منوعات
صنبور عملاق عمل فني يتحول إلى أداة لمقاومة التلوث بالبلاستيك
قال بنجامين فون وونغ إن “حجم الصنبور يُبرز حجم المشكلة ويجعل تجاهلها مستحيلا. لقد اعتدنا على التخلص من الأشياء، ولكننا نشعر بالخطر عندما نواجه حقيقة أن ‘التخلي‘ لم يعد خيارا.”
ويشير الفنان والناشط الكندي، البالغ من العمر 39 عاما، إلى ما دفعه لصناعة “الصنبور البلاستيكي العملاق” الذي لفت انتباها كبيرا في عالم الفن لتسليطه الضوء على قضية التلوث البلاستيكي.
الفن ضد التلوث
المشاهدون يستوعبون رسالة وقف التلوث البلاستيكي من خلال الفن الذي يحوّل قضية فكرية إلى تجربة عاطفية
اشتهر فون وونغ بفنّه البيئي شديد الواقعية، وصمم صنبورا ضخما يبدو وكأنه يطفو في الهواء، مُطلقا نفايات بلاستيكية، في رمزٍ واضحٍ للحاجة المُلِحّة للحدّ من إنتاج البلاستيك من مصدره.
وصرّح “أردت تجسيد عبارة ‘أغلق الصنبور البلاستيكي’ بطريقةٍ ملموسة. عدّلتُ مفهوم ‘النافورة العائمة’، لكنني استبدلتُ الماء بالبلاستيك للتأكيد على ضرورة معالجة المشكلة من جذورها، بدلا من مجرّد الاعتماد على الجهود المبذولة في المراحل اللاحقة، مثل إعادة التدوير وتنظيف الشواطئ.”
ويتزايد وضوح التأثير العالمي الذي يخلّفه التلوث البلاستيكي، مما يُعزز ضرورة العمل الجماعي. وبينما تلعب الدراسات العلمية وإصلاحات السياسات أدوارا حاسمة، من المهم بنفس القدر الاعتراف بقوة الفن في رفع مستوى الوعي وتحفيز العمل الجماهيري.
ويُثير الفن المشاعر، ويطلق الحوار، ويُعزز الصلة الوثيقة بين البشر وبيئتهم. وبرز تركيب فون وونغ الفني في المعركة ضد التلوث البلاستيكي بصفته رمزا مهما للتغيير، حيث يُعد التلوث البلاستيكي من أكبر أزمات هذا العصر.
وجدت دراسة حديثة أجرتها منظمة إي آيه إرث أكشن، ونُشرت العام الماضي، أن أكثر من ثلث النفايات البلاستيكية ستُساء إدارتها في نهاية دورة حياتها (أي ما يعادل 68.6 مليون طن من البلاستيك، أو بمعدل 28 كيلوغراما من النفايات البلاستيكية للشخص الواحد عالميا). وبلغ إنتاج النفايات البلاستيكية في 2024 حوالي 220 مليون طن، مما يعكس زيادة بنسبة 7.11 في المئة منذ 2021.
الأعمال الفنية المُركّبة
انتقل فون وونغ من مسيرته المهنية في هندسة التعدين إلى النشاط البيئي من خلال الفن. وقد أبدع أربعة أعمال فنية ضخمة لصنابير عُرضت في أماكن مختلفة شملت معرض آرت بازل للفنون المعاصرة، والدورة المستأنفة (الجزء الثاني من الدورة الخامسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة) في نيروبي سنة 2022، ومؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات.
وقال الفنان “عرضناها في أكثر من اثني عشر موقعا، ولكن الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو صنع مئات النسخ حول العالم. لست متأكدا من كيفية قياس تأثير الفن، ولكنني أرى أعظم نجاحات هذا العمل الفني في حقيقة أنه أصبح رمزا للدعوة إلى معاهدة عالمية بشأن البلاستيك.”
وعُرضت أعمال “صنبور البلاستيك العملاق” في دورات سابقة للجنة التفاوض الحكومية الدولية لمعاهدة البلاستيك. ومع ذلك، كان غيابها ملحوظا بشكل خاص في الجولة الخامسة من المفاوضات بشأن معاهدة عالمية لمكافحة التلوث البلاستيكي (إنك-5) في بوسان بكوريا الجنوبية.
وأضاف فون وونغ”بذلتُ قصارى جهدي لإحضار الصنبور إلى بوسان وتركيبه، لكن لم يُسمح بذلك. وبدلا من ذلك، نُصبت لوحة “الحوت الجريح” على مروج مركز بوسان للمعارض والمؤتمرات، الذي استضاف فعالية العام الماضي.
وقال “تواصلنا مع فريق العمليات والوفد، وتأمين شركاء محليين بتمويل مستقل قبل ستة أشهر، لكننا لم نتلقَّ أي رد.”
ومن الجدير بالذكر أن الدورة الخامسة للجنة التفاوض الحكومية الدولية فشلت في تحقيق توافق في الآراء بشأن معاهدة البلاستيك العالمية، مع نشوء خلافات حول المصالح الوطنية، والنفوذ الصناعي، والدعم المالي والتقني، وآليات التنفيذ.
ولا يزال فون وونغ متفائلا رغم هذه العقبات، بما في ذلك وجود جماعات ضغط الوقود الأحفوري وقيود المفاوضات القائمة على التوافق. ويؤكد قائلا “أنا واثق من أننا سنجد طريقا للمضي قدما،” مشددا على تفاني الأفراد والمنظمات التي تعمل على تحقيق التقدم.
وعقب قرار تأجيل الدورة الخامسة، من المقرر الآن انعقاد الجزء الثاني (إنك 5.2) خلال الفترة الممتدة من 5 إلى 14 أغسطس 2025، في قصر الأمم بجنيف السويسرية.
المشاركة المجتمعية
في الجزء الثاني من الدورة الخامسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة في نيروبي، أشرك فون وونغ المجتمعات المحلية بنشاطه. وتعاون مع مشروع الاحتياجات الإنسانية لجمع ثلاثة أطنان من البلاستيك من أحياء كيبيرا الفقيرة بالعاصمة نيروبي. ووُظّفت أكثر من 80 امرأة محلية لتنظيف وفرز البلاستيك، لضمان وصول أصواتهن إلى قادة العالم. وقال فون وونغ “جمعنا تبرعات لدعم تطوير نظام إدارة نفايات محلي أيضا.”
وكان لهذا المعرض الفني تأثير كبير في تشكيل التصور العام. ويستوعب المشاهدون باستمرار رسالته الأساسية المتمثلة في وقف التلوث البلاستيكي، بينما تُحوّل صوره اللافتة قضية فكرية إلى تجربة عاطفية. كما اكتسب العمل الفني أهمية إضافية في سياق مفاوضات معاهدة البلاستيك العالمية.
فهل يمكن أن يكون الفن حافزا للتغيير الحقيقي؟ يُقدّم فون وونغ في هذا السياق مقارنة مُحفّزة للتفكير “ما قيمة نصب تذكاري كتمثال الحرية؟ كيف يُمكن قياسها؟”
ويثبت نجاح معرض الصنبور البلاستيكي العملاق أن الفن يظل قوة فعالة في تعزيز الوعي البيئي والتحول الاجتماعي، وخاصة عندما يترجم القضايا العالمية المعقدة إلى تجارب عاطفية عميقة تتجاوز الحواجز الثقافية واللغوية.