اخبار الإقليم والعالم
الدول الغنية تواجه صعوبات في التخلص من تمويل الوقود الأحفوري
سعى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة ودول أخرى إلى التوصل إلى اتفاق يهدف إلى الحد من تمويل وكالات اِئتمان التصدير إلى مشاريع النفط والغاز العالمية تحت مظلة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، لكنهم لم يفلحوا مرة أخرى.
ودأبت مؤسسات تقدم ضمانات لدعم صادرات السلع والخدمات على تمويل المشاريع في الدول الأعضاء في المنظمة، وهي عبارة عن مجموعة تضم 38 بلدا تعتمد على نظام الاقتصاد الحر.
وفي حين يظل تحسين الشفافية في تمويل الصادرات هدفا، فإن احتمال التوصل إلى اتفاق أوسع للحد من الدعم المقدم لمشاريع الوقود الأحفوري بات بعيداً أو ضعيفاً الآن، حسب مسؤولين أميركيين كبار تحدثوا لوكالة بلومبيرغ، وطلبوا عدم الكشف عن هوياتهم.
ويشكل عدم التوصل إلى اتفاق ضربة بالنسبة إلى نشطاء البيئة الذين رأوا في القيود المقترحة على التمويل وسيلة ذات أهمية كبيرة لتوفير التمويل لمشاريع الطاقة الخالية من الانبعاثات في جميع أنحاء العالم.
وبينما دعمت الولايات المتحدة تحت قيادة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن فرض قيود إضافية، فإنه من المستبعد أن تحظى هذه القيود بدعم خلال فترة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.
وبنى ترامب حملته الانتخابية على وعود بإطلاق العنان لتطوير مشاريع النفط والغاز في الولايات المتحدة، ودفع الدول الحليفة لشراء المزيد من الطاقة الأميركية.
وقال آدم ماكجيبون، المسؤول عن وضع الإستراتيجيات في مجموعة أويل تشينج إنترناشيونال المعنية بالدفاع عن البيئة إن “إجراءات الشفافية ليست كافية.”
وأضاف “لا يمكننا تحمل دفع أيّ مبالغ إضافية لزيادة الاستثمارات الموجهة إلى الوقود الأحفوري إذا أردنا الحفاظ على كوكب صالح للحياة.”
ومع أن الأوروبيين طرحوا خطة العام الماضي، بدأت المحادثات بجدية فقط خلال نوفمبر الماضي، بشأن نهج تسوية جديد اقترحته الولايات المتحدة عقب فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية.
وكانت المفاوضات قد تعثرت مرارا في السابق ولعدة أشهر جراء مخاوف من جانب بنك الاستيراد والتصدير الأميركي، وهو مصرف مستقل يحظر ميثاقه رفض تمويل أيّ صناعة أو قطاع أو نشاط تجاري معين.
وخلال اجتماع في باريس الشهر الماضي، اقترحت واشنطن تحديد سقف الانبعاثات المسموح بها من المشاريع ومحايد تكنولوجياً للحصول على التمويل، والذي كان يُنظر إليه على أنه متوافق مع الميثاق الذي وضعه بنك الاستيراد والتصدير الأميركي.
وقال أحد المسؤولين إن “تقديم حلول جديدة أو تغييرات في السياسات سمح للولايات المتحدة بدعم الاقتراح الأوروبي مع الحفاظ على التزامها بالقيود القانونية التي تحد من قدرة بنك الاستيراد والتصدير الأميركي على اتخاذ قرارات تمويل معينة.”
ولم تكن الجهود المبذولة كافية في الوصول إلى اتفاق. ولم تتمكن المفاوضات المكثفة والسريعة خلال أسابيع، بما في ذلك عقد جلسة في باريس واجتماعات افتراضية لاحقة، من التغلب على المخاوف المتعلقة بمسائل تخص الأمن القومي والمنافسة وحساب الانبعاثات التي طرحتها كوريا الجنوبية وتركيا.
