اخبار الإقليم والعالم
نقص في قوارير الغاز المنزلي بتونس تزامنا مع موجة برد
تصطف طوابير طويلة أمام المستودعات بينما تتواصل المكالمات الهاتفية بين تجار الجملة، بعد أن سجلت مناطق بكاملها في تونس وخصوصا في محافظات الشمال الغربي نقصا في التزود بقوارير الغاز المنزلي المستخدمة للطهي والتدفئة، وسط موجة برد شديدة.
وشهدت معتمديات محافظة سليانة (شمال غرب) خلال الأيام القليلة الماضية تراجعا ملحوظا لدرجات الحرارة مع تسجيل تساقط الثلوج بمرتفعات مكثر وكسرى رافقها تزايد الطلب على قوارير الغاز المنزلي، مما أحدث ضغطا ونقصا ملحوظا بمحطات التزويد والمحال التجارية الصغيرة.
ودعا المواطنون عبر وسائل إعلام محلية السلطات المعنية إلى ضرورة التدخل العاجل وضخ كميات إضافية للجهة وإيلائها الأهمية القصوى بالتزود خاصة في ظل الحاجة الماسة لهذه المادة الأساسية مع تواصل موجد البرد.
وقال منير الرياحي، بائع الجملة الذي لم يتسلم دفعات من القوارير منذ السبت “عادة، بين ديسمبر ويناير، أبيع ما بين 3500 و4000 قاروة يوميا. ومؤخرا، تم تزويدنا بـ1200 قارورة فقط لمدة أسبوع وبضعة أيام، قبل أن يتم خفض الحصة إلى 800 قارورة.” وأكد الرياحي في تصريح صحفي أن موجة البرد التي ضربت منطقته الريفية بباجة في شمال غرب البلاد “أدت إلى زيادة في الاستهلاك”، معربا عن أسفه “للنقص الحاد الذي يجبر بعض الناس على الطهي على الحطب.”
وقال علاء الهمامي، وهو موزع آخر، على بعد حوالي 50 كلم من باجة، “الوضع أصبح مقلقا للغاية. الناس يتصلون باستمرار لطلب الغاز، لكنه غير متوافر.” وأضاف “منذ اللحظة التي أستيقظ فيها حتى أذهب إلى السرير، لا يتوقف هاتفي عن الرنين.”
وشوهدت طوابير في مدينة جندوبة، وهي بلدة أخرى في الشمال الغربي متاخمة لباجة، وفي القيروان وسط البلاد وفي مناطق أخرى لا يصلها الربط بشبكة الغاز الأرضي. وأكّد الرئيس التونسي قيس سعيّد في لقائه الجمعة، بقصر قرطاج، مع خالد النوري، وزير الداخلية، على ضرورة مضاعفة الجهود من قبل السلطات الجهوية المعنية لمزيد الإحاطة بالمواطنين لمواجهة موجة البرد وتساقط الثلوج في عدد من جهات الجمهورية.
◙ الوضع أصبح مقلقا للغاية
وشدّد قيس سعيد على تسخير كل الإمكانيات المتوفرة لدى مختلف الإدارات الجهوية لمعاضدة مجهودات قوات الأمن وأعوان الحماية المدنية لفتح الطرقات التي غمرتها الثلوج مع ضرورة الاستباق لاتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية المواطنين.
كما دعا الرئيس التونسي إلى ضرورة معاضدة مصالح وزارة التجارة وتنمية الصادرات لتأمين توفير قوارير الغاز في عدد من الجهات التي شهدت في المدة الأخيرة نقصا في توزيعها، بالإضافة إلى تزويد الأسواق بصفة منتظمة ومكافحة المضاربة في عدد من المنتوجات الزراعية التي شهدت ارتفاعا غير طبيعي في أسعارها في الأيام الأخيرة ومنها على وجه الخصوص اللحوم البيضاء.
ويقول المسؤولون عن الغرفة الوطنية لموزعي قوارير الغاز، إن تأخر وصول البواخر المحملة بالغاز إلى الموانئ التونسية بسبب سوء الأحوال الجوية، تسبّب في اضطراب السوق ونقص الإمدادات، خاصة أن هذا الأمر تزامن مع ارتفاع الطلب على الغاز، بسبب برودة الطقس، كما توقعوا انفراج هذه الأزمة خلال الأيام القادمة.
وأوضح نائب رئيس “غرفة مزودي قوارير الغاز المنزلي” (نقابة) إبراهيم زيوزيو أن “الطلب المتزايد على قوارير الغاز سببه تأخر باخرة كان من المقرر أن تصل قبل بضعة أيام إلى ميناء رادس (ضواحي تونس العاصمة) لإفراغ حمولتها.”
وبحسب نائب رئيس الغرفة الوطنية لموزعي قوارير الغاز المنزلي، فإنه يجب أن تبلغ كمية الإنتاج في الأوقات العادية إلى “ما بين 180 و200 ألف قارورة غاز يوميا لتلبية كافة متطلبات السوق.” لكن، “شرط ألا يتوقف أيّ مصنع تعبئة في البلاد ويجب أن يتم ذلك خلال أسبوع، وعندها سنتمكن من العودة إلى وتيرتنا الطبيعية.” وعبّر رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن استيائهم وغضبهم، من غياب الغاز الطبيعي في الفترة الأخيرة.
◙ مراكز تعبئة الغاز المنزلي في مختلف الولايات التونسية، تشهد اكتظاظا كبيرا وطوابير طويلة من الشاحنات
وكان من المتوقع أن تصل ثلاث سفن شحن محملة بالغاز إلى تونس العاصمة خلال هذه الأيام، بحسب شركة توزيع النفط المملوكة للدولة “عجيل”. والأربعاء، أفاد الرئيس المدير العام للشركة الوطنية لتوزيع البترول “عجيل”، خالد بالتين إن 3 بواخر محمّلة بالغاز المسال سترسو تباعا هذا الأسبوع بالموانئ التجارية التونسية.
وأضاف، أنّ الباخرة الأولى المحملة بالغاز سترسو فجر الخميس بميناء رادس (شمال)، والثانية يوم الجمعة بميناء بنزرت (شمال)، في حين سترسو الباخرة الثالثة مبدئيا السبت 18 يناير بميناء قابس (جنوب). وذكر المسؤول بالشركة الوطنية لتوزيع البترول أنّ البواخر الثلاثة ستزوّد الشركات الموجودة بالجهات المذكورة، تلبية للطلب من أجل تعبئة قوارير الغاز.
كما أشار إلى أنّه جاري العمل بأقصى الطاقات الممكنة في كافة مراكز تعبئة قوارير الغاز على التعبئة والتزويد، مؤكدا أنه تم تسجيل تراجع على الطلب خلال الأيام الأخيرة في عدة مناطق باستثناء بعض مناطق الشمال الغربي التي تشهد موجة كبيرة من البرد. وأفاد بأنّ كميّات الإنتاج تناهز يوميا ما يقارب 180 ألف قارورة بين مراكز التزويد السبعة الموجودة بتونس، على حد تعبيره.
وباتت العائلات التونسية، التي لم يصلها الغاز الطبيعي بعد، تستعمل قوارير الغاز المنزلي للطبخ وكذلك للتدفئة، خاصة في هذه الفترة التي تنخفض فيها درجات الحرارة بشكل كبير وتزداد فيها الحاجة إلى وسائل التدفئة. وتشهد مراكز تعبئة الغاز المنزلي في مختلف الولايات التونسية، اكتظاظا كبيرا وطوابير طويلة من الشاحنات، في ظل تواصل نقص التزويد بقوارير الغاز المنزلي بالتزامن مع موجة البرد في تونس.
وفي تونس، يوجد حوالي 38 منطقة فقط من المناطق تصلها شبكة الربط الأرضي للغاز بينما تواجه المناطق المعزولة وهي غالبا مهمّشة فقدانا لهذه المادة كل شتاء. وخلال عامي 2023 و2024، واجهت الدولة المثقلة بالديون نقصا في المواد الغذائية الأساسية المدعومة مثل الحليب والسكر والسميد والدقيق لضعف السيولة.