اخبار الإقليم والعالم
الكويت تستبدل المرونة تجاه أزمة العمالة الأجنبية بتشديد إجراءات المغادرة
أعلنت السلطات الكويتية الأربعاء قرارا يلزم العمّال الأجانب في القطاع الخاص اعتبارا من بداية يوليو المقبل، بالحصول على إذن من صاحب العمل قبل مغادرة البلاد، في خطوة تمثّل تراجعا في مسار إصلاح نظام الكفالة بعد ما بدا أن الحكومة قد شرعت في تلافي تعقيدات أزمة العمالة الوافدة والانتقادات الموجهة للكويت والتي ظهرت في السنوات الأخيرة من خلال إبداء المرونة في معالجتها.
وقالت الهيئة العامة للقوة العاملة في بيان على منصة إكس “أصدر النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ فهد يوسف سعود الصبح تعميما وزاريا يلزم العمالة الوافدة في القطاع الأهلي (الخاص) بالحصول على ‘إذن مغادرة‘ من أصحاب العمل المسجلين عليهم قبل مغادرة البلاد”.
وأوضحت الهيئة أن الإجراء يُعدّ “خطوة تنظيمية تهدف إلى تعزيز الرقابة على حركة العمالة الوافدة،” إلى جانب “تقليل المخالفات المرتبطة بمغادرة البلاد دون إشعار مسبق وضمان التوازن بين حقوق العمال وأصحاب العمل”.
ربط الحصول على إذن المغادرة بصاحب العمل يجعل القرار مرتهنا لمزاجيته ويمكن أن يكون غطاء لعمليات انتقام
ومن شأن هذه الخطوة أن تؤثر على صورة الكويت كوجهة لليد العاملة الأجنبية، خاصة اليد العاملة المتخصصة، التي بدأت تتجه إلى دول خليجية أخرى لديها مرونة أكبر وتقدم مزايا أكثر لاستقطاب العمالة في القطاعات الجديدة.
ويرى مراقبون أن ربط الحصول على إذن المغادرة بصاحب العمل يجعل القرار مرتهنا لمزاجيته ويمكن أن يكون غطاء لعمليات انتقام، وهو يمثل تراجعا عن “الانفراجة” التي سعت إليها الحكومة لتحسين صورة البلاد بسبب تراكم الشكاوى والتذمرات من جهات مختلفة حول واقع العمالة الأجنبية في الكويت.
ولا ينفع في التخفيف من سلبية المطالبة بالحصول على إذن بالمغادرة الحديث عن سرعة اتخاذ القرار طالما أن “الموافقات تظهر بذات لحظة اعتمادها من قبل صاحب العمل.”
وخبرت سلطات الكويت مدى الخلل الذي يمكن أن تحدثه أيّ إجراءات هادفة للحدّ بشكل سريع وفجئي من عدد الوافدين للعمل في البلاد، وذلك مع تعذّر سدّ الشغورات التي يتركونها في مجالات حساسة وحيوية.
وفي فترات سابقة، تحدّثت دوائر إعلامية كويتية عن انتهاج الحكومة لمسار تصحيحي للقرارات المتخذة في عهد حكومات سابقة بشأن سوق العمل لتدارك النقص الحاد في أعداد العمال الوافدين، وأن الشيخ فهد يوسف يتولّى قيادة ذلك المسار.
وتشمل إجراءات ترغيب الوافدين في مواصلة العمل في الكويت حماية حقوقهم المادية، حيث هدّد الشيخ فهد يوسف بملاحقة الشركات التي لا تلتزم بدفع رواتب عمّالها بشكل منتظم.
وقال خلال لقاء جمعه مع ممثلي عدد من الشركات إنه سيتم التعامل بكل حزم واتخاذ الإجراءات القانونية الفورية بحق الشركات التي تخالف قرار مجلس الوزراء بشأن دفع أجور عمال الشركات بانتظام، مؤكّدا أنه “لا أحد فوق القانون” الذي “سيطبق على الجميع بمسطرة واحدة”.
كما تعهّد بأن يتابع أولا بأول التزام الشركات بدفع أجور عمالها، حيث أن تأخير وتخاذل بعض الشركات في دفع أجور العمال يدفعهم إلى الاعتصام أو الإضراب، ما يترتب عليه تعطيل العمل.
وتفرض السعودية قيودا مماثلة على العمال الوافدين، إذ يجب عليهم أخذ تصاريح من أصحاب العمل لمغادرة البلاد والعودة إليها. ولطالما انتقدت المنظمات الحقوقية هذا الإجراء المعتمد في بعض دول الخليج التي تستقدم عددا كبيرا من العمال الأجانب.
وتُعد هذه التصاريح ركيزة نظام “الكفالة” الذي تندد به المنظمات الحقوقية باعتباره “عبودية حديثة،” لأنه يخوّل الكفيل، سواء كان شركة أو شخصا، بمنع العامل من مغادرة البلاد أو تغيير مكان العمل.
من جهتها، كانت قطر بدأت إلغاء تأشيرات الخروج الإلزامية لمعظم العمالة الوافدة في العام 2018، وشمل ذلك لاحقا العمال المنزليين أيضا في العام 2020. أمّا في الإمارات، فيحظر القانون على أصحاب العمل منع موظفيهم من مغادرة البلاد إلا في حال وجود قرار من المحكمة، كما يحظر الاحتفاظ بجوازات سفر الموظفين.