اخبار الإقليم والعالم
الضم البطيء: تحويل الاستيطان إلى خط دفاع عن إسرائيل
لم تعد الرغبة الإسرائيلية في ضم الضفة الغربية أمرا مسكوتا عنه، فقد بات مطلبا معلنا على لسان بعض الوزراء. ولم يعد الإسرائيليون يكتفون بتوسيع الاستيطان كنشاط عمراني من تجريف الأراضي وطرد السكان، بل أصبح وسيلة تنفيذية تترجم مشروع الضم على الأرض.
ووجدت إسرائيل في التركيز الدولي على الحرب في غزة الفرصة للانفراد بالضفة الغربية والسعي لضمها عبر توسيع الاستيطان وتكثيف هجمات الجيش الإسرائيلي الذي يجد مبررا في العمليات المحدودة لبعض المسلحين غطاء لتنفيذ عمليات هدم وجرف واسعة.
وخرجت العمليات العسكرية من مجرد الانتقام من مسلحين ينفذون عمليات فردية محدودة إلى انتشار إسرائيلي واسع وإجبار السكان على ترك منازلهم وتحويل ضم الضفة إلى أمر واقع يجد مبررا له في تصريحات اليمين المتطرف الذي يسيطر على الحكومة.
ودعا أربعة وزراء إسرائيليين، الأحد، إلى ضم الضفة الغربية المحتلة. وجاء ذلك خلال مشاركتهم في افتتاح “حي” في مستوطنة “هار براخا” بالضفة الغربية، وفق هيئة البث العبرية الرسمية.
السلطة الفلسطينية تحذر من أن ضم إسرائيل للضفة الغربية المحتلة سيعني رسميا نهاية إمكانية تطبيق مبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)
وقالت هيئة البث إنه خلال الافتتاح دعا عدد من الوزراء الكبار في حكومة بنيامين نتنياهو إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية.
وهؤلاء الوزراء هم وزير الدفاع يسرائيل كاتس، ووزيرة الاستيطان أوريت ستروك، ووزير العدل ياريف ليفين، ووزير النقب والجليل يتسحاق فاسرلوف.
ودعا الوزراء الأربعة وقادة آخرون إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وتعزيز الاستيطان فيها، وفق الهيئة.
واعتبر كاتس أن “الاستيطان هو خط الدفاع عن إسرائيل.” وأضاف أن إسرائيل ستواصل ضرب ما زعم أنه “الإرهاب في شمال السامرة (التسمية التوراتية للضفة الغربية).”
ويستفيد الإسرائيليون في تنفيذ إستراتيجية ضم الضفة من دعم واسع بين الإسرائيليين كرد فعل على هجوم السابع من أكتوبر 2023 وخطف حماس العشرات من الرهائن، فضلا عن ضعف السلطة الفلسطينية وعدم قدرتها على التحرك دبلوماسيا لوقف عمليات الضم المنظمة التي تتم أمام أعين قادتها.
وتحذر السلطة الفلسطينية من أن ضم إسرائيل للضفة الغربية المحتلة سيعني رسميا نهاية إمكانية تطبيق مبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية).
وصعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، منذ أكتوبر 2023، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 954 فلسطينيا، وإصابة قرابة 7 آلاف، إضافة إلى تسجيل 16 ألفا و400 حالة اعتقال، وفق معطيات فلسطينية.
وبعد أن أُجبروا على مغادرة منازلهم في مخيم جنين بعد الاقتحامات الإسرائيلية، يخشى السكان تكرار النكبة الجماعية التي عايشها أجدادهم وآباؤهم.
وهناك مضاعفات أخرى على الفلسطينيين مواجهتها تتعلق بالمساعدات خاصة بعد طردهم من مخيماتهم وركون الآلاف منهم إلى البطالة بمنعهم من العمل في إسرائيل مع انطلاق الحرب في غزة.
وتقدم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) المساعدات، لكن القرارات الإسرائيلية الأخيرة التي تمنع التنسيق مع السلطات العسكرية الإسرائيلية، قد تعقد عملها. وتفتقر السلطة الفلسطينية التي تحكم جزئيا الضفة الغربية إلى الأموال الكافية لتقديم المساعدة.
وتركز العديد من المنظمات الدولية معظم جهودها في قطاع غزة المحاصر حيث تسببت الحرب التي اندلعت بين إسرائيل وحماس في السابع من أكتوبر في أزمة إنسانية خطيرة. ويذكر بعض السكان أنهم حاولوا العودة لكن تم منعهم. وتقول النازحة أم مجد “قالوا لنا إنه لم يعد لدينا منزل وإننا لن نعود إلى المخيم.”
وفي أوائل مارس الماضي، تحدث مسؤول في الأونروا عن القلق المتزايد من أن “الواقع الذي يتم خلقه على الأرض يتماشى مع رؤية ضم الضفة الغربية” التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967.
ويقول أحد العاملين الاجتماعيين الذين يزورون مراكز الإيواء لتوزيع البطانيات والطعام أو المال لشراء المواد الغذائية “لا أحد يهتم بما يحدث هنا.” أما باقي الخدمات مثل جمع القمامة فهي نادرة أو شبه مفقودة. وبحسب النازحين، فإن معظم المحال التجارية مغلقة.