وواجهت الدول صعوبة أو تحدياً في التعامل مع مسائل فنية بشأن الأساليب المناسبة لحساب انبعاثات الكربون من مشاريع الطاقة المختلفة، وهو أمر ضروري لضمان الشفافية والامتثال على المستوى الوطني، حسب ما قال أحد المسؤولين.
وتسمح اتفاقية مستمرة بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فعليا باستخدام وكالات الائتمان التصديرية لإعطاء الأفضلية للشركات المحلية في الصفقات الدولية دون مخالفة قواعد منظمة التجارة العالمية.
ويحرص أعضاء المنظمة على الالتزام بسياستها التي تحكم هذه الممارسة عبر تقديم الدعم المالي لمشاريع الطاقة من قبل وكالات الائتمان التصديرية، لأنها تساعد في ضمان توفير بيئة تنافسية عادلة.
ومنذ سنوات، حظرت المنظمة تقديم الدعم المالي لمشاريع الفحم، التي لا تتضمن تقنيات للتقليل من الانبعاثات، وكان الجهد الأخير يهدف إلى حظر الدعم المالي لمشاريع النفط والغاز أيضاً.
ووفرت وكالات الائتمان التصديرية في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تمويلا بقيمة تقدر بنحو 41 مليار دولار في المتوسط سنوياً لمشاريع النفط والغاز، حسب البيانات التي جمعتها جماعات الدفاع عن البيئة.
وحتى في الولايات المتحدة، استمر هذا التمويل في التدفق، رغم تعهدات بايدن بوقفه. فبعد سبعة أيام من توليه مهام الرئاسة، أصدر أوامر للوكالات الحكومية الأميركية بهدف “تعزيز إنهاء التمويل الدولي لمشاريع الطاقة القائمة على الوقود الأحفوري والتي تسبب انبعاثات كبيرة من الكربون.”
وفي ديسمبر 2021، وقّعت الحكومة الأميركية على إعلان دولي يلتزم “بوقف تقديم الدعم العام المباشر الجديد إلى القطاع العالمي للطاقة الأحفورية الذي لا يتضمن تقنيات للتقليل من الانبعاثات الكربونية،” باستثناء بعض الظروف المحدودة جداً.
ومن المقرر أن يصوّت بنك التصدير والاستيراد الأميركي هذا الأسبوع للموافقة على قرض بقيمة 527 مليون دولار لمساعدة غيانا في تطوير مشروع للغاز الطبيعي.
وتشمل المؤسسات المستفيدة التي حددها البنك شركة الطاقة ليندسيكا وشركة الهندسة سي.أتش فور سيستمز وشركة النفط الكبرى إكسون موبيل.
ويريد المدافعون عن المناخ الاستمرار في محاولة التوصل إلى اتفاق بين الدول الأعضاء في المنظمة حول القضايا البيئية. وقال أحد المسؤولين إن “المفاوضين يعتزمون استمرار التواصل عبر الرسائل أو الاجتماعات، حتى مطلع يناير على الأقل.”
وقالت كيت دي أنجيليس مديرة برنامج التمويل الدولي لدى مجموعة أصدقاء الأرض البيئية “يجب على إدارة بايدن استخدام الأسابيع القليلة الأخيرة لزيادة الضغط على كوريا وتركيا آخر الدول المعترضة ولن ينتهي الأمر حتى يتولى ترامب السلطة رسمياً.”
وفي سبتمبر الماضي، أظهرت دراسة بحثية صدرت الأربعاء أن التريليونات من الدولارات من تمويل البنوك لشركات الوقود الأحفوري يتم توجيهها عبر مراكز نقدية غير شفافة في عدد من البلدان، بما في ذلك هولندا.
وتسلط الدراسة البحثية التي أجرتها شبكة العدالة الضريبية، التي تشن حملات ضد الملاذات الضريبية، الضوء على غياب الانفتاح في تمويل شركات الطاقة.
وحللت الدراسة 6.9 تريليون دولار من التمويل المشترك من 60 بنكا عالميا لشركات الطاقة، مثل عمال مناجم الفحم أو شركات الشحن بين عامي 2016 و2023، بما في ذلك القروض وخطوط الائتمان والسندات.