أزمة اللاجئين تدفع لتعزيزات عسكرية على الحدود

روسيا تتملص من تهديدات بيلاروسيا... وتطمئن أوروبا بشأن إمدادات الغاز

موسكو

سعت موسكو، أمس، إلى تخفيف القلق الأوروبي حيال استقرار إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر الأراضي البيلاروسية، وتملص الكرملين من تهديدات نارية أطلقها الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، حول إمكانية وقف إمدادات الغاز في حال واصل الأوروبيون ممارسة ضغوط على بلاده، وفرضوا عقوبات جديدة. 

 

بالتزامن مع ذلك، بدا أن أزمة اللاجئين على الحدود البيلاروسية مع أوروبا اتخذت بعداً أخطر مع تحرك بلدان حلف شمال الأطلسي لزج تعزيزات عسكرية إضافية في ليتوانيا وبولندا، في المقابل، أرسلت موسكو وحدة مظليين إلى الجانب البيلاروسي من الحدود، وتعهدت بمواصلة تعزيز قدرات مينسك العسكرية. وأعلن الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، أن تصريحات لوكاشينكو حول إمدادات الغاز «لم يتم تنسيقها مع الكرملين».


وزاد أن لوكاشينكو «لم يناقش هذا الموضوع مع روسيا ولم ينسق موقفه معها»، مشدداً على أن «روسيا كانت وستظل دائماً متمسكة بالتزاماتها تجاه تزويد المستهلكين في أوروبا بالغاز، والوفاء بالالتزامات التعاقدية... موثوقية روسيا كمورد وكشريك في العقود الحالية والمستقبلية أمر لا شك فيه». وكان رئيس بيلاروسيا أثار مخاوف جدية عندما هدد الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعه مع أعضاء الحكومة البيلاروسية، باحتمال «وقف خط إمداد نقل الغاز من يامال الروسية، الذي يمر عبر أراضي بيلاروسيا، إلى أوروبا، في حال فرضت الأخيرة حزمة جديدة من العقوبات على بلاده».


ودعا لوكاشينكو، الاتحاد الأوروبي، للتفكير ملياً قبل فرض أي عقوبات، منوهاً بأن بلاده «لن تغفر» للاتحاد الأوروبي، وستتخذ إجراءات في حال فرض الاتحاد حزمة جديدة من العقوبات ضد بيلاروسيا. وتوالت ردود الفعل الأوروبية، وعلقت بروكسل بأن «الغاز سلعة ولا يمكن أن يتم استخدامها سياسياً أو لأغراض الابتزاز».


وأعربت وزارة الاقتصاد في ألمانيا عن الأسف لتصريحات لوكاشينكو.


تزامنت هذه التطورات مع اتساع سخونة الوضع في المنطقة الحدودية التي تشهد توتراً واسعاً على خلفية وصول آلاف اللاجئين إلى المعابر الحدودية مع بولندا وليتوانيا. ومع التعزيزات التي أرسلتها بلدان حوض البلطيق إلى المنطقة الحدودية، جاء إعلان الأطلسي عن استعداده لمساعدة هذه الجمهوريات في حماية أمن حدودها، وتزامن ذلك مع إعلان بريطانيا إرسال وحدات عسكرية للمساعدة في حماية الحدود. في المقابل، أكدت وزارة الدفاع الروسية أن روسيا أرسلت، أمس، وحدة من المظليين إلى بيلاروسيا لإجراء التدريبات والمناورات المشتركة مع القوات البيلاروسية في منطقة غرودنو الحدودية.

 وقالت الإدارة العسكرية التابعة لوزارة الدفاع الروسية، في بيان، إن التدريبات تعد جزءاً من فحص الجاهزية القتالية للقوات الجوية، وفي إطارها ستقوم وحدة فرعية من المظليين الروس بهبوط عملي على موقع بمنطقة غرودنو في بيلاروسيا. وتابع البيان أنه «لضمان التدريبات على الهبوط، تشارك في العمليات طائرات النقل العسكري من طراز (إيليوشين 76) التابعة للقوات الجوية الروسية، وهي توجد حالياً في المجال الجوي لبيلاروسيا بعد أن أقلعت من قواعدها في الأراضي الروسية».


سياسياً، سعت مينسك إلى تخفيف حدة التوتر الذي سببته تصريحات لوكاشينكو، وأعلنت، أمس، نائبة رئيس الديوان الرئاسي أولغا تشوبريس، أن «الحوار بين الاتحاد الأوروبي ومينسك ضروري، وقد يصبح مخرجاً من الوضع حول اللاجئين الموجودين على حدود بيلاروسيا مع الاتحاد».


وزادت أنه «من أجل الخروج من هذا الوضع، يبدو لي أنه يجب على رؤساء الدول المجاورة، بولندا وليتوانيا والدول الأخرى من أعضاء الاتحاد الأوروبي، أن يطلقوا حواراً مع مسؤولي وقيادة جمهورية بيلاروسيا بشأن وضع خريطة طريق، وذلك لمنع تدهور الوضع... والتغلب على العواقب السلبية المحتملة التي قد تسفر عن وقوع ضحايا بشرية». وأضافت أن خريطة الطريق المقبلة ستسمح بتوحيد الجهود لمساعدة المهاجرين، مشددة على أن تسوية القضية يجب أن يشارك فيها مفوضو الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وشؤون اللاجئين. كما دعت إلى إجراء تقييم قانوني لإجراءات قوات الأمن البولندية تجاه اللاجئين.


على الصعيد الأوكراني، نفى بيسكوف تقارير وسائل الإعلام الغربية بأن موسكو لديها نية لغزو أوكرانيا. ووصف هذه التقارير بأنها «محاولة جوفاء لا أساس لها من أجل إثارة التوترات». وقال: «روسيا لا تهدد أحداً»، مضيفاً أن «تحرك القوات على أراضينا لا ينبغي أن يكون مدعاة لقلق أحد».