اخبار الإقليم والعالم

من كارثة بارجة آيوا.. 5 دروس لا تزال تُبحر في ذاكرة الجيش الأمريكي

وكالة أنباء حضرموت

في تاريخ الجيوش، لا تُقاس الكوارث فقط بعدد الضحايا، بل بقدرة المؤسسة على «مواجهة الحقيقة»، وضع تجسد قبل 35 عاما، في كارثة البارجة الأمريكية «يو إس إس آيوا».

فما حدث في 1989 لم يكن مجرد خلل في البرج رقم 2، بل خلل في برج القيادة نفسه، فحينما تتحوّل غرائز البيروقراطية إلى درع صدّ، تُستبدل الحقائق بالإشاعات، ويُضحّى بالأفراد كي تبقى الصورة المؤسسية بلا خدوش، بحسب موقع «ذا ناشيونال إنترست» الأمريكي.

فماذا حدث قبل 35 عاما؟
بالعودة لانفجار برج آيوا، فإن آيوا سفينة حربية شاركت في الحرب العالمية الثانية، وكانت مزودة ببطارية رئيسية من 3 أبراج مدافع ثلاثية عيار 50 و16 بوصة، إلى جانب بطارية ثانوية من مدافع أصغر، ومجموعة من صواريخ كروز المضادة للسفن والهجوم البري.

ويصل طول كل مدفع رئيسي، لـ67 قدمًا، وهو قادر على إطلاق مقذوفات متفجرة زنة 1900 أو 2700 رطل على أهداف تبعد أكثر من 20 ميلًا.

وفي 19 أبريل/نيسان 1989، كانت آيوا تبحر في المياه شمال شرق بورتوريكو عندما وقعت الكارثة وانفجر المدفع المركزي في البرج الثاني أثناء قيام الطاقم بإجراء تجارب مدفعية مشبوهة للغاية، مما أدى إلى مقتل 47 بحارًا.

وبحسب الموقع الأمريكي، فإنه من الواضح أن قيادة إدارة الأسلحة في ولاية آيوا قد وجهت طاقم البرج لنشر مزيج محظور من البارود والمقذوفات.

ومع ذلك، أثارت الكارثة رد فعل الجهاز البيروقراطي للحفاظ على الذات؛ فرفض محققو البحرية وكبار المسؤولين الاعتراف بأن مدافع أو ذخائر البوارج قد تكون معيبة، أو أن انتهاك القواعد ربما يكون قد ساهم في الانفجار بل لجأ المحققون إلى إلقاء اللوم على القتلى.

وأبلغ المحققون الكونغرس أنهم لم يتمكنوا من تكرار الانفجار في ظروف مشابهة لما وقع يوم الحادث؛ لذا استبعدوا العطل الميكانيكي كسبب للحريق، واعتبروا أن مدفعية وذخيرة البارجة آمنة لكنهم أفادوا باكتشاف "مواد غريبة" في حطام البرج.

وخلص المحققون إلى أن سوء التصرف المتعمد هو المسؤول عن الانفجار، وافترضوا أن "قائد المدفع"، أو المشرف المجند على طاقم المدفع المركزي، قد أدخل جهاز تفجير محلي الصنع أو مُشترى تجاريًا بين كيسي بارود أثناء عملية التحميل وقد خلّف جهاز التفجير بقايا كيميائية (المواد الغريبة المزعومة).

وزعم فريق التحقيق أن الشخص المسؤول قام بالتفجير عمدا، وبالتالي فإن الكارثة كانت مجرد جريمة قتل وانتحار على نطاق هائل، لكن الأدلة المقدمة لدعم هذا الادعاء اقتصرت في معظمها على تلميحات حول شخصية قائد المدفع ودوافعه.

ومع تشككه في النتائج، أصدر الكونغرس تعليماته لمكتب المحاسبة الحكومي بالعمل مع مختبرات سانديا الوطنية وهي ركيزة أساسية في مجمع الأسلحة النووية في البلاد لإجراء تحقيق ثان في انفجار آيوا.

هل كانت هذه هي الحقيقة؟
بمرور الوقت، تمكن محققو سانديا من دحض المزاعم، فحصروا كل مادة عُثر عليها في أنقاض البرج، وأظهروا أن المواد الغريبة المزعومة كانت شائعة في مساحات مدفعية البوارج الحربية، بما في ذلك فوهات مدافع آيوا الأخرى، وفي الأبراج على متن عربات القتال الأخرى.

