قيس سعيّد يتوعد مفتعلي أزمة النفايات بملاحقتهم بالقانون والقضاء

الرئيس التونسي يندد بافتعال أزمة النفايات في صفاقس

تونس

اتهم الرئيس التونسي قيس سعيّد مساء الاثنين أثناء لقائه برئيسة الحكومة نجلاء بودن ووزير الداخلية توفيق شرف الدين، أطرافا لم يسمها بافتعال أزمة اجتماعية من وراء مشكلة النفايات التي غرقت فيها محافظة صفاقس، وذلك ردا على فرضه التدابير الاستثنائية في البلاد وتوليه معظم السلطات.

 

وقال الرئيس سعيّد "إن جانبا من الأزمة مصطنع"، وإن هناك من يريد ضرب الدولة وضرب المرافق العمومية، مضيفا "صفاقس مدينة منكوبة من الناحية البيئية. وهناك من يعد العدة حتى لا ترفع القمامة من مدينة تونس ومدن أخرى بهدف مقايضة التونسيين بصحتهم".

 

وأكد سعيّد أنه "سيتم التصدي لهؤلاء بالقانون والقضاء"، مشددا على أنه لن يتم السماح لهم بتفجير الدولة من الداخل وسيتم منعهم من الوصول إلى مبتغاهم".

 

وتابع أنهم "لا يستطيعون العيش دون أزمات ويفتعلون هذه الأزمات، ومن ثم تنطلق الافتراءات التي يعملون على إكسائها بغطاء قانوني".

 

وأشار سعيد خلال اللقاء الذي تناول الوضع البيئي في تونس، خاصة في صفاقس، إلى أن "تونس دولة واحدة، ويجب تطبيق القانون على الجميع على قدم المساواة"، مضيفا أنه "لا مجال للمسّ بصحة المواطنين في كل مكان".

 

وتتراكم أكياس النفايات وسط مدينة صفاقس بشكل أضرّ بجمالية المدينة التي تعتبر عاصمة اقتصادية لتونس، حيث ترفض المجالس المحلية رفع النفايات إلى حين إيجاد حل بديل لإغلاق مركز تجميعها في منطقة عقارب التابعة للولاية.

 

ومكب النفايات ببلدة عقارب يقع على بعد 20 كيلومترا من صفاقس جرى إغلاقه هذا العام بعد احتجاجات من سكان المنطقة على إلقاء نفايات كيميائية في المركز، ما يسبب ضررا لسكان المنطقة المجاورة.

 

وتسبب الإغلاق منذ نحو شهرين في تراكم آلاف الأطنان من النفايات المنزلية في الشوارع والأسواق، وحتى أمام مستشفيات صفاقس، ثاني أكبر مدينة تونسية.

 

وأثار تراكم النفايات المنزلية في الشوارع غضبا واسعا في صفاقس، حيث تظاهر الآلاف الأسبوع الماضي قائلين إن السلطات "تتعمد قتلهم وانتهاك حقهم في الحياة".

 

وأمام هذا الوضع البيئي الذي ينذر بالخطورة، أمر الرئيس سعيّد وزير الداخلية ورئيسة الوزراء بالتدخّل الفوري لوضع حدّ للأوضاع والتوترات السائدة في محافظة صفاقس، كبرى محافظات الجنوب التونسي، بسبب تفاقم أزمة النفايات.

 

وعقب ذلك أعلنت وزيرة البيئة ليلى الشيخاوي استئناف نشاط مركز تجميع الفضلات، معتبرة أنه ملك للدولة، وتجب إعادة تشغيله للحد من المخاطر الصحية والبيئية والاقتصادية، بعد أن تفاقمت أزمة النفايات في الولاية مؤخرا.

 

وأضافت الوزارة في بيان أنه تم إقرار سبعة إجراءات مصاحبة لهذا الإجراء، أولها الانطلاق فورا في أشغال التهيئة داخل المركز، أما الإجراء الثاني فهو الانطلاق في استخراج الغازات ومعالجتها مع مضاعفة تواتر عمليات إزالة الروائح والمداواة ضد الحشرات.

 

ووفق البيان الصادر عن الوزارة، تقرر أيضا تشريك المجتمع المدني في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتصرف في النفايات.

