اخبار الإقليم والعالم

الجدل حول حرية الإعلام في قلب حملة الانتخابات الرئاسية في تونس

وكالة أنباء حضرموت

 يتصاعد الجدل حول حرية الإعلام في تونس منذ بداية حملة الانتخابات الرئاسية التي انطلقت في 14 سبتمبر الجاري، حيث تعيش البلاد حالة من الاستقطاب السياسي الذي أثّر على الإعلام وسط تباين الآراء حول ما يجري في البلاد واتهام نقابة الصحافيين بالتوجه نحو التسييس في تحولها إلى حزب سياسي معارض لقرارات السلطة.

وتحدثت تقارير لمنظمات حقوقية ونقابات عن “تضييق على حرية الإعلام في تونس” باستمرار سجن 5 صحافيين على خلفية المرسوم 54 المؤرخ في 13 سبتمبر 2022 الصادر عن الرئيس قيس سعيد والمتعلق بجرائم ذات صلة بوسائل التواصل الاجتماعي.

ويؤكد الرئيس سعيد أن منظومة القضاء مستقلة وأنه لا يتدخل في عملها، بينما تتهمه المعارضة باستخدام القضاء لملاحقة الرافضين لإجراءات استثنائية بدأ فرضها في 25 يوليو 2021. لكن هناك من يرد على المعارضة بالقول إن هذه الإجراءات شهدت تأييدا شعبيا واسعا ظهر جليا في المسيرات التي انطلقت تأييدا لها.

ويقول مختار كمون، صحافي بإذاعة المنستير الجهوية (حكومية)، حول الاتهامات التي تطلق من جهات عديدة من بينها نقابة الصحافيين بالتضييق على الإعلام “في رأيي الجدل الحاصل بشأن الإعلام والاتهامات بالتضييق جزء من الصراع السياسي الذي تعيشه البلاد”.

وأضاف في حديث لوكالة الأناضول أن “الانقسام الحاد بين النخب السياسية ومعركة الإلغاء المستعرة بين السلطة والمعارضة انتقلت إلى الإعلام وانقسمت الآراء بحسب الانتماءات السياسية”.

رغم أن نقابة الصحافيين تتهم السلطة بالتضييق على الإعلام إلا أنه لم تتحدث عن تعليمات أو أوامر بهذا الخصوص

وتعتبر قوى سياسية الإجراءات الاستثنائية التي فرضها الرئيس سعيد في 25 يوليو 2021 “انقلابا على دستور (2014) الثورة وتكريسا لحكم فردي مطلق”، بينما تراها قوى أخرى “تصحيحا لمسار ثورة 2011” التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي.

وتابع كمون “عموما لا توجد جريدة تم منعها من النشر أو جمعها من الأكشاك بعد إصدارها، ولا توجد قناة إذاعية أو تلفزيونية وقع إغلاقها أو منع أحد برامجها، بقي أن الصراع السياسي والتشنج في الخطاب هو ما خلق بيئة غير مناسبة للعمل الصحفي”.

وعن تجربته أفاد “أنا صحافي في الاذاعة الجهوية بالمنستير، رافقت الرئيس في إحدى زياراته الخارجية ضمن الوفد الإعلامي، لم يتدخل أحد في ما أُنتج من أخبار ونشرات”. مضيفا، “عندما سنحت لي الفرصة أجريت حوارا قصيرا مع الرئيس ولم أتعرض لأيّ صنصرة (مقص الرقابة) لا قبلية ولا بعدية”.

وبخصوص التساؤلات التي طرحت حول إقالة الرئيس سعيد مديرة التلفزيون الرسمي عواطف الدالي قبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية، رأى كمون “برأيي وحسب ما توفر من معلومات فإن إقالة الرئيسة المديرة العامة جاء نتيجة وضعها الصحي”.

وأوضح “السيدة الدالي حسب ما أعلم تعاني بعد إجرائها عملية على مستوى الظهر ولم تكن دائمة الحضور بالمؤسسة”.

الرئيس قيس سعيد يؤكد أن منظومة القضاء مستقلة وأنه لا يتدخل في عملها

والخميس أنهى الرئيس مهام الدالي التي تولت إدارة مؤسسة التلفزيون في 29 يوليو 2021، خلفا لمحمد لسعد الداهش، قبل أن يتم تثبيتها في