وتمكن المحققون من محاكاة الظروف التي قد تُؤدي إلى الحادث، فيما كشفت التجارب أن "المدك" وهو جهاز هيدروليكي يُستخدم لدفع المقذوفات وأكياس البارود في مؤخرة المدفع تمهيدًا لإطلاق النار يُمكن أن يُشعل البارود إذا تم إطلاقه بأقصى سرعة، وإذا احتوت الأكياس على أنواع مُعينة من "كريات" البارود مُوجهة في اتجاهات مُعينة داخل الأكياس.

وعلى الفور تم اتخاذ إجراءات تصحيحية وأوقفت البحرية إطلاق النار من مدافع عيار 16 بوصة فور وقوع الكارثة وأمرت السلطات بفحص جميع ذخائر البوارج الحربية، والتخلص من أكياس البارود المعيبة.

في النهاية، أثبتت تحقيقات سانديا وجود احتمال كبير لوقوع حادث، بينما نفى محققو البحرية والقيادة العليا هذا الاحتمال قدر استطاعتهم، وأصروا على أن مجموعة من الظروف التخمينية وغير المحتملة للغاية أدت إلى الانفجار.

في النهاية، لن يتمكن أحد من الجزم بما حدث على متن السفينة "يو إس إس آيوا" في 19 أبريل/نيسان 1989.

رسائل
كانت قضية آيوا كارثة علاقات عامة للبحرية الأمريكية، ووفقا لكتاب "من الأقلام إلى التغريدات"، وهو مجموعة مقالاتٍ لكتاب مُتنوعين يراجعون كيف تُخاطب أمريكا الحرب والثورة فإن العناصر الأساسية في الاتصالات المتعلقة بالشؤون العسكرية هي الرسول والرسالة والوسيلة.

ولدى الناس طريقة لتمييز الرسائل الضعيفة، وسرعان ما يتخذون موقفًا مُستهجنًا تجاه الرسل الذين يُحاولون خداعهم، وهذا بالضبط ما حدث بعد الانفجار حيث أصبح الرأي العام داخل سلاح البحرية، وفي الكابيتول وبين عامة الناس، ينظر إلى مسؤولي البحرية الأمريكية على أنهم رسل غير جديرين بالثقة.

ولو وقع الانفجار اليوم، في ظل بيئة إعلامية وسياسية متوترة وفي ظل الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي فهناك 5 خمسة افتراضات:

أولاً، ستتسارع وتيرة دورة الأخبار فورًا وسيتسرب الخبر فورا مصحوبا بتعليقات وصور إذا لم تتمكن قيادة السفينة من إيقاف استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بسرعة للتحكم في تدفق المعلومات وستجد قيادة البحرية صعوبة أكبر في إدارة "الرواية".

ثانيًا: سيكون التعليق على الكارثة وتعامل الحكومة معها ديمقراطيًا للغاية سواء أكان ذلك جيدًا أم سيئًا، سيساهم العديد من المراسلين المتنوعين في تشكيل الخطاب العام، ببث رسائل تتراوح بين التحليلات المدروسة والآراء السريعة غير المستنيرة وسيكون من الصعب صياغة رواية مقبولة من البحرية.

ثالثًا: ستدخل السياسة حيز التنفيذ، حيث تتدافع العائلات والأصدقاء للحصول على معلومات حول الكارثة حيث تضغط الدوائر المؤثرة ووسائل الإعلام الإلكترونية على البحرية والبنتاغون والحكومة فورا.

رابعًا: يمكن للمخربين صياغة رسائلهم الخاصة، ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي فمثلا يمكن للصين أو روسيا استغلال الحادث لتشويه سمعة البحرية الأمريكية.

خامسًا: يمكن للخصم الوصول مباشرةً إلى القيادات البحرية والعسكرية الأمريكية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في محاولة لزرع الشك في القيادة العليا، وإحباط الروح المعنوية، وإحداث فوضى في العمليات المستقبلية.

قتيل و3 مصابين في واقعة طعن بمدرسة فرنسية


أزمة جديدة.. «سيغنال» في مكتب وزير دفاع أمريكا


من قلب احتفالات حضرموت بذكرى دحر «القاعدة».. رسالة وفاء لدور الإمارات


غزة بين القصف والمفاوضات.. أوامر إخلاء وتهديدات بتوسيع العمليات