اخبار الإقليم والعالم

كيف يتيح موت نصرالله فرصة جديدة للسلام في الشرق الأوسط

وكالة أنباء حضرموت

في الوقت الذي بدا فيه أن احتمالات السلام في الشرق الأوسط أبعد من أيّ وقت مضى، أدى المقتل المفاجئ للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله إلى تغيير كبير في توازن القوى، وتهيئة فرصة جديدة للسلام.

ومن الصعب المبالغة في أهمية إزاحة نصرالله من الساحة. فقد كان قائداً فريداً يتمتع بمزيج من الفتنة والمهارات الإستراتيجية.

وعندما تولى نصرالله قيادة حزب الله في عام 1992، وهو في سن الثانية والثلاثين، بعد اغتيال المؤسس المشارك عباس الموسوي، كان حزب الله لا يزال إلى حد كبير على هامش المجتمع اللبناني.

وعلى مدار الثلاثين عاماً التالية، عمل نصرالله وأتباعه بشكل منهجي على تفكيك الحكومة اللبنانية السيادية واحتوائها، مع عدم وجود رئيس للبلاد منذ عام 2022، وأحدث دماراً كبيراً في حياة الشعب اللبناني بدعم ضئيل من السكان.

وكما أشار الرئيس الأميركي جو بايدن عند وصفه مقتل نصرالله بأنه “تحقيق للعدالة”، كان نصرالله مسؤولاً عن مقتل الآلاف من اللبنانيين والإسرائيليين والأميركيين والسوريين خلال فترة حكمه الدموية، ولم يحظَ بدعم يُذكر من جيرانه العرب، حيث انضمت جامعة الدول العربية إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية تحت قيادته.

على بنيامين نتنياهو منع القوميين اليمينيين المتطرفين في ائتلافه من تحديد ما هو ممكن مع الفلسطينيين

وفي ظل حكم حزب الله، تحول لبنان من دولة مزدهرة إلى دولة فاشلة، ولكن مع رحيل نصرالله ومعظم قيادات حزب الله، هناك فرصة لما تبقى من الحكومة والجيش اللبناني لاستعادة السيطرة وإعادة بناء دولة فعّالة تعمل من أجل مصلحة الشعب اللبناني، وليس إيران.

وجاء في تقرير نشره معهد واشنطن أن الفرصة الأوسع نطاقاً تأتي مع ما صاحب مقتل نصرالله، وهو التدهور المنهجي لقدرات حزب الله خلال الشهر الماضي.

ويُظهر التاريخ الحديث أن الحركات الإجرامية نادراً ما تنهار بمجرد إزاحة القائد الأعلى وحده.

وعلى سبيل المثال، استمر صعود تنظيم بوكو حرام على الرغم من مقتل زعيمها أبوبكر شيكاو في عام 2021. وبالمثل، استمر صمود حركة الشباب بعد أن قتلت الولايات المتحدة أحد قادتها الكبار، معلم أيمن، العام الماضي، وكذلك ازدهار “كارتل سينالوا” في المكسيك رغم سجن زعيمه إل تشابو وابنه. ويُظهر ذلك أن القضاء على شخصية رئيسية واحدة لا يكون له دائماً تأثير خطير.

ولكن الأمر الأكثر فاعلية هو عندما يتم اقتران إزاحة القائد الأعلى بتفريغ القدرات التنظيمية للحركة بشكل منهجي.

ومن الأمثلة على ذلك انهيار تنظيم القاعدة الذي بلغ ذروته بمقتل زعيميه أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، وانهيار مجموعة فاغنر الروسية بعد دمجها القسري مع الجيش الروسي والذي انتهى بمقتل قائدها يفغيني بريغوجين ونوابه الرئيسيين، وكذلك انهيار تنظيم الدولة الإسلامية بعد سنوات من الهزائم العسكرية التي بلغت ذروتها بمقتل زعيمه الضعيف بالفعل أبوبكر البغدادي.

إزاحة زعيم حزب الله إلى جانب التدهور الكامل في قدرات الحزب يبشران ببزوغ يوم جديد للشرق الأوسط

وهذا ما حدث في لبنان خلال الشهر الماضي. فقد انفجرت أجهزة النداء والاتصالات اللاسلكية الخاصة بحزب الله، مما جعل الاتصالات بين عناصره مشبوهة. كما أدت الضربات الجوية إلى القضاء على ورثة نصرالله المفترضين وفريق القيادة.