 

وفور فتح المركز، قال شهود عيان إنه مع بدء جمع النفايات من صفاقس وتحميلها باتجاه عقارب، تجمع المئات من الشبان رفضا للقرار، ما دفع الشرطة إلى إطلاق الغاز لتفريقهم.

 

وعاد محتجون رافضون لإعادة فتح مكب النفايات، إلى الخروج، في مظاهرات الثلاثاء ، نددوا من خلالها بقرار السلطات استئناف نشاط المكبّ، وذلك بعد ليلة ساخنة من المواجهات بينهم وبين قوات الأمن.

 

هذا وأصدر الاتحاد العام التونسي للشغل بيانا، الثلاثاء، قرر فيه الإضراب العام بالقطاعين العام والخاص في محافظة صفاقس، الأربعاء، احتجاجا على الأحداث في مدينة عقارب.

 

وحمّل الاتحاد العام التونسي للشغل، وزارة الداخلية مسؤولية التدخل الأمني "الوحشي" في عقارب.

 

هذا واندلعت مناوشات جديدة بين الطرفين، استخدم فيها المتظاهرون الغاضبون الذين قاموا بغلق الطرقات أمام شاحنات الفضلات، الحجارة، بينما استعملت الشرطة القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم، قبل أن تنسحب.

 

وأحرق محتجون غاضبون في بلدة عقارب مركزا للحرس الوطني على خلفية ما يقولون إنه وفاة شاب جراء استنشاق الغاز خلال فض احتجاجات الاثنين، لكن وزارة الداخلية نفت أن تكون للشاب المتوفي أي علاقة بالاحتجاج، مضيفة أنه توفي بسبب صحي طارئ في بيته الذي يبعد ستة كيلومترات عن موقع الاحتجاج.

 

وانسحبت قوات الأمن من المنطقة عقب إحراق المركز، ظهر الثلاثاء، دون أن يتم الإعلان رسميا عن تسجيل إصابات، جراء تلك المواجهات.

 

وإثر، ذلك وصلت قوات من الجيش التونسي، لتأمين مؤسسات حكومية عقب انسحاب الأمن منها.

 

وشهدت المدينة شللا تاما في الخدمات العامة وتوقف لمظاهر الحياة اليومية، بعد غلق كل المؤسسات والمرافق الإدارية العمومية والخاصة عن العمل مع غلق كل المحلات والمقاهي.

 

في الأثناء، تعيش محافظة صفاقس حالة احتقان كبيرة على خلفية تكدّس النفايات والفضلات وعدم رفعها منذ نحو 40 يوما، بسبب رفض أهالي منطقة عقارب فتح مكبّ النفايات المخصص للمحافظة.

 

وفي وقت سابق الاثنين، أكد الناطق الرسمي باسم محاكم صفاقس مراد التركي أنه "تم فتح تحقيق الاثنين حول أسباب وملابسات تراكم الفضلات وانعدام الحلول الكفيلة بالتخلص منها، قبل توجيه التهم ضد كل طرف ثبت تقصيره في الحادثة".

 

وأعلن التركي أنه تم "تأجيل النظر في القضية الاستعجالية التي رفعها اليوم (الاثنين) ممثلو المجتمع المدني ضد البلديات ووزارة البيئة ووكالة التصرف في النفايات، إلى الأربعاء العاشر من نوفمبر".

 

وأضاف أن "المحكمة الابتدائية بصفاقس 2 ستنظر الثلاثاء في قضية استعجالية ثانية ضد عدد من البلديات، بسبب شبهات التقصير في رفع النفايات".

 

وتتكرر الصعوبات المتعلقة بمعالجة القمامة في تونس التي يبلغ عدد سكانها 12 مليون نسمة. ويتم طمر غالبية 2.5 مليون طن من القمامة تجمع كل عام في المكبات، من دون معالجتها أو حرقها، في حين يعاد تدوير كمية صغيرة فقط، وفق العديد من المنظمات الدولية. 

 

وبحسب تقرير حديث للبنك الدولي، تجمع 61 في المئة فقط من النفايات في العاصمة تونس وينتهي الأمر بمعظمها في مكبات قمامة مفتوحة.