطلاق النار لعدة ساعات في المنطقة المزدحمة بالسكان والمتسوقين والمارة. وذكر مصدر أمني أن حركة المدنيين ومحاولتهم استطلاع ما يحدث أثرت على سرعة حسم المجموعات المتفلتة.

وتم تداول مقاطع فيديو يبدو أنها مصورة بهواتف ذكية للحظات إلقاء القوات الأمنية القبض على عدد من أعضاء الخلية الإرهابية.

وإضافة للإرهابيين الـ15 الذين تم إعلان القبض عليهم في وقت لاحق من الأسبوع الماضي، نقلت تقارير صحافية أن يوم أول من أمس شهد إلقاء القبض على 3 من الإرهابيين في ضاحية «الهدى» شرق الخرطوم، وأن أحد أحياء مدينة أم درمان شهد هو الآخر عملية أمنية للقبض على إرهابيين لم يكشف النقاب عن تفاصيلها بعد.

وقال شهود عيان من موقع الحدث إن المنطقة شهدت عمليات مطاردة مع أفراد من المجموعة الإرهابية في شوارع المنطقة السكنية، وتم تبادل كثيف للرصاص بين الطرفين، فيما لاذ عدد كبير من السكان بمنازلهم لتجنب الذخائر المتقاطعة. ولوحظ أن هناك أعداداً أخرى من المواطنين تجمعت بالقرب من منطقة تبادل إطلاق النار، ولا يعرف على وجه الدقة ما إن كانت العملية قد شهدت مقتل أو إصابة أي من المدنيين، أو عدد أكبر من رجال الأمن أو الإرهابيين. وأشارت تقارير إلى أن المتطرفين ما يزالون يحتجزون عدداً من المواطنين كدروع بشرية.

وحسب مصدر أمني تحدث للصحيفة، فإن قوات مشتركة من الشرطة وجهاز المخابرات العامة والقوات المسلحة شاركت في العملية المعقدة، واستخدمت خلال العملية عربات مدرعة وقناصة وأسلحة خفيفة.

ولاستضافة السودان لزعيم القاعدة أسامة بن لادن مطلع تسعينات القرن الماضي، فرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوبات اقتصادية، ودونته ضمن الدول الراعية للإرهاب، وذلك في أثناء فترة «الهياج الديني» التي شهدتها البلاد في الفترة الأولى من انقلاب «الجبهة الإسلامية»، بقيادة الراحل حسن الترابي والرئيس المعزول عمر البشير (الجبهة الإسلامية هي الاسم المحلي لجماعة «الإخوان المسلمين)، في يونيو (حزيران) 1989، التي سمحت لآلاف الإرهابيين بدخول البلاد والإقامة فيها تحت لافتة ما عرف وقتها بـ«المؤتمر الشعبي الإسلامي».

وفي أول عملية إرهابية تشهدها البلاد، قتل العشرات من المواطنين بهجوم شنه التكفيري عبد الله الخليفي (اليمني الجنسية) على مسجد أنصار السنة في أم درمان 1993، حيث فتح النيران على المصلين عقب صلاة الجمعة.

وفي 1997، استولت مجموعة متشددة على أحد أحياء مدينة ود مدني (وسط)، وقتل رجال الأمن أفراد المجموعة. وفي العام ذاته، استخدم أفراد من «التكفير والهجرة» السلاح الأبيض. وشن هجوم ثالث على مسجد بأحد أحياء المدينة، استخدم فيه السلاح الأبيض.

وقتل 27 شخصاً، وجرح آخرون، في هجوم على مسجد لأنصار السنة سنة 2000، شنه الإرهابي «عباس الباقر». وفي 2007، انفجرت عبوة ناسفة بأحد أحياء جنوب الخرطوم في مجموعة إرهابيين كانت تقوم بصناعة متفجرات، وعرفت بـ«خلية السلمة».

وفي أثناء الاحتفال بأعياد رأس السنة الميلادية 2008، اغتيل متطرفون الدبلوماسي الأميركي جون غرانفيل، وسائقه السوداني، على يد مجموعة متشددة محسوبة على تنظيم القاعدة.

وألقت قوات الأمن السوداني في 2012 القبض على عشرات الشباب المتشددين في محمية «الدندر» الطبيعة بولاية النيل الأزرق (جنوب شرقي الخرطوم)، بعد مواجهات راح ضحيتها أحد رجال الشرطة. وكانت المجموعة بحسب التحقيقات تتدرب للهجرة إلى دولة مالي لمواجهة القوات الفرنسية هناك.

وأطلقت السلطات بعد فترة أفراد الخلية، وعددهم نحو 23 شخصاً، بعد أن وجهت لهم النصح، ونظمت لهم جلسات استتابة، فيما أصدرت أحكاماً بالإعدام بحق قتلة الدبلوماسي الأميركي جون غرانفيل، بيد أنهم هربوا (أو هُربوا)، ليلقى بعضهم حتفه في أثناء المطاردة، فيما قتل الباقون في عمليات إرهابية في الصومال.

وبالإعلان عن إنشاء تنظيم داعش، كشفت السلطات السودانية عن هروب عدد كبير من الشباب والشابات، أغلبهم طلاب جامعات، للالتحاق بالتنظيم في سوريا والعراق وليبيا. وحظيت الجامعة المملوكة للقيادي الإسلامي مأمون حميدة (كلية العلوم الطبية) بأعلى نسبة من الشباب الملتحقين الذين قتل بعضهم هناك، فيما عادت بعض الشابات اللواتي كن قد هربن يحملن أطفالهن بعد أن قتل الرجال الذين تزوجن بهم هناك.