ومع تركيز مقاتلي حزب الله على البقاء على قيد الحياة، أصبحوا أقل قدرة على إطلاق صواريخهم على إسرائيل بالأعداد التي شهدناها سابقاً. وتقدر إسرائيل أنها تعرضت للهجوم بما يتراوح بين 8000 إلى 11000 صاروخ أطلقها حزب الله منذ 8 أكتوبر 2023.

وقد أدى هذا التدهور المفاجئ وغير المتوقع في قدرات حزب الله إلى تحطيم الافتراضات القديمة المرهقة بأن وكيل إيران الأكثر شهرة لا يمكن المساس به، مما فاجأ الولايات المتحدة – والعديد من الدول الأخرى – في الوقت الذي كان فيه المجتمع الدول يدعو إلى وقف إطلاق النار.

ولكن الأهم من ذلك، أنه كشف بأن إيران ووكلاءها هم “نمور من ورق”، مما حوّل ميزان القوى الإقليمي إلى أبعد ما يكون عن إيران وحلفائها في الذاكرة الحديثة. وما هو مؤكد الآن هو أنه يمكن الرهان على أن القادة العرب سيكونون الآن أقل خوفاً من إيران وقدرتها القسرية، وسيعيدون تقييم خياراتهم وفقاً لذلك.

وبالطبع، يبقى التصعيد احتمالاً قائماً، ولكن إيران كانت دائماً حذرة من الدخول في حرب مباشرة مع الولايات المتحدة. لنفكر في رد إيران على مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني في عام 2020، والضربة على اغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية في طهران في وقت سابق من هذا العام، فقد أسفرت العملية الأولى عن رد انتقامي محدود للغاية.

والآن، بعد أن حُرمت إيران من أقوى وكلائها، وهو حزب الله الذي تم تقدير قوته بشكل مبالغ فيه، تم الكشف عن خدعتها.

التدهور المفاجئ وغير المتوقع في قدرات حزب الله أدى إلى تحطيم الافتراضات القديمة المرهقة بأن وكيل إيران الأكثر شهرة لا يمكن المساس به

وقد وجدت إيران نفسها في عزلة أعمق في الشرق الأوسط، مما جعل نظام المرشد الأعلى يعتمد بشكل متزايد على رعاية روسيا والصين.

ولا يزال سعي إيران لامتلاك الأسلحة النووية يمثل خطراً يتطلب من قادتها أن يدركوا أنهم قد يغامرون بفقدان كامل بنيتها التحتية النووية إذا استمروا في هذا المسار. لكن الاقتصاد الإيراني يظل ضعيفاً جداً، ويتم دعمه إلى حد كبير من إنتاج النفط غير المتوقع.

وتبعا لكل ذلك على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يكون قادراً على ترجمة الإنجازات العسكرية الإسرائيلية إلى نتائج سياسية. فلا يمكنه أن يسمح للقوميين في ائتلافه بتحديد ما هو ممكن في غزة والضفة الغربية.

ولكن الآن، بعد أن قامت إسرائيل بعملياتها ضد حزب الله، فإن الجماعات الوكيلة المدعومة من إيران سوف تشعر بلا شك بالقلق بشأن أمنها الخاص، أو افتقارها إليه، مع تراجع الأسطورة التي كانت تحيط بالدرع الواقي الإيراني.

وقد لا يكون الإصرار الإسرائيلي على الأمن الذي ربما كان يبدو في السابق غير قابل للتفاوض بنفس القدر من عدم الاحتمال عند مقارنته بالإهانة التي لحقت بحزب الله، وبالتالي إيران.

واتسمت السنوات القليلة الماضية بالطرق المؤدية إلى السلام التي لم يتم اتباعها، ومع أن الفرصة للسلام تلوح في الأفق، فإن تحقيق هذه الفرصة سوف يعتمد إلى حد كبير على المشاركين الإقليميين أنفسهم.

وبعد كل هذه الفرص الضائعة، من الصعب أن نكون متفائلين. ومع ذلك، حتى في غياب أيّ اتفاق رسمي، فإن إزاحة زعيم حزب الله حسن نصرالله إلى جانب التدهور الكامل في قدرات الحزب يبشران ببزوغ يوم جديد للشرق الأوسط.

معتقل سابق يكشف حملة مضللة لتشويه صورة المغرب


مهرجان الفيلم العربي في لشبونة.. احتفاء برتغالي بالسينما العربية


مجلة تراث تضيء على أشعار الشيخ زايد والأبواب في الثقافة الإماراتية


استثمارات الهيدروجين تتسارع رغم حالة عدم اليقين عالميا