البحث عن حل

ميقاتي يبحث عن مخرج من "المنزلق الكبير" بعد أزمة غير مسبوقة مع دول الخليج

بيروت

تواصل الحكومة اللبنانية البحث عن مخرج للأزمة غير المسبوقة مع دول الخليج بعد تصريحات لوزير الإعلام جورج قرداحي، وهو ما دفع رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي إلى التأكيد أن بلاده "أمام منزلق كبير"، خاصة بعد الإجراءات التي اتخذتها الرياض بوقف كافة الواردات اللبنانية إلى المملكة، واستدعاء سفيرها في بيروت للتشاور، وسحب السفير اللبناني لديها.

 

ونقل تلفزيون الميادين الموالي لإيران ومقره بيروت عن ميقاتي قوله "نحن أمام منزلق كبير، وإذا لم نتداركه سنكون وقعنا في ما لا يريده أحد منا".

 

وذكر ميقاتي أنه ناشد وزير الإعلام جورج قرداحي "أن يغلب حسه الوطني على أي أمر آخر" لنزع فتيل الأزمة مع السعودية، غير أن هذه المناشدة لم "تترجم على أرض الواقع"، فقد رفض قرداحي تقديم استقالته، وأكد الأحد حسب ما نقلته عنه قناة "الجديد" اللبنانية على موقعها الإلكتروني، أن "استقالتي من الحكومة غير واردة".

 

وتسعى بيروت إلى فتح قنوات حوار مع الرياض على وجه الخصوص، حيث دعا وزير الخارجية عبدالله بوحبيب الاثنين الرياض إلى الحوار لحل الأزمة الراهنة بين الدولتين.

 

وقال بوحبيب في تصريحات إن "المشاكل بين الدول الصديقة والشقيقة لا يمكن حلها إلا بالحوار والتواصل والثقة، ولكن ليس بإرادة الفرض، وهذا يسري على لبنان والسعودية"، مضيفا أن "لبنان يدعو السعودية إلى حوار لنحل كل المشاكل العالقة وليس الإشكال الأخير فقط، لكي لا تتكرر الأزمة ذاتها في كل مرة".

 

وأضاف وزير الخارجية اللبناني "إذا لم يجر أي حوار وتواصل، فإن ما يحصل لا يمتّ بصلة إلى منطق الأخوة والصداقة"، مؤكدا حرص لبنان على "معالجة القضية بالحوار، أما أن يطلب أي طرف منا إزاحة حزب الله من المشهد، فكيف لنا أن نفعل ذلك وهو مكون لبناني شئنا أم أبينا؟".

 

وقال أبوحبيب "نحن نتعاطى مع حزب الله اللبناني، أما كل ما يخص حضوره في الإقليم وفي أي ساحة خارجية فهذا يجعل القضية تتجاوز قدرة لبنان" على حلّها.

 

وأعرب عن قناعته بأنّ "أي تفاهم أميركي - إيراني وأي اتفاق سعودي - إيراني يساعد على حلّ هذه القضية، لكننا وحدنا هنا لا نستطيع حلها". وأكد "إننا نريد أفضل العلاقات مع السعودية، لكن يجب أن تتعاون معنا لنجد حلولا".

 

وتعمقت أزمة لبنان لا مع السعودية فحسب، بل حذت البحرين والكويت أيضا حذوها، في حين سحبت الإمارات دبلوماسييها من بيروت وحظرت على مواطنيها السفر إلى لبنان.

 

وبدت مساعي ميقاتي لمعالجة تبعات أزمة التصريحات مع دول الخليج والرياض غير مجدية، فرغم بيانه المشترك مع الرئيس ميشال عون الذي اعتبرا فيه أن كلام قرداحي لا يمثل الحكومة، غير أن الأزمة تواصلت باستدعاء الرياض سفير لبنان إلى الخارجية السعودية مباشرة بعد البيان.

 

واعتبر وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في بيان أن "التعامل مع بيروت غير ذي جدوى في ظل هيمنة حزب الله على النظام السياسي اللبناني.. ليست هناك أزمة مع لبنان، بل أزمة في لبنان بسبب هيمنة وكلاء إيران".

 

مضيفا أن "تصريحات الوزير هي دليل على الواقع، واقع أن المشهد السياسي في لبنان لا يزال يهيمن عليه حزب الله. الموضوع بالنسبة لنا أوسع من مجرد تعليقات وزير".

 

ويرى مراقبون أن الحكومة اللبنانية تعول على التدخلات الخارجية لحل أزمتها مع دول الخليج، حيث طلبت وساطة واشنطن لحل الأزمة الحالية.

 

ويحرص لبنان على إبقاء خطوط التواصل مفتوحة مع السعودية وأشقائه الخليجيين، من خلال إصرار الحكومة على مواصلة الاتصالات الخارجية لمساعدتها في التوصل إلى حل يرضي المملكة.

 

وسيلتقي ميقاتي على هامش قمة المناخ التي ستنعقد في مدينة غلاسكو في أسكتلندا، مسؤولي عدد من الدول العربية والغربية طلبا للمساعدة، بحسب ما أشار مراقبون.

 

ويقول محللون إن الأزمة الراهنة تعكس صراعا سعوديا - إيرانيا يدفع ثمنه مجددا لبنان الغارق في أسوأ أزماته الاقتصادية.

 

وتأتي الأزمة الدبلوماسية فيما كانت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تعمل على إعادة ترتيب علاقاتها السياسية مع دول الخليج، خصوصا السعودية، وتعوّل على دعمها المالي في المرحلة المقبلة للمساهمة في إخراج البلاد من أسوأ أزماتها الاقتصادية.