اخبار الإقليم والعالم
بحمل السلاح.. تحريض إخواني على استهداف الأردن بعد «حظر» الجماعة
ما إن رفع الأردن الإشارة الحمراء في وجه «الإخوان»، حتى كشف التنظيم عن وجه طالما حاول إخفاءه خلف شعارات دينية وشعبوية، لتدعو أبواقه إلى رفع السلاح في وجه الدولة الأردنية.
تلك التصريحات التي وصفها خبراء بأنها أقرب لـ«إعلان الحرب على الأردن»، لم تكن سوى «تعبير صارخ» عن مأزق وجودي تعيشه الجماعة، التي انهارت بنيتها التنظيمية وتبددت حواضنها الشعبية، ولم يبقَ لها من خيارات إلا الهروب إلى الأمام، عبر خطاب راديكالي يتغذى على الفوضى والأوهام.
وتعالت أصوات الجماعة وقادتها لتدعو إلى التصعيد ضد الحكومة الأردنية، بعد حظر أنشطة الإخوان في عمّان، لكن الموقف الأكثر راديكالية جاء من الأمانة العامة للإخوان الممثلة لتيار التغيير، أحد جبهات جماعة الإخوان المصرية والذي دعا لمواجهة شاملة مع الدولة الأردنية.
ورغم ذلك، أثبتت الوقائع أن تكرار سيناريو العنف، كما حدث في تجاربها السابقة بمصر وتونس، لن يؤدي إلا إلى مزيد من العزلة والسقوط، في وقتٍ لم تعد فيه الأجندات العابرة للحدود قادرة على حماية وكلائها.
فماذا حمل بيان الإخوان؟
حرضت الأمانة العامة للجماعة، على الدولة الأردنية، داعيةً شباب الإخوان في المملكة إلى حمل السلاح ومواجهة السلطات الأردنية، «بعد أن صارت المواجهة حتمية»، وفق تعبير البيان.
ورفضت الأمانة العامة لجماعة الإخوان وهي الهيئة التنفيذية لما يُعرف بتيار التغيير في إخوان مصر، الإجراءات التي اتخذتها المملكة الأردنية ضد أعضاء الجماعة الموقوفين على ذمة «خلايا الصواريخ» في المملكة، معتبرة إياها بمثابة ارتهان لقوى خارجية، على حد زعمها.
شعار تنظيم الإخوان
ووجهت الأمانة العامة للإخوان رسالة إلى قادة الجماعة في مختلف الدول، قائلة إن «اللحظة الحالية تفرض عليهم مراجعة شاملة لنهجهم واستراتيجياتهم وسياساتهم، ولا بد أن يلجؤوا إلى الصراع العنيف مع الأنظمة الحاكمة في الدول العربية باعتبار أن اللحظة الحالية توجب عليهم إما الانحياز لهذا المشروع أو البقاء في الخانة الحالية ومهادنة الأنظمة»، بحسب تعبير البيان.
دلالات هامة
البيان الصادر عن الأمانة العامة للإخوان يحمل في طياته، دلالات هامة؛ منها أن هذه الجبهة لديها ارتباطات خارجية معادية للدول العربية، لا سيما أن الجماعة مرتبطة بأجندة عابرة للحدود الوطنية وجرى توظيفها من قبل أطراف عدة للضغط على دول عربية في مراحل عديدة.
كما يعكس نهج تيار التغيير الأكثر راديكالية الذي انحاز خلال الفترة الأخيرة إلى ما يُعرف بـ«محور المقاومة»، ودعا للتوحد معه من أجل خوض معركة واحدة على جبهات متعددة، في تطبيق لما يعرف بـ«مبدأ وحدة الساحات» الذي دعا له المحور سابقا، قبل أن يثبت فشله خلال الحرب الأخيرة في لبنان وغزة.
ويتزامن البيان مع رغبة تيار التغيير في الظهور وتصدر واجهة الأحداث مرة أخرى بعد سنوات طويلة من التراجع وفقدان التأثير على وقع الخلافات القيادية والتنظيمية التي نشبت داخل الجماعة في عامي 2015، و2020 على الترتيب والتي أدت لحالة تشظٍ داخلي لم تنتهِ حتى الآن.
ويهدف تيار التغيير من وراء هذه البيانات التحريضية إلى أن يخلق لنفسه حاضنة في أوساط شباب الإخوان في عدد من الدول العربية، حتى يكون لديه مستقبلا كوادر يوظفهم في مشروعه الهادف إلى «الصدام المسلح مع الحكومات العربية وإثارة الفوضى في المنطقة».
إعلان حرب
يقول أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، إن لغة البيان الصادر عن تيار التغيير تعد «أقرب إلى إعلان الحرب على الدولة الأردنية».
واعتبر في تصريحات لـ«العين الإخبارية»، أن هدف هذا التحريض هو إسقاط الدولة الأردنية وهذا لا يخدم إلى مخططات الإضرار بالأمن القومي العربي والتي لا تنفصل عن أجندات إقليمية مرتبطة بهزيمة ما عُرف بـ«محور المقاومة» في وقت لا تزال طهران تشعر فيه بمرارة هزيمة وانكسار مشروعها في المنطقة.
من جانبه، قال صبرة القاسمي، الخبير في شؤون جماعات الإسلام السياسي، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن هناك دوائر عديدة داخل جماعة الإخوان سواء في مصر أو في الدول الأخرى بما في ذلك تتخوف من أن تقوم السلطات الأردنية بملاحقة الجماعة وكواردها وتشن ضدها حملة استئصالية، كما حصل مع جماعة الإخوان في مصر وحركة النهضة في تونس، ولذا فإن هذه الدوائر ومن بينها تيار التغيير تحرض على الدولة الأردنية.
خلط الأوراق؟
وجهة نظر أخرى أشار إليها أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، قائلا إن مجموعة تيار التغيير التي تصدر بياناتها عبر الأمانة العامة لجماعة الإخوان تحاول خلط الأوراق والتخفي خلف رمزية القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب المركزية، مشيرًا إلى أنها تحاول استغلال هذه القضية في سياق التعامل مع قرار حظر أنشطة الإخوان في المملكة الأردنية الهاشمية.
بان أضاف، أن هذه البيانات الصادرة عن الإخوان تزايد على الدولة الأردنية بنفس الطريقة التي كانت تزايد بها تنظيمات سياسية أخرى في مراحل متفرقة.
لكن، لم تيار التغيير؟
وحول أسباب تزعم تيار التغيير نبرة التحريض ضد الأردن، قال صبرة القاسمي، الخبير في شؤون جماعات الإسلام السياسي، إن تيار التغيير يمثل إحدى جبهات جماعة الإخوان المأزومة في كل المنطقة العربية، مشيرًا إلى أنه يسعى لأن يقدم نفسه للحاضنة الإخوانية عن طريق تبني مواقف متشددة وراديكالية من أجل لفت الأنظار إليه بعدما عانت الجماعة من خسائر وهزائم طوال السنوات الأخيرة.
فهل يتراجع الأردن؟
وردًا على ما إذا كانت تلك النبرة التحريضية ستدفع الأردن خطوة إلى الخلف، قال القاسمي، إن الأردن ماضٍ في طريق حظر شامل لأنشطة الإخوان بنفس الطريقة التي حصلت في مصر، مشيرًا إلى أن الجماعة تدرك أنها لم يعد لديها إلا خيارات محدودة وبالتالي فهي تسعى لممارسة ضغط على الحكومة الأردنية من أجل أن تتراجع عن قرارتها ضد الجماعة.
شعار تنظيم الإخوان
وتوقع صبرة القاسمي أن تواصل الحكومة الأردنية الضغط على جماعة الإخوان دون اعتبار للحملات الهادفة لإرهاب القيادة السياسية في المملكة والتي تلوح بخيار الفوضى والعنف كما كان يحدث في مصر، مؤكدًا أن الإخوان «جربت الإرهاب في مصر وفشلت، وجربت أفرعها الأخرى الإرهاب والعمليات المسلحة وفشلت -كذلك-».
أي سيناريو ينتظر الإخوان؟
كما توقع أن تفشل جماعة الإخوان في الأردن إذا لجأت لنفس الخيار، بل سيؤدي هذا المسار إلى مزيد من التشدد في التعامل معها، مؤكدا أن الجماعة ستدفع ثمن الارتهان لقرارات خارجية وأجندات عابرة للحدود هدفها الإضرار بالأمن القومي للمملكة وللدول العربية ككل.