اخبار الإقليم والعالم
قضية الرواتب تخيم مجددا على العلاقة بين الحكومة العراقية وسلطات كردستان العراق
عادت قضية رواتب موظفي إقليم كردستان العراق لتلقي بظلالها مجدّدا على العلاقة بين سلطات الإقليم والحكومة الاتّحادية العراقية بعد أن عادت الأخيرة بضغط من قوى متنفذة داخلها إلى سالف تشدّدها بشأن تحويل المبالغ المخصصة لتلك الرواتب الأمر الذي أثار حفيظة القيادة السياسية للإقليم.
وأعلن مسعود بارزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني القائد الرئيسي لسلطات الحكم الذاتي في إقليم كردستان العراق رفضه لطريقه تعامل بغداد مع الإقليم في عدّة ملفات وقضايا من بينها قضية الرواتب.
وأثيرت القضية من جديد بعد أن أظهرت وزارة المالية الاتحادية عزمها على تقليص المبالغ المخصصة للرواتب في الإقليم بحجّة أن الأخير لم يف بكامل التزاماته في تحويل القيمة المتفق عليها ممّا يحصل عليه محليا من موارد نحو الخزينة العامة للدولة الاتحادية.
وأكّد بارزاني على ضرورة التزام بغداد بالدستور العراقي واحترام الشرعية الدستورية لإقليم كردستان، رافضا في الوقت ذاته الطريقة التي تتعامل بها بغداد في مسألة الرواتب.
الإقليم يحصل على ما دون استحقاقه من الموازنة العراقية ودعوة لإجراء تعداد شفاف يحدد النسبة الحقيقية للمكون الكردي
وقال في كلمة له ألقاها الخميس بمناسبة الذكرى الثالثة والستين لتأسيس اتحاد معلمي كردستان “إن الحكم الدكتاتوري لن ينجح أبدا،” وإن “أي طرف يريد أن يحكم في العراق بالأغلبية لن ينجح ويجب إجراء تعداد سكاني شفاف إذا لم تنجح الشراكة”.
وفي ما يخص قضية الرواتب عبّر عن رفضه للطريقة التي تُعامل بها حكومة إقليم كردستان قائلا “لقد جعلوا الأمر وكأن الانتماء ونضال وكفاح هذا الشعب على مدى كل تلك السنين وكل أولئك القادة الأبطال وكل أولئك العظماء وكل أولئك الشهداء وكل عمليات الأنفال والقصف الكيماوي كانت كلها من أجل المطالبة بالرواتب”.
وأشار إلى أن المسألة إذا كانت تنحصر في الرواتب فإن “الحكومات السابقة كانت ستُقبّل أيدي الأكراد وتكون ممتنة لهم،” معبّرا عن أسفه لأن ذلك يجري بـ”وضوح وبتعليمات من بعض الأطراف الداخلية”.
ويشير المرجع الكردي المخضرم بهذه العبارة الأخيرة إلى وقوف قوى متنفذة داخل السلطة الاتحادية من أحزاب وفصائل شيعية مسلّحة وراء تجديد الضغوط على سلطات الإقليم ومحاولة دفعها نحو العجز عن تلبية المتطلبات الأساسية للسكان الواقعين ضمن دائرة مسؤولياتها وفي مقدمتها دفع رواتبهم كاملة وبشكل منتظم.
كما لم يبرّئ بارزاني جهات سياسية من داخل الإقليم ذاته بالوقوف وراء تعقيد المسائل وخلق الصعوبات مطالبا بضرورة أن تعامل شرعية إقليم كردستان في ضوء انتخابات أكتوبر الماضي التي أظهرت ثقل كل طرف.
وقال في هذا السياق “إذا ذهب بعض الأشخاص لأيّ غرض كان أو لأيّ سبب يقتنعون به لتقديم شكوى أو اعتراض أو دعوى، فإن التعامل معهم خرق للدستور وخرق للشرعية، وخرق لكل شيء.. فتعال وتعامل مع الإقليم”.
ورأى أن “الهدف إذا كان يتمثل في أن الفيدرالية لم تعد موجودة فليقولوا بصراحة: لم نعد مقتنعين بالفيدرالية ولذلك يجب أن تكون هناك حكومة مركزية. وعندها من يقبل ذلك فليقبله ومن لا يقبله فسيتخذ قراره الخاص”.
واعتبر أن ما يحصل عليه الإقليم من أموال الموازنة الاتحادية يظل دون استحقاقه الأصلي، مشيرا إلى أن ما يُرسل من حصته “لا يتجاوز القليل، وأحيانا يكون أقل من النصف”.
واستند في رأيه إلى عدد سكان الإقليم قائلا “إنهم (المسؤولون في الدولة الاتّحادية) كثيرا ما كانوا ضد تضمين مسألة القومية والدين والمذهب في الإحصاء الأخير. لكن إذا تحدثنا وفق عدد السكان فإن نسبة سكان كردستان في المناطق الواقعة حاليا تحت سيطرة حكومة الإقليم والبيشمركة تبلغ نحو 15 في المئة، وهذه النسبة لا تشمل المناطق الخارجة عن إدارة الإقليم. ولو أُضيفت تلك المناطق أيضا، فقد تصل نسبة الأكراد إلى 25 في المئة أو أكثر من ذلك”.
وزيرة المالية العراقية طيف سامي بعثت برسالة أبلغت فيها وزارة المالية في الإقليم بأن حكومة إقليم كردستان لم تلتزم بتسليم كامل إيراداتها غير النفطية
ومع ذلك، استطرد زعيم الحزب الديمقراطي بالقول “لا يُعامل الإقليم على هذا الأساس. وحتى المناطق الخاضعة لسلطة حكومة إقليم كردستان لا تُعامل على أنها تمثل 15 في المئة أو 14 في المئة، بل يتم التعامل معها على أساس أنها أقل من 10 في المئة.”
وتم الكشف قبل أيام عن قرار الحكومة الاتحادية في بغداد إرسال 700 مليار دينار فقط لتغطية رواتب شهر أبريل في إقليم كردستان العراق.
وقالت مصادر حكومية إنّ وزيرة المالية العراقية طيف سامي بعثت برسالة أبلغت فيها وزارة المالية في الإقليم بأن حكومة إقليم كردستان لم تلتزم بتسليم كامل إيراداتها غير النفطية والتي كان يفترض أن تبلغ 90 مليار دينار شهريا وأنّه لم يتم تسليم سوى نحو 52 مليار دينار عن شهر يناير وأقل من 50 مليار دينار عن كل من شهري فبراير ومارس.
وفي المقابل قالت وزارة المالية والاقتصاد في إقليم كردستان إنها حولت هذا العام إيرادات غير نفطية إلى الحكومة الاتحادية ثلاث مرات إذ أرسلت في يناير نحو 52 مليار دينار وفي فبراير 48 مليارا و722 مليون دينار وفي مارس 48 مليارا و205 ملايين دينار.
وأضافت المصادر أن وزيرة المالية العراقية طالبت الإقليم بتحويل 50 مليار دينار إضافية من الإيرادات غير النفطية إلى بغداد في أقرب وقت مقابل صرف 750 مليار دينار لتغطية رواتب موظفي الإقليم. وأكدت أن على حكومة الإقليم سد العجز المتبقي البالغ 200 مليار دينار من إيراداتها الداخلية، بينما يتطلب توزيع رواتب موظفي الإقليم أكثر من 957 مليار دينار شهريا، بحسب بيانات حكومته.
وتعقيبا على ذلك دعا رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني الحكومة الاتحادية العراقية إلى الالتزام بواجباتها تجاه الإقليم وعدم خلط قضية رواتب موظفيه بالقضايا السياسية واستخدامها كورقة ضغط على سلطاته.