قيس سعيّد يدعو إلى تطهير الإدارات التونسية التي تحولت إلى بؤر للتجسس.

استفتاء غير تقليدي لإصلاح النظام في تونس

تونس

وجَّه الرئيس التونسي قيس سعيد الجمعة، بإطلاق استفتاء على مواقع التواصللإصلاح النظام الدستوري والانتخابي، وذلك تمهيدا لإجراء استفتاء شعبي عام، داعيا في نفس الوقت إلى تطهير الإدارات التونسية من "بؤر التجسس".

وقال الرئيس سعيّد خلال استقباله في قصر قرطاج وزير تكنولوجيا الاتصال نزار بن ناجي، إن هذا الحوار الوطني الذي يعتزم إطلاقه "نوع جديد من الاستفتاء ولن يكون بمفهومه التقليدي وسيخصص للاستماع إلى مقترحات الشعب التّونسي في كل المجالات".

والخميس، أعلن سعيد، إنه سيتم إطلاق "حوار وطني" يشارك فيه الشباب ويتطرّق إلى مواضيع من بينها "النظامين السياسي والانتخابي" في البلاد.

ولفت الرئيس التونسي خلال لقاء الجمعة إلى أن هذا الحوار على المنصات الافتراضية سيُجرى "إلى جانب الاجتماعات التي سيتم عقدها في كل معتمدية بمشاركة الأطراف المعنية على أن يتم بعد ذلك تأليف المقترحات الصادرة من الشعب التونسي".

وأوضح أن "التصور العام لهذا الاستفتاء سيصدر قريباً في أمر رئاسي"، لافتاً إلى أنه سيكون "في شكل استمارات عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي"، تتضمَّن "المقترحات المتعلقة بالنظام الدستوري، ونظام الانتخابات".

وأكد سعيد أنه سيتم العمل على هذا الموضوع "في وقت قياسي.. لأننا في سباق ضد الزمن حتى نحقق أهداف الشعب التونسي في الحرية والكرامة والشغل".

وشدد على أن "الدستور يجب أن يكون في خدمة الشعب وتعبيراً حقيقياً عن إرادته لا أداة لإضفاء شرعية مزعومة وكاذبة على من تمَّ الاختيار عليهم بنظام انتخابي وضع على المقاس" وذلك في إشارة على ما يبدو إلى بعض الأحزاب السياسية وعلى رأسها حركة النهضة الإسلامية.

وكان سعيد أكد مرارا أن لا حوار مع الفاسدين، كما رفض مقترحات حوار عديدة، كان أولها مبادرة حزب التيار الديمقراطي خلال نوفمبر من العام الماضي، التي لم تلق سوى قبول شكلي من سعيد الذي لم يتخذ أي خطوة إضافية حيالها.

ولم تلق أيضا مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل التي تقدم بها في ديسمبر 2020، قبولا مباشرا من قيس سعيد، الذي وعد بدراسة المقترح واكتفى بالصمت طوال الفترة الماضية، لتظل المبادرة تراوح مكانها، فيما استفحلت الأزمة الدستورية والسياسية العميقة آنذاك، ودخل رئيس البلاد في صراع محتدم ضدّ حركة النهضة الإسلامية التي تلقفت رئيس الحكومة هشام المشيشي واتخذته حليفا قويا لها.

ويسعى سعيد من خلال الحوار مع الفئات الشبابية التي يراهن عليها منذ حملته الانتخابية، والتي طالبت أن يكون الحوار جامعا لمختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية، إلى تحقيق الأهداف الحقيقية للثورة التي رفعت فيها شعار الشغل والحرية والكرامة الوطنية. 

وقال سعيد إنه "يمكن اللجوء بعد ذلك إلى استفتاء، لكن يجب أن يكون محاطاً بكل الضمانات حتى يُحقق إرادة الشعب، ولا يكون أداة للديكتاتورية المقنعة، التي تعمل تحت غطاء الدستور"، على حد وصفه.

وأشار إلى أن "هناك حوالي مليون تونسي في الخارج، ولا بد من تمكينهم من المشاركة والاستماع إليهم والإنصات لمطالبهم".

وفي سياق متصل، دعا الرئيس التونسي وزير تكنولوجيا الاتصال إلى تطهير الوزارة من "بؤر التجسس"، مشيراً إلى أن "الكثير من الإدارات، بما فيها الوزارة التي تشرفون عليها، تحوّلت إلى بؤر التجسس".

وقال سعيد إنه "لابد من تطهير الوزارات، ولابد من أن يعمل الجميع في كنف القانون، حتى لا يحولوها إلى مركز للمخابرات كما حصل في السنوات الماضية".

ويأتي حديث قيس سعيد عن الحوار الوطني في الوقت قال فيه إن بلاده منفتحة على التشاور والتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة "دون وصاية أو تدخُّل في شؤونها الداخلية"، حسب وصفه.

وتعرض قيس سعيد لضغط دولي قوي لإعلان خارطة طريق والعودة إلى المسار الديمقراطي. وكان قد أعلن حكومة جديدة هذا الشهر.

وتواجه المالية العامة لتونس أزمة تلوح في الأفق، وتوقفت المحادثات مع صندوق النقد الدولي حول حزمة إنقاذ عندما أقال سعيّد الحكومة السابقة في الخامس والعشرين من يوليو الماضي.