الحاكم بأمره قاد الحزب إلى الهلاك
حزب المستقيلين.. هل هو مظلة جديدة للنهضة استعدادا لما بعد قرار الحل
لفتت أوساط سياسية تونسية إلى التزامن بين إعلان مجموعة المستقيلين عن تكوين حزب سياسي جديد بعد الخروج من حركة النهضة وبين تزايد الحديث عن حل الحركة استنادا إلى تقرير محكمة المحاسبات وإصرار الرئيس التونسي قيس سعيد على التسريع بتنفيذ ما جاء من أحكام قد تنتهي إلى حل ثلاثة أحزاب من بينها حركة النهضة.
ولم تستبعد هذه الأوساط أن يكون السعي للإعلان عن حزب جديد استعدادا لمرحلة جديدة قد تقود إلى حل حركة النهضة بسبب قضية اللوبينغ بالرغم من بياناتها التي تنفي أيّ صلة لها بالموضوع، مشيرة إلى أن الحركة عرفت بقدرتها على المناورة واستعدادها لأيّ سيناريوهات يمكن أن تهدد بقاءها.
وقالت هذه الأوساط إن تشكيل حزب سياسي جديد بهوية مدنية كما يعلن عن ذلك بعض القادة المستقيلين قد يكون مخرجا ذكيا لإخراج حركة النهضة من ورطتها القانونية فيما لو ثبتت الاتهامات التي تضمّنها تقرير دائرة المحاسبات. كما أن المظلة الحزبية الجديدة ستساعدها على الخروج من ورطة تاريخ حركة النهضة خاصة ما تعلق باتهامها بالعنف واختراق مؤسسات الدولة وموقفها السلبي تاريخيا من المكاسب التشريعية ذات البعد الاجتماعي التي تأسست على مجلة الأحوال الشخصية.
ويعتقد مراقبون سياسيون محليون أن موجة الاستقالات التي عرفتها النهضة خلال السنوات الماضية لم تكن ضد الحزب ولا تاريخه ولا خططه في الهيمنة والاختراق، وهي ترتبط أساسا بشخص راشد الغنوشي رئيس الحركة والمسيطر على قرارها، وهو ما يجعل العودة إلى الحركة أو تأسيس حزب شبيه بها وبنفس المبادئ والتوجهات الكبرى أمرا ممكنا ومقبولا حتى من الذين استمروا مع الغنوشي من قيادات.
وفي سؤال لـ”العرب” عن إمكانية حل حزب حركة النهضة وظهور حزب بديل، قال المحلل السياسي التونسي منذر ثابت إن “الذهاب إلى مشهد سياسي جديد لا يعني بالضرورة أن حركة النهضة لن تعود تحت عناوين ومضامين جديدة”.
وحث الرئيس قيس سعيد في أكثر من مرة محكمة المحاسبات إلى أن “يُرتّب بسرعة الآثار القانونية لما ورد في تقرير محكمة المحاسبات من تجاوزات وجرائم انتخابية مختلفة”، متحدثا عن وجود تمويل أجنبي لحملات انتخابية لثلاثة أحزاب.
وتقول الأوساط السياسية السابقة إن الرئيس قيس سعيد قد يكون حصل على معطيات إضافية وتأكيدات مختلفة على أن ما جاء في تقرير محكمة المحاسبات أمر دقيق، ولهذا فهو يحث على المضي في تنزيل تلك الحقائق إلى قرارات قضائية لإظهار أن المرحلة الجديدة تعتمد على الأدلة في الحرب على الفساد كما أنها لا تتسامح مع أيّ جهة أو حزب مهما كان وزنه وعلاقاته في الداخل والخارج.
وكان تقرير محكمة المحاسبات الذي صدر في نوفمبر من العام الماضي قد أشار إلى أن حركة النهضة الإسلامية تعاقدت مع شركة ضغط أميركية منذ عام 2014 لتلميع صورتها، والأمر نفسه ينطبق على حزب قلب تونس، و”عيش تونسي”. لكن التقرير ظل دون متابعة قضائية.
وأكد ثابت أن “حل الأحزاب مسألة تحتاج إلى إجراءات، والإجراءات بدورها تحتاج إلى درجات تقاض، لكن من حيث المبدأ المفروض أن يتم التحقيق في التمويل الأجنبي للأحزاب والجمعيات منذ 2011”.
وتابع “الرئيس قيس سعيد هو من صرّح بأن تقريرا واردا من الولايات المتحدة يؤكد وجود تجاوزات من تلك الجهات ولديه معطيات في الموضوع”، مشيرا إلى أن “التحقيق في مقر حركة النهضة من الناحية التقنية سيفيد مختلف الجهات المتعهدة بالملف”.
ويقول المراقبون إن القضاء الذي كان في السابق واقعا تحت تأثير الضغوط السياسية المختلفة أصبح الآن في وضع أفضل، ما يمكّنه من الذهاب في أحكامه إلى أقصى العقوبات بدءا بإلغاء فوز قوائم بالانتخابات وصولا إلى حل الأحزاب التي حصلت على مال خارجي، وهو وضع قد يمهد لحل البرلمان بشكل قانوني.
وأكد بسام الطريفي نائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أن فرضية حلّ الأحزاب المعنية بهذه التجاوزات أمر ممكن قانونيا، و”يمكن أن تتقدم رئاسة الحكومة بدعوى في ذلك مثلما تم مع حزب التجمع الدستوري الديمقراطي سابقا، ورئيسة الحكومة لديها من الصلاحيات ما يكفي للقيام بذلك”. لكنه تساءل في تصريح لـ”العرب” إن كان محتوى تقرير محكمة المحاسبات “له انعكاسات على تواجد الأحزاب المعنية في المشهد السياسي”.