الأزمة تستمر في غياب الحوار
لا حوار بين السعودية ولبنان ولا إرادة دولية برحيل حكومة ميقاتي
كشف وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب مساء الأحد أن بلاده تسعى إلى فتح قنوات اتصال مع السعودية عبر دول كبيرة ومؤثرة، عقب الأزمة الدبلوماسية التي أحدثتها تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي، مشيرا إلى أن الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي باقية وهناك تطمينات دولية لدعمها.
وقال بوحبيب في مقابلة مع قناة "الجديد" التلفزيونية إن لبنان يحاول الاتصال بدول كبيرة ومؤثرة للمساعدة في الحوار مع السعودية.
وأضاف "هناك قساوة سعودية لا نتفهمها، فالمشاكل بين أي دولتين يتم حلها عبر الحوار، وهذا ما لم يحصل بعد".
وتابع "لن نقبل أن تُحل الأزمة على حساب السعودية أو على حساب لبنان، ولتتحرك جامعة الدول العربية وتدعو إلى الحوار".
وكان قرداحي اعتبر في مقابلة تلفزيونية أجريت قبل توليه منصبه في سبتمبر، أن المتمردين الحوثيين "يدافعون عن أنفسهم.. في وجه اعتداء خارجي".
وأعربت الحكومة اللبنانية في بيان عن رفضها للتصريح، مشيرة إلى أنه "لا يعبر عن موقفها"، لكن قرداحي رفض الاعتذار عن "آرائه الشخصية"، قائلا "أنا لم أخطئ في حق أحد. ولم أتهجم على أحد. فلم أعتذر؟".
ودفع موقف قرداحي السعودية إلى سحب سفيرها لدى بيروت والطلب من السفير اللبناني مغادرة الرياض ووقف كل الواردات اللبنانية إليها. واتّخذت البحرين والكويت خطوة مماثلة، فيما قررت الإمارات سحب دبلوماسييها من بيروت.
وشكلت السلطات اللبنانية خلية أزمة وزارية وعقدت اجتماعا السبت بحضور القائم بأعمال السفارة الأميركية في بيروت ريتشارد مايكلز. وقال مسؤول سياسي لبناني إن "الأميركيين والفرنسيين ودولا عربية يشاركون في مساعي حل الأزمة".
لكن بوحبيب كشف في اللقاء التلفزيوني الأحد أن "الخلية فشلت لأن الأزمة أصبحت أكبر من الوزارات وأكبر من لبنان، بسبب عوامل خارجية وداخلية أيضا"، مضيفا أنها "لن تجتمع مرة أخرى".
وتأتي الأزمة الدبلوماسية فيما تعمل الحكومة اللبنانية على إعادة ترتيب علاقاتها السياسية مع دول الخليج، خصوصا السعودية، وتعوّل على دعمها المالي في المرحلة المقبلة للمساهمة في إخراج البلاد من أسوأ أزماتها الاقتصادية.
لكن السعودية لم تبد اهتماما بالوضع الاقتصادي المنهار في لبنان، الذي تعتبره بلدا تحت سيطرة مطلقة لحزب الله المدعوم من إيران.
والسبت قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إن "التعامل مع بيروت غير ذي جدوى في ظل هيمنة حزب الله على النظام السياسي اللبناني. ليست هناك أزمة مع لبنان، بل أزمة في لبنان بسبب هيمنة وكلاء إيران".
وردّ بوحبيب على تصريحات الأمير فيصل "أقول لوزير خارجية السعودية: حزب الله مكون أساسي في بلادنا، لكنه ليس كل البلد ولا يهيمن عليه".
والأحد أعلن قرداحي أن استقالته من الحكومة "غير واردة"، وذلك غداة إعلان بوحبيب أن زميله يدرس مقترح الاستقالة.
وحول الحديث عن رحيل الحكومة أو بقائها، قال بوحبيب إن "الحكومة باقية، وبحسب ما علمت من الرئيسين ميشال عون وميقاتي، هناك تطمينات دولية لدعمها"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن "التعويل في بقاء الحكومة يبقى على الداخل".
لكنه عبر عن خوفه على قرداحي أن يصبح "كبش المحرقة"، مشيرا إلى أن الاحتمال "لا يزال موجودا".
وتشهد العلاقة بين لبنان والسعودية فتورا منذ سنوات على خلفية تزايد دور حزب الله الذي تعتبره الرياض منظمة إرهابية تنفذ سياسة إيران - خصمها الإقليمي الأبرز - وتؤاخذ المسؤولين اللبنانيين على عدم تصديهم للحزب. وكانت السعودية قبل تراجع دورها من أبرز داعمي لبنان سياسيّا وماليّا.
وهذه المرة الثانية هذا العام التي تثير فيها تصريحات وزير لبناني غضبا خليجيا، وتحديدا في السعودية. وكان وزير الخارجية السابق شربل وهبة تقدم باستقالته من حكومة تصريف الأعمال في التاسع عشر من مايو على خلفية تصريحات صحافية اعتبرتها الرياض "مشينة".