سرب من الطائرات المدمرة الروسية في «قاعدة 24» قرب الحدود الأوكرانية
قراءة في توجّهات راديف إزاء موسكو
وفقاً لخبراء في بلغاريا، فإن روسيا ونظام قوتها تشكل نموذجاً ومثالاً للرئيس رومن راديف. وهذا، مع الإشارة إلى أن هذا الموضوع نوقش بنشاط في المجتمع البلغاري منذ اندلاع الأزمة الداخلية الحادة في البلاد.
ويشير الخبير ديميتار بوبوف إلى أنه «بعد إعادة انتخاب الجنرال، سيظهر وضع سياسي جديد في البلاد - بغالبية انتخابية تحتاج إلى حزب ذي برنامج استبدادي جذري ومحب للروس». أما العالم السياسي أوغنيان مينتشيف، فيرى أن موسكو «تستخدم موارد رئيسية عدة لضمان السيطرة الاقتصادية والسياسية على بلغاريا: مافيا الطاقة، والفساد المنهجي، والحرب الدعائية على الأراضي البلغارية».
في هذه الأثناء، يعتقد بعض الخبراء أن ناخبي راديف هم «هذا الجزء من المجتمع الذي يعتقد أن نظام القبضة الحازمة هو الوحيد الذي يمكن أن يكون الضامن لاستقرار أكبر. وللسبب نفسه، فإن هذا الجزء من الناخبين، كما تظهر استطلاعات الرأي، يقيّم بشكل عام بشكل إيجابي أنشطة الحكومة الانتقالية التي عيّنها راديف في مايو (أيار) الماضي بعد نجاحه في إطاحة بويكو بوريسوف وحكومته المحافظة».
رغم ذلك كله، لا يظهر راديف مبالاة تجاه انتقادات واتهامات خصومه. وهو يرى أن النهج الذي يسير عليه يحقق لبلغاريا نوعاً من الاستقرار الذي تحتاج إليه منذ سنوات طويلة، فضلاً عن تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية. وفي إشارة لافتة بدا أن راديف وحتى قبل تدشين ولايته الرئاسية الجديدة تعمد إثارة جدل جديد كبير حول سياساته المقبلة.
ذلك أنه قبل ثلاثة أيام فقط من موعد الانتخابات، وخلال مناظرة مع أحد المنافسين، تسبب راديف في إطلاق عاصفة كبيرة عندما أعلن أن «القرم في الوقت الحالي روسية».
وجاء توقيت هذا الإعلان من الرئيس المرشح مع احتدام المواجهة الروسية مع الغرب، ومع تفاقم تأجيج الموقف على الحدود مع أوكرانيا، والتحذيرات المتواصلة من عملية عسكرية روسية محتملة ضد البلد السلافي «الجار”، شكلا صدمة كبرى لأوساط في أوروبا فضلا على أوكرانيا.
على الفور دُعي السفير البلغاري لدى أوكرانيا إلى مقر وزارة الخارجية الأوكرانية في كييف. ووصفت السلطات الأوكرانية تصريحات راديف بأنها غير مقبولة وغير صحيحة. إلا أن السفير البلغاري كوستدين كودشاباشيف - وفقاً لبيان وزارة الخارجية الأوكرانية - أكد على الفور للجانب الأوكراني «موقف بلغاريا غير المتغيّر في دعم وحدة أراضي أوكرانيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم كجزء لا يتجزأ من أوكرانيا». لا، بل وأكد على «مواصلة صوفيا المشاركة في الجهود المبذولة لإنهاء احتلال شبه الجزيرة، وعلى وجه الخصوص، من خلال مشاركة بلغاريا في أعمال منصة القرم».
بالطبع، حاول راديف الدفاع عن موقفه، فقال في اليوم التالي «لا توجد دراما هنا، السؤال واضح تماماً: ضم شبه جزيرة القرم انتهاك للقانون الدولي. لكن كما قلت خلال المناقشة، هناك حقائق في السياسة. وفي الوقت الحالي شبه جزيرة القرم روسية».
هذا الموقف عرّض، كما هو متوقع، راديف لانتقادات حادة من جانب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ووصف بأنه «يلعب مع الدعاية الروسية». وأعلنت الولايات المتحدة، أنها تشعر بقلق عميق إزاء التصريحات الأخيرة للرئيس البلغاري، وأفاد بيان أصدرته السفارة الأميركية في صوفيا «لقد أعلنا جميعنا، بما في ذلك بلغاريا، في قمة منصة القرم في أغسطس أن شبه جزيرة القرم جزء لا يتجزأ من أوكرانيا، وأننا لا نعترف ولن نعترف بمحاولات روسيا لإضفاء الشرعية على الاستيلاء غير المشروع على شبه الجزيرة واحتلالها».
لكن، هل سيكون لآراء رومن راديف حول شبه جزيرة القرم، التي تختلف بشكل واضح عن نظيرتها في أوروبا، أي تأثير حقيقي على سياسة بلغاريا؟
يقول خبراء، إنه من حيث المبدأ، وبناءً على تصريحات وأفعال الرئيس السابقة، لم يحدث شيء مفاجئ. إذ تصرف راديف غير مرة بطريقة لم يسع الكرملين معها إلا أن يمدحه، فهو لم يدافع عن المعارض الروسي أليكسي نافالني بكلمة واحدة. بل وظل صامتاً بشكل لافت، أثناء كشف نشاط شبكة تجسس روسية في بلاده، اعقبها طرد ما يقرب من اثني عشر من ضباط الاستخبارات الروسية من بلغاريا كانوا يحملون جوازات سفر دبلوماسية. وأكثر من ذلك، فهو يتحدث بشكل مستمر عن «عبث ولا جدوى العقوبات ضد موسكو».
يلاحظ معارضو راديف، أن موقف راديف المؤيد لروسيا تمليه عوامل عديدة. فحسب إيفان سوتيروف، نائب رئيس «اتحاد القوى الديمقراطية” اليميني، فإن لجنة ترشيح راديف لفترة رئاسية ثانية كانت تعجّ بممثلي الحزب الشيوعي السابق، وضباط أمن الدولة السابقين وأنصار بوتين.
وفي المقابل، لا يبدو الرئيس البلغاري الحاصل للتو على تفويض شعبي جديد مستعداً لتغيير السياسات التي قادته إلى الفوز. وكما يقول خبراء روس، فهو «على طريقة الجنرالات سيخوض معركته حتى النهاية».