الغضب مستمر.. مزارعو فرنسا يواصلون الاحتجاج على إدارة أزمة الأبقار

وكالة أنباء حضرموت

رغم رفع عدد من الحواجز التي أقامها المزارعون على محاور رئيسية في جنوب غرب فرنسا، لا تزال حركة الاحتجاج قائمة، مدفوعة بسخط واسع على طريقة تعامل الحكومة مع أزمة التهاب الجلد العقدي المعدي لدى الأبقار.

وبين انفراج مروري جزئي واستمرار التعبئة الميدانية، تتجه الأنظار إلى إقليم لاند، حيث يُتوقع تجدّد الاعتصامات خلال الأيام المقبلة.

وقالت صحيفة «سود ويست» الفرنسية إن عددًا من الطرق السريعة في جنوب غرب فرنسا لا يزال يشهد اضطرابات مرورية، بفعل تحركات المزارعين المحتجين على ما يصفونه بسوء الإدارة الحكومية لملف مرض التهاب الجلد العقدي المعدي الذي يصيب الأبقار.

فرنسا بلا خريطة طاقة واضحة.. كهربة مؤجلة واستثمارات على المحك
وأوضحت الصحيفة أنه «على الرغم من تفكيك بعض الحواجز، فإن المؤشرات تدل على أن الحركة الاحتجاجية لم تنحسر، بل أعادت تنظيم صفوفها»، ولا سيما في إقليم لاند، حيث أعلنت التنسيقية الريفية نيتها احتلال دوّارات طرقية جديدة في مدينتي تارتاس ومون-دو-مارسان مع نهاية الأسبوع.

في إقليم بيرينيه-أتلانتيك، أعلنت المحافظة إعادة فتح جزئية لبعض المقاطع من الطرق السريعة، شملت مقطعًا بطول نحو 70 كيلومترًا من الطريق السريع A64، يمتد بين محطة تحصيل الرسوم في بيرهوراد والتقاطع مع الطريق A65 غرب مدينة بو، إضافة إلى مقطع آخر على الطريق A65.

وعلى مستوى الحاجز الذي كان مقامًا على الطريق A64 في بيرينيه-أتلانتيك، قرر مزارعو التنسيقية الريفية، بعد خمسة عشر يومًا من التعبئة، رفع الحواجز في بو وأورت عند ظهر يوم الجمعة.

غير أن هذا القرار لا يعني نهاية الاحتجاج، بل يأتي في إطار إعادة تموضع ميداني استعدادًا لمراحل لاحقة.

وفي إقليم جيروند، أعلنت التنسيقية الريفية صباح الجمعة رفع الحاجز المقام على الطريق السريع A63 في منطقة سِستاس، بعد اثني عشر يومًا من الإغلاق.

وأوضحت التنسيقية في بيانها أن «هذا القرار ليس تراجعًا ولا تخليًا، بل نتيجة معاينة بسيطة مفادها أن المطالب التي رفعتها التنسيقية إلى السيد المحافظ ورئيس الجهة والنواب لم تتلقَّ أي رد حتى الآن».

وأضاف البيان أن «الاستمرار في الظروف نفسها، في ظل شلل المؤسسات وغياب الأجوبة، لم يعد مجديًا»، معتبرًا أن رفع الحاجز يمثل رفضًا للاستنزاف غير الضروري، واختيارًا للتحضير للمرحلة المقبلة من التحرك.

وجنوب مدينة تولوز، وتحديدًا عند حاجز كاربون على الطريق A64، نظم المحتجون الذين يطلقون على أنفسهم اسم «ألتراس A64» مساء الأربعاء قداسًا حضره ما لا يقل عن 300 شخص.

وفي أجواء جمعت بين الاحتجاج والاحتفال، قُدّمت للمشاركين مأكولات شملت محارًا بحريًا وديكًا روميًا وخنزيرًا بريًا مشويًا على السيخ، وسط أشجار زُيّنت بكرات وزينات عيد الميلاد.

كما واصل سكان المناطق المجاورة، الذين أبدوا دعمًا ثابتًا منذ نصب المخيم في 12 ديسمبر/ كانون الأول، الانضمام إلى المزارعين ومساندتهم.

وفي بقية مناطق جنوب غرب البلاد، لا تزال حواجز أخرى قائمة تعرقل حركة السير على الطريق A65 في منطقة تيز، وعلى الطريق A75 في إقليمي لوزير وآفيرون.

من جانبه، وجّه وزير الداخلية الفرنسي، لوران نونييز، رسالة شكر إلى المحافظين، مثمّنًا التزامهم الكامل منذ بداية حركة الاحتجاج الزراعي، ومؤكدًا أن الحوار مع المزارعين لم ينقطع يومًا. وجاء ذلك في رسالة أُرسلت يوم الثلاثاء، واطلعت عليها وسائل الإعلام يوم الخميس.

ومنذ ظهور أولى حالات التهاب الجلد العقدي المعدي في إقليم سافوا خلال الصيف الماضي، تعتمد الدولة استراتيجية قائمة على ثلاثة ركائز أساسية: الذبح الفوري للقطيع بأكمله عند اكتشاف أي إصابة، والتلقيح، وفرض قيود صارمة على تنقل الحيوانات، في محاولة للحد من انتشار الفيروس.

غير أن هذه المقاربة تواجه رفضًا شديدًا من جانب شريحة من المزارعين، ولا سيما المنضوين في إطار التنسيقية الريفية، ثاني أكبر نقابة مهنية، وكونفدرالية الفلاحين، الثالثة من حيث التمثيل، إذ يعارضون سياسة الذبح الشامل فور تسجيل أول حالة إصابة.

وفي إقليم هوت-غارون، جرى ذبح 72 بقرة يوم الثلاثاء عقب اكتشاف حالة جديدة في قرية جوزيه-ديزوت الجبلية، ما رفع الحصيلة الوطنية إلى 115 بؤرة إصابة منذ يونيو الماضي. أما آخر حالة كبيرة سُجّلت قبل ذلك فكانت في 15 ديسمبر/ كانون الأول في إقليم أود المجاور.

وبين تخفيف جزئي للضغط على الطرق واستمرار التوتر في الأرياف، يبدو أن أزمة التهاب الجلد العقدي لم تعد مجرد مسألة صحية بيطرية، بل تحولت إلى اختبار حقيقي للعلاقة بين الدولة والمزارعين، في انتظار حلول قادرة على احتواء المرض دون كلفة اجتماعية واقتصادية باهظة.