اخبار الإقليم والعالم
الكويت تشدد تشريعات مكافحة غسيل الأموال للسيطرة على فوضى العمل الخيري
أصدرت الكويت مرسوما لتعديل قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب يشدد العقوبة على المخالفين ويعطي الحكومة مرونة أكثر في مواجهة فوضى العمل الخيري التي باتت تسيء إلى سمعة الكويت وتهددها بالعقوبات الدولية. وجاءت هذه الخطوة بالأساس تفاديا للوقوع تحت طائلة مجموعة العمل المالي، وهي الهيئة العالمية لمراقبة غسيل الأموال.
وقالت أوساط سياسية كويتية إن القرار لم يكن فقط بسبب ضغوط مجموعة العمل المالي، ولكنها تأتي ضمن خطة الإصلاح الواسعة التي رسمها أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح ويشرف على مراحل إعدادها وتنفيذها من أجل وقف التلاعب بالمال العام ومواجهة الفساد المالي والمستفيدين منه بما في ذلك داخل الأسرة الحاكمة، والتحكم في مسار العمل الخيري بما يخدم خطط الكويت داخليا وخارجيا وعدم تحويله إلى باب للإساءة لها، كما يحصل الآن مع مجموعة العمل، ومن قبل عبر تنبيهات خارجية بشأن ضلوع أفراد داخل البلاد في قضايا على صلة بتمويل الإرهاب.
نورة الفصام: هذه التعديلات تؤكد التزام دولة الكويت الراسخ بمكافحة الجرائم المالية
وترى هذه الأوساط أن مشكلة غسيل الأموال لا تقف عند اتخاذ قرارات أو تعديل فصول تساعد الحكومة على مباشرة عمليات دقيقة لوقف غسيل الأموال، وأن الأمر يتعلق بالمرونة التي تتعامل بها الكويت مع أنشطة المجاميع الإسلامية في الداخل، ما يعطيها حرية في جمع الأموال وإنفاقها بعيدا عن الرقابة الحكومية، ما جعل الكويت إحدى جهات التمويل الهامة لمنظمات خارجية مثل الإخوان المسلمين أو القاعدة وداعش.
وتخشى السلطات أن يتحوّل انخراط جهات كويتية في أعمال خارج البلاد مخلّة بالقوانين الدولية إلى عامل مؤثّر على سمعة الكويت وعلاقاتها بالمجتمع الدولي، وذلك تحت يافطة العمل الخيري والإنساني الذي وصفه أحد الكتّاب الكويتيين بأنّه أصبح بمثابة “مغارة لا تعرف أيّ جهة، بدقة، ما يجري بداخلها.”
وانفلتت عملية جمع التبرعات بشكل كبير وسقط الكثير منها في محظور دعم الإرهاب ما جعل البلاد تحت مجهر الرقابة الدولية لاسيما من قبل حليفتها الولايات المتحدة.
وبلغ الحرج الكويتي مداه عندما اتهمت وزارة الخزانة الأميركية سنة 2014 وزير العدل والأوقاف آنذاك نايف العجمي بتمويل الإرهاب ما دفع الحكومة إلى المسارعة بإقالته من منصبه.
وسبق أن وجهت الحكومة الكويتية إنذارا جديدا لفاعلين في مجال العمل الخيري من الانحراف بأنشطتهم عن مسارها الصحيح بما من شأنه أن يلحق ضررا بسمعة البلاد.
ومن خلال المرسوم الجديد تكون الكويت قد وفرت الغطاء القانوني الذي يتيح للسلطات الرقابية والمالية الوقوف بحزم ضد غسيل الأموال ويجنبها أيّ تصنيف يسيء إلى سمعتها ويضعها مثار شبهة. كما أنه يستجيب لمطلب مجموعة العمل المالي التي قالت في أكتوبر إن الكويت تمتلك إطارا قانونيا ورقابيا مناسبا لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، لكن هناك “نواقص خطيرة في تحقيق نتائج فعالة.”
◄ غرامة مالية تصل إلى 500 ألف دينار كويتي (1.638 مليون دولار) لكل من يخالف قرارات مكافحة الإرهاب وتمويله
وأشارت المجموعة التي مقرها باريس وقتئذ إلى وجود إخفاقات في معالجة قضايا تمويل الإرهاب، وأن على الكويت ضمان التنفيذ القانوني الفوري للعقوبات المالية المستهدفة من خلال معالجة النواقص الفنية في الإطار القانوني.
وتضمن القانون الجديد الصادر الاثنين تعديلين أساسيين، الأول يسمح للجنة حكومية مختصة بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب بإصدار القرارات الخاصة بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بمكافحة الإرهاب وتمويله وانتشار أسلحة الدمار الشامل، بما فيها الإدراج ورفعه وتجميد الأموال والأصول وغيرها، مع سريان القرارات فور صدورها.
وتمثل التعديل الثاني في فرض غرامة مالية تصل إلى 500 ألف دينار (1.638 مليون دولار) لكل من يخالف قرارات مكافحة الإرهاب وتمويله وانتشار أسلحة الدمار الشامل.
وقالت وزيرة المالية نورة الفصام في بيان إن هذه التعديلات تمنح اللجنة الوطنية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب صلاحيات أوسع في تطبيق العقوبات المالية المستهدفة، بما يتماشى مع متطلبات مجموعة العمل المالي.
فواز الخطيب: التعديل يعالج ثغرات في القانون القديم كانت تؤخر التدخل في حالات الخطر المالي
وأوضحت أن التعديل يتيح أيضا توقيع الغرامات على المخالفين، ونشر القائمة المحلية للإرهاب على الموقع الرسمي للجنة، “ما يعزز الشفافية واستيفاء للمعايير الدولية ذات صلة.”
وأضافت الوزيرة أن هذه التعديلات تؤكد “التزام دولة الكويت الراسخ بمكافحة الجرائم المالية وتعزيز أمنها واستقرارها، بالإضافة إلى الوفاء بالتزاماتها الدولية بهذا الصدد.”
وخلال الشهور القليلة الماضية اتخذت الحكومة إجراءات للاستجابة لتوصيات المجموعة، منها إلزام الشركات والمؤسسات التجارية بتحديد “المستفيد الفعلي” وهو الشخص الطبيعي الذي يمارس سيطرة فعلية ونهائية على الشركة.
كما نقلت الرقابة على محلات الصرافة من وزارة التجارة والصناعة إلى بنك الكويت المركزي، الذي فرض عليها قيودا صارمة لتعزيز الرقابة وضمان التزامها بمعايير مكافحة عمليات غسيل الأموال.
وأوقفت الحكومة جمع التبرعات الخيرية لأكثر من شهرين “حفاظا على سمعة دولة الكويت” قبل أن تعيدها يوم الأحد بشروط وضوابط جديدة صارمة.
وقال المحامي فواز الخطيب لرويترز إن القانون الجديد أعطى الحكومة صلاحيات مباشرة لتجميد الأموال والممتلكات المشتبه بارتباطها بجرائم غسيل الأموال أو تمويل الإرهاب، حتى من دون حكم قضائي، وذلك بناء على قرارات تصدر من وزيري المالية والخارجية، وفق ضوابط رسمية.
وأضاف أن التعديل “يقرّب الكويت من المعايير الدولية التي وضعتها المجموعة، ويعالج ثغرات في القانون القديم كانت تؤخر التدخل في حالات الخطر المالي، كما يسمح القانون الجديد للدولة بتنظيم كيفية التعامل مع الأموال المجمدة وإدارتها، ومنع التصرف فيها ضمن نظام قانوني واضح.”