منوعات
الذكاء الاصطناعي وقود مزدوج.. تقدّم تقني وانبعاثات مضاعفة
كشف تقرير دولي جديد عن تصاعد مقلق في انبعاثات الكربون واستهلاك الطاقة داخل قطاع التكنولوجيا، مما يسلّط الضوء على التحديات البيئية التي تصاحب الابتكار الرقمي.
وقد أشار التقرير الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات بالتعاون مع التحالف العالمي للمعايير إلى أن الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية يشكلان محركاً رئيسياً لارتفاع البصمة الكربونية، رغم التقدم الملحوظ في التزامات الشركات الرقمية بالاستدامة واعتماد مصادر الطاقة المتجددة.
ورصد التقرير، الذي نُشر اليوم من جنيف، بيانات شاملة حتى نهاية عام 2023، شملت أكثر من 200 شركة رقمية رائدة، موضحاً أن انبعاثات الكربون في قطاع التكنولوجيا لا تزال في ارتفاع، مدفوعة بالنمو المتسارع في استخدام الذكاء الاصطناعي وتوسّع مراكز البيانات.
ورغم هذا التحدي البيئي، أكد التقرير تحقيق تقدم مشجع، حيث أظهرت الشركات الرقمية إدراكاً متزايداً لأهمية تقليص انبعاثاتها، إذ حدد عدد متزايد منها أهدافا مناخية واضحة، واعتمدت مصادر طاقة متجددة، واتبعت أطراً علمية لخفض الانبعاثات.
وقالت الأمينة العامة للاتحاد، دورين بوغدان-مارتن، إن الابتكار الرقمي، وعلى رأسه الذكاء الاصطناعي، يسهم في زيادة استهلاك الطاقة وانبعاثات الكربون، مشددة على ضرورة تكثيف الجهود للحد من البصمة البيئية لهذا القطاع.
وأضافت أن "الشركات الرقمية باتت أكثر وعيا بهذا التحدي، وأهمية الحفاظ على زخم التقدم في تحقيق أهداف المناخ".
وسلط التقرير الضوء على الارتفاع الملحوظ في استهلاك الكهرباء بمراكز البيانات، حيث سجل نمواً سنوياً بنسبة 12% بين عامي 2017 و2023، أي أربعة أضعاف المعدل العالمي. كما أشار إلى زيادة انبعاثات أربع شركات رائدة في الذكاء الاصطناعي بنسبة 150% في المتوسط منذ عام 2020.
وأشار التقرير إلى أن 166 شركة رقمية ساهمت بنسبة 0.8% من إجمالي الانبعاثات العالمية المرتبطة بالطاقة خلال عام 2023، بينما شكل استهلاك 164 شركة رقمية للكهرباء نحو 2.1% من الاستهلاك العالمي، أي ما يعادل 581 تيراواط/ساعة، كانت 10 شركات فقط مسؤولة عن نصف هذا الرقم.
من جانبها، أكدت لورديس أو مونتينيغرو، مديرة الأبحاث بالتحالف العالمي للمعايير، أن الشركات الرقمية تمتلك الأدوات والتأثير اللازمين لقيادة التحول نحو مستقبل مستدام، لكنها شددت على أن "الطموح لا يكفي، بل يجب أن يُترجم إلى عمل فعّال وموثوق".
وتحت عنوان "تخضير الشركات الرقمية"، أوضح التقرير أن عدد الشركات التي حصلت على تقييم يزيد على 90% في الالتزام بالمناخ ارتفع إلى 8 شركات، مقارنة بثلاث فقط في العام السابق. كما أظهر أن نصف الشركات تقريباً التزمت بتحقيق صافي انبعاثات صفري، وتسعى 51 شركة إلى تحقيق أهدافها قبل المواعيد المحددة.
وفي مجال الطاقة المتجددة، اعتمدت 23 شركة على مصادر نظيفة بنسبة 100% في عام 2023، مقارنة بـ16 شركة في عام 2022. كما أصدرت 49 شركة تقارير مناخية مستقلة، وارتفع عدد الشركات التي تنشر أهدافًا لخفض انبعاثات سلاسل التوريد إلى 110 شركات.
واختتم التقرير بالدعوة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة ومنسقة بين الأطراف المعنية، وتعزيز التحقق من البيانات، ووضع خطط مناخية شاملة، مؤكدا أن الاستدامة الرقمية تتطلب شراكات حقيقية بين شركات التكنولوجيا ومنتجي الطاقة والمدافعين عن البيئة، لضمان مستقبل رقمي منخفض الكربون.