تقارير وحوارات
إيران والذكرى السنوية الأولى لحملة “ثلاثاءات لا للإعدام”: صدى المقاومة ضد القمع
شهدت حملة “ثلاثاءات لا للإعدام”، التي انطلقت كحركة احتجاجية ضد موجة الإعدامات في إيران، الذكرى السنوية الأولى لها مع دخولها الأسبوع الثاني والخمسين. هذه الحملة، التي بدأها سجناء سياسيون في سجن قزلحصار في فبراير 2024، أصبحت رمزًا للمقاومة ضد سياسات القمع التي ينتهجها النظام الكهنوتي البغيض لولاية الفقيه.
انتشار الاحتجاجات من السجون إلى المجتمع
في بدايتها، اقتصرت الحملة على إضراب عن الطعام شارك فيه عشرة سجناء سياسيين، لكنها سرعان ما توسعت لتشمل سجونًا أخرى. حتى الآن، انضم إلى هذه الحركة الاحتجاجية سجناء من 34 سجنًا، من بينها سجون إيفين، قزلحصار، تبريز، أرومية، وشيراز. بالإضافة إلى ذلك، أعلنت عائلات السجناء، والنقابات المهنية والعمالية، ونشطاء حقوق الإنسان دعمهم لهذه الحملة.
اختيار يوم الثلاثاء كيوم للاحتجاج يحمل دلالة رمزية، حيث إن الثلاثاء غالبًا ما يكون اليوم الأخير في حياة السجناء الذين يتم نقلهم إلى الزنازين الانفرادية لتنفيذ حكم الإعدام بحقهم.
الإعدام: أداة للقمع
وفقًا لبيان المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الصادر في 2 يناير 2025، تم إعدام ما لا يقل عن 1000 شخص في إيران خلال عام 2024. السبب الرئيسي وراء اعتماد النظام الكهنوتي البغيض لولاية الفقيه على الإعدام هو افتقاره للشرعية وخوفه المَرَضي من السقوط.
هذه الإحصائيات تعكس تصاعدًا غير مسبوق في استخدام الإعدام كأداة لإثارة الخوف وقمع الشعب. ومع ذلك، تجاوز المجتمع الإيراني حاجز الخوف من الإعدام، حيث أن هذه الممارسات الوحشية، رغم وحشيتها وكثافتها، أدت إلى تعزيز الغضب الشعبي ودعم المقاومة. كما أن الرغبة في الإطاحة بالنظام تزداد يومًا بعد يوم.
النساء السجينات في طليعة المقاومة
لعبت النساء السجينات دورًا رياديًا في هذه الحملة. فقد أظهرن تضامنهن وعزيمتهن على مقاومة القمع من خلال تنظيم إضرابات عن الطعام واحتجاجات منتظمة. وأثبتن أنهن في طليعة النضال الاجتماعي، مرسلات رسالة واضحة إلى المجتمع الإيراني والنظام الكهنوتي: “المقاومة ضد القمع والإعدام حق طبيعي للسجناء”.
الدور التاريخي لسجناء الثمانينات
إحدى الجوانب البارزة في هذه الحملة هو دعم السجناء السياسيين في الثمانينات وعائلات الشهداء لها. إن استحضار مآسي تلك الحقبة، بما في ذلك الإعدامات الجماعية، أضفى على حملة “ثلاثاءات لا للإعدام” أبعادًا تاريخية وعاطفية أعمق، وربطت بين الأجيال المختلفة في نضالها ضد النظام.
الدعم الدولي
أعربت منظمة العفو الدولية وعدة منظمات حقوقية أخرى عن دعمها لهذه الحملة، وأدانت الإعدامات الجماعية في إيران من خلال بيانات رسمية. كما دعت هذه المنظمات حكومات العالم إلى الضغط على النظام الإيراني بسبب ارتكابه جرائم ضد الإنسانية.
الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والنفسية للإعدام
الإعدامات ليست فقط أداة للقمع السياسي، بل لها تأثيرات اقتصادية واجتماعية واسعة على العائلات والمجتمع. تفقد العديد من الأسر معيلها بسبب الإعدام، مما يؤدي إلى تفاقم الفقر وانتشار الظواهر الاجتماعية السلبية مثل عمالة الأطفال، التسرب من المدارس، والجنوح.
بالإضافة إلى ذلك، تؤثر الإعدامات بشكل كبير على الصحة النفسية للمجتمع، حيث تنشر الخوف والاكتئاب وفقدان الثقة بالمستقبل، خاصة بين الشباب. ومع ذلك، فإن المقاومة ضد هذه السياسة القمعية تزيد من الأمل وتعزز روح النضال في أوساط الشعب.
التداخل بين الحركات المدنية والمقاومة
إلى جانب حملة “ثلاثاءات لا للإعدام“، ظهرت حركات مدنية واحتجاجية أخرى مثل إضرابات العمال والمعلمين والمتقاعدين، إلى جانب الاحتجاجات الشعبية. هذه الحركات، التي تعمل معًا، تسهم في تعزيز قدرة المجتمع على مواجهة السياسات القمعية للنظام، مما يشكل خطوة نحو تغيير شامل في هيكل النظام الاستبدادي.
حملة “ثلاثاءات لا للإعدام”: رمز للتضامن والمقاومة الجماعية
تحولت حملة “ثلاثاءات لا للإعدام“ إلى رمز للتضامن والمقاومة الجماعية في إيران. هذا التحرك الاحتجاجي لم يقتصر تأثيره على السجون فقط، بل امتد ليشمل المجتمع الإيراني والمجال الدولي. الذكرى السنوية الأولى لهذه الحملة تؤكد على قوة الأمل والإرادة الإنسانية في مواجهة القمع.
نجحت هذه الحملة في جذب انتباه الرأي العام العالمي نحو زيادة الضغط على النظام الإيراني. وقد لعبت هذه الضغوط، لا سيما في المفاوضات الدبلوماسية، دورًا مهمًا في إضعاف موقف النظام الإيراني. تواصل الحملة مسيرتها كصوت للمظلومين الذين يعيشون تحت تهديد الموت، في سعي دؤوب لتغيير مستقبل إيران.