اخبار الإقليم والعالم

حدود التعدين في قاع البحر تعمق الانقسام العالمي

وكالة أنباء حضرموت

أثار اكتشاف أُعلن عنه قبل أشهر عن إنتاج حصى معدنية ما سُمّي بـ”الأكسجين الداكن” في أعماق البحار المظلمة، ارتياحا لدى منظمات غير حكومية معارضة للتعدين في الأعماق البحرية، لكنه لم يحقق إجماعا في أوساط المجتمع العلمي.

وتحدثت الجمعية الأسكتلندية للعلوم البحرية (سامس) في يوليو الماضي عن “اكتشاف في أعماق البحار يثير تساؤلات حول أصول الحياة”، وذلك في بيان أعلنت فيه نشر علمائها مقالا بهذا الشأن في مجلة نيتشر جيوساينسز.

وكانت النتائج التي قادها عالم البيئة أندرو سويتمان مذهلة، إذ بيّنت أنه على عمق 4 آلاف متر في المحيط الهادئ، تنتج حصى غنية بالمعادن بحجم حبة بطاطا، في ما بينها تيارا كهربائيا كافيا لتقسيم جزيئات الماء إلى هيدروجين وأكسجين، عبر التحليل الكهربائي.

ومن شأن اكتشاف الأكسجين الذي وُصف بأنه “داكن” لأنه يُنتَج من دون ضوء، أن يثير جدلا حول النظرة التقليدية لأصل الحياة، والتي باتت ممكنة بفضل إنتاج الأكسجين من طريق التمثيل الضوئي بواسطة البكتيريا الزرقاء، قبل 2.7 مليار سنة.

كما من شأن ذلك أن يزيد من تعقيد المناقشة بشأن قانون التعدين، الذي من المفترض أن تنتهي السلطة الدولية لقاع البحار (آي.أس.أي) من إعداده هذا العام، والذي تناقشه في اجتماع في جامايكا بدأ الاثنين الماضي.

وأُنشئت آي.أس.أي بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 واتفاقية عام 1994 المتعلقة بتنفيذ الجزء الـ11 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.

ومن خلال السلطة، تُنظّم الدول الأطراف في الاتفاقية وتُدير جميع الأنشطة المتعلقة بالموارد المعدنية، بما يعود بالنفع على البشرية.

وتغطي مناطق التعدين البحري 54 في المئة من إجمالي مساحة المحيطات، وهي ملكية عالمية مشتركة تخضع لقيود بيئية على استغلالها الاقتصادي.

ولذلك، تتمتع آي.أس.أي بصلاحية ضمان الحماية الفعالة للنظام البيئي البحري من الآثار الضارة الناجمة عن الأنشطة المتعلقة بقاع البحار العميقة.

وحذر تقرير للصندوق العالمي للطبيعة صدر خلال القمة بعنوان “تحليل آثار التعدين في قاع البحار للتنوع البيولوجي وأجندة التنمية المستدامة”، من أن له “تأثير عالمي على جوانب مختلفة من المجتمع والاقتصاد والبيئة”.

وذكر أن “جميع أهداف الإطار العالمي للتنوع البيولوجي الأربعة لعام 2050، و18 من أصل 23 هدفا لعام 2030، ستكون معرّضة للتهديد، بالإضافة إلى 16 من أصل 17 هدفا من أهداف التنمية المُستدامة”.

وبحسب شركة آرثر ليتل، يوفر القطاع فرصة بقيمة 20 تريليون دولار لاستخراج معادن أساسية تُعدّ أساسية للبطاريات والمركبات الكهربائية وغيرها من التقنيات الخضراء.

تريليون دولار حجم الفرص الاقتصادية التي يوفرها هذا المجال، وفق شركة آرثر ليتل

وتولت ذي ميتلز كومباني جزئيا تمويل عمل سويتمان لتقييم تأثير مثل هذا التنقيب على النظام البيئي. ولكن بعد نشر الدراسات، وجهت شركة التعدين الكندية التي تخطط لبدء استخراج العقيدات في 2026، انتقادات لاذعة لعمل هذا العالم لانطوائه على “عيوب منهجية”.

وقال المسؤول البيئي في الشركة مايكل كلارك لوكالة فرانس برس إن “الملاحظات التي وصفها” سويتمان وزملاؤه “يمكن أن تعزى منطقيا إلى تقنية علمية رديئة وعلم غير دقيق أكثر من كونها ظاهرة لم نلاحظها من قبل”.

وبالنسبة لمنظمة غرينبيس غير الحكومية، فإن هذا “الاكتشاف المذهل” يسلط الضوء على “ضرورة وضع حد للتعدين في أعماق البحار”، بسبب “الأضرار” التي يمكن أن يسببها هذا النشاط لهذا “النظام البيئي الدقيق”.

فهذا “الأكسجين الداكن” تم اكتشافه في منطقة تصدع كلاريون كليبرتون الواقعة بين المكسيك وهاواي والتي تثير الشهية الأكبر لدى شركات التعدين الراغبة في استخراج عقيداتها متعددة المعادن.

وعليه، فإن هذه التكتلات الغنية بالمعادن بينها المنغنيز والنيكل والكوبالت، والتي تُستخدم في التجهيزات الحديثة، تشكل مصدرا غير معروف للأكسجين من ذي قبل.
وقبل هذه الدراسة، كان العلماء يقيسون دائما استهلاك الأكسجين، وليس إنتاجه، في أعماق البحار بسبب تنفس الكائنات الحية التي تسكنها.

وبالإضافة إلى شركات التعدين، ينتقد علماء كثر عمل سويتمان. ويقول ماتياس هيكل، عالم الكيمياء الحيوية بمركز جيومار هيلمهولتز لأبحاث المحيطات في كيل بألمانيا، إنه “لم يقدم دليلا واضحا على ملاحظاته وفرضياته. وتبقى أسئلة كثيرة بلا إجابة بعد النشر”.

ويضيف لفرانس برس “بات على المجتمع العلمي أن يجري تجارب مماثلة (…) ويثبت أو يدحض فرضيته”.

ويتفق معه في الرأي الباحث في الكيمياء الجيولوجية في معهد إيفريمر في بريست الفرنسية أوليفييه روكسيل، الذي يوضح لوكالة فرانس برس أنه “لا يوجد إجماع على هذه النتائج على الإطلاق”.

ويبدي روكسيل اعتقاده بأن إنتاج الأكسجين الذي قاسه فريق سويتمان ربما يكون بسبب “فقاعات الهواء المحاصرة” في أداة القياس. ويقول إن “أخذ العينات في أعماق البحار يشكل تحديا دائما.”

ويشكك في أن تكون عُقيدة هي مصدر التيار الكهربائي، الذي يحدث عادة بسبب “اختلال التوازن الكيميائي”. فمن المعلوم من الناحية الكيميائية أن العُقيدة تكون “في حالة توازن تقريبا مع مياه البحر، لأنها تتكون من المعادن المذابة في مياه البحر”، على مدى 20 إلى 30 مليون سنة.

ويشير إلى أن “البطارية تنفد بسرعة”، “فكيف يمكن الحفاظ على القدرة على توليد تيار كهربائي في عُقيدة تتشكل ببطء شديد؟”

ومنذ يوليو الماضي، قُدّمت للنشر خمس أوراق بحثية تدحض مقال سويتمان، الذي قال ردا على سؤال لفرانس برس إن هذه التبادلات “شائعة للغاية” في العلوم وتسمح “بالتقدم في الموضوع”.

دعوة أممية لإسرائيل بإجلاء المستوطنين في الضفة وتعويض الفلسطينيين


نائبة عراقية تقاضي خميس الخنجر بتهم الطائفية وتبرير مجازر الساحل السوري


هل ينتصر المجلس الوطني للوحدة الكردية بعد خيبة أمله في السلطة السورية


تجنيد الأطفال في تندوف يستنفر المنظومات الحقوقية