اخبار الإقليم والعالم

ماذا لو خسرت قوات الدعم السريع معركة الخرطوم

وكالة أنباء حضرموت

تثير التطورات العسكرية المتلاحقة في العاصمة السودانية إلى أن الجيش يقترب من حسم معركة الخرطوم ضد قوات الدعم السريع، مما يؤثر على مسارات الحرب وأي عملية مفاوضات مستقبلية.

وتدرك قوات الدعم السريع أن خروج عناصرها من العاصمة يعني إلحاق هزيمة تؤثر على وضعها الميداني في مناطق أخرى أبرزها درافور.

ويمثل خروج قوات الدعم السريع من الخرطوم نكسة إستراتيجية لمخططات قادتها، حيث يعني ذلك انتهاء مشروعهم في إعادة صياغة شكل السودان، والنّيْل من المؤسسة العسكرية التي بات النّيْل منها سياسيا مشكوكا فيه بقوة.

ويرى محللون أن على قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو ( حميدتي) إعادة النظر في أفكاره بشأن السودان الذي يريده، إذ لم يعد أمامه سوى الانزواء في إقليم دارفور ومحاولة دعم خطة الحكومة الموازية وتوفير عوامل الحياة لها بطريقة عملية، في ظل مطبات تواجه تشكيلها.

ويؤكد اقتراب الجيش من النجاح في استعادة الخرطوم أن هناك تغيرا كبيرا في توازنات القوى العسكرية، وأنه تمكن من استعادة جزء من لياقته على حساب تراجع ملحوظ في أداء قوات الدعم السريع في الأشهر الماضية، وهو ما يمكن أن تكون له تداعيات في حالة العودة إلى الاحتماء بدارفور، والتي لن تكون المهمة سهلة فيها.

وعلى مدار نحو عام لم يتمكن حميدتي من دخول مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، ولا تزال قواته تواجه تحديات في هذه المدينة، ناهيك عن الخلافات الاجتماعيات المتجذرة والحساسيات العرقية المعروفة، والتي يمكن أن تنفجر على نطاق واسع عندما ينحصر وجود الدعم السريع في دارفور، وقد تتجدد خلافات سابقة من بقايا الحرب الأهلية الأولى في دارفور قبل نحو عقدين.

ويشجع خروج الدعم السريع من الخرطوم قوات الجيش على استمرار مطاردتها، خاصة إذا تمكن الجيش من الحفاظ على توازن القوى لصالحه، واستمر الانسداد في وصول الأسلحة إلى قوات الدعم السريع ولم يتمكن حميدتي من الحصول على معدات عسكرية تمنحه فائضا جديدا للقوة، يستطيع به أن يضبط الدفة، ويعيدها إلى صالحه كما كانت في الفترة الأولى للحرب.

ويؤكد مراقبون أن معركة الخرطوم لن تحسم مصير العاصمة فقط، بل السودان كله، فما ستفرزه ستكون له انعكاسات على الحرب والآليات التي يمكن اللجوء إليها حال تم استئناف المفاوضات بأيّ من صورها السياسية المتوقعة.

وتحدثت تقارير سودانية، الخميس، عن قيام الجيش بتضييق الخناق على الدعم السريع في القصر الرئاسي.

ويتحكم الجيش في الطرق المؤدية إلى القصر الرئاسي بعد غلقها بالمشاة وتغطيتها بالمسيّرات، بدءا من المنطقة الصناعية في غرب الخرطوم، إلى أبراج النيلين شرقا، وحتى مقرن النيلين جنوبا، ومدينة بحري شمالا، وأصبحت عملية انسحاب قوات الدعم السريع صعبة، ومواصلة القتال لا تقل صعوبة مع إحكام الجيش سيطرته على منافذ بها معظم المقرات السيادية والوزارية والأسواق والمستشفيات والبنوك.

وحاولت قوات الدعم السريع على مدار الأيام الماضية كسر الطوق المفروض على عناصرها عبر شن هجمات خاطفة من المحور الجنوبي الشرقي للخرطوم، لكنها لم تفلح في فك حزام عسكري يحاصرها من أكثر من جهة.

واحتمى مسلحو الدعم ببعض المباني بوسط الخرطوم، واتخذوها مقرا للقناصة لمنع تقدم قوات الجيش التي استفادت من حصولها على مسيّرات جديدة لإبطال عمل القناصة. ويعني استمرار الحصار ونجاح الجيش في اقتحام القصر الرئاسي خسارة فادحة للدعم السريع لن تقبلها بسهولة.

خروج الدعم السريع من الخرطوم يشجع قوات الجيش على استمرار مطاردتها، خاصة إذا تمكن الجيش من الحفاظ على توازن القوى لصالحه

وحصل الجيش السوداني على عدد من الطائرات دون طيار، إيرانية الصنع، من طراز “مهاجر” و”أبابيل”، ما ساعده على تحقيق تقدم عسكري في أكثر من جبهة.

وأشارت تقارير محلية إلى حصول الجيش على تعهد من موسكو بتقديم إمدادات عسكرية ضخمة مقابل ضمانات بإقامة قاعدة روسية على ساحل البحر الأحمر، وربما تكون بعض المعدات وصلت مباشرة أو عن طريقة وسطاء في الفترة الماضية، لأن التفوق الذي أحرزته قوات الجيش مؤخرا لا يتماشى مع هزائمه السابقة بعد الحرب.

وانعكست الثقة الظاهرة في خطاب قادة الجيش على تحسن الوضع الميداني، عقب الحصول على معدات عسكرية ومسيّرات متقدمة، وانسدادها أمام الدعم السريع، ما يعزز كفة اقتراب هزيمة عناصر قوات الدعم السريع  في معركة الخرطوم المصيرية.

وأجرى نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار مباحثات مع رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا في بريتوريا، أبلغه خلالها بتوقعات الحكومة السودانية “القضاء على تمرد قوات الدعم السريع في معظم الولايات بحلول نهاية أبريل المقبل.”

وقال المحلل السياسي السوداني علي الدالي إن قوات الدعم السريع ما زالت تسيطر على بعض المواقع الحيوية في الخرطوم، مثل جنوب المدينة والمطار والقيادة العامة والمقر الرئاسي وبعض الوزارات السيادية، وأن معركة القصر لم يتم حسمها بعد، لكنها شبه محسومة لصالح الجيش بعد تقدمه الميداني، ويبقى خروج قوات الدعم السريع منها مسألة وقت.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) كان يعول على البقاء في الخرطوم عبر استغلال الثغرات التي يمكن أن تقلب موازين المعادلة العسكرية، غير أن اعتماد الجيش على الطائرات المسيّرة الحديثة رجحت كفته، والآن يتم الحديث عن حرب سماء مفتوحة وليس اشتباكات بين القوات، بينما تعتمد قوات الدعم السريع على قناصة يتواجدون فوق أسطح بنايات شاهقة، يستهدفها الجيش بالمسيّرات للقضاء عليهم.

تقارير محلية أشارت إلى حصول الجيش على تعهد من موسكو بتقديم إمدادات عسكرية ضخمة مقابل ضمانات بإقامة قاعدة روسية على ساحل البحر الأحمر

ولفت الدالي إلى وجود طريق واحد تخرج منه قوات الدعم السريع، وهو الاتجاه الشرقي للقصر الجمهوري، وفي الأيام الماضية وصلت بعض العناصر التي كانت متمركزة في الخرطوم إلى دارفور غربا، وهي الآن توجه ضرباتها عن بعد إلى أم درمان والأُبيض، ما يشي بأن الدعم السريع سوف تقاتل إلى آخر نفس، بانتظار حدوث معجزة أو ثغرة في صفوف الجيش توظفها لصالحها.

ويشير اقتراب الجيش من استعادة السيطرة على القصر الجمهوري إلى تحول نوعي في الحرب ضد الدعم السريع، ويحوي معنى رمزيا للسيادة ويؤكد تراجعا في الأوراق التي امتلكتها الأخيرة ومكنتها من تقليل حديث أنصار الجيش عن تقدمه في الخرطوم.

وبث التلفزيون السوداني الرسمي أناشيد وطنية ومقاطع فيديو تمجد الجيش، وقال إن قواته “اقتربت من السيطرة على القصر الرئاسي وتطهيره من ميليشيا الدعم السريع.”

وقال قائد سلاح المدرعات اللواء ركن نصرالدين عبدالفتاح إن القوات المسلحة بدأت المرحلة الأخيرة من القضاء على قوات الدعم السريع، وأن قواته دمرت عربات قتالية لعناصر منسحبة من القصر الرئاسي في شارع القصر، وبثت مواقع تواصل تابعة لسلاح المدرعات مقاطع فيديو لاشتباكات عنيفة وعربات محترقة قيل إنها للدعم السريع وتم تدميرها على مقربة من القصر.

ولم يصدر تعليق من الدعم السريع، لكن قائدها قال في تسجيل مصور قبل أيام قليلة إن قواته لن تخرج من الخرطوم أو من القصر الرئاسي الذي تسيطر عليه منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل 2023.

وبدأت تتناقص مساحات سيطرة قوات الدعم السريع لصالح الجيش في ولايات الخرطوم والجزيرة والنيل الأبيض وشمال كردفان وسنار والنيل الأزرق.

وفي الوقت الذي تشتد فيه معركة الخرطوم، اتفق مبعوثون وممثلون دوليون وإقليميون في اجتماع موسع عقد في أديس أبابا على توحيد منابر حل الأزمة السودانية، وتعهدوا بتبني نهج منسق لوقف الصراع والوصول إلى سلام شامل.

ووفقا لبيان صادر عن الهيئة الحكومية المعنية بالتنمية في أفريقيا (إيغاد) شكل الاجتماع خطوة مهمة نحو تبسيط الجهود وتجنب التكرار وضمان تحقيق أثر جماعي في إطار مساعي وقف الحرب، وركز على دعم التنسيق بين جميع المبعوثين، ووضع خارطة طريق لتنفيذ إعلان جدة، وتعزيز التواصل مع المجتمع المدني، ومواءمة الجهود بشأن المساءلة، وتعزيز الدبلوماسية الإنسانية.

حزام عدن يلقي القبض على شخصين متهمين بترويج وتعاطي المخدرات


خطة تسلح ضخمة: هل تصبح ألمانيا قوة عسكرية كبرى


هدنة محدودة في أوكرانيا من دون خرق كبير


المغرب يخطط لتعزيز مساره الناجح في تصفيات مونديال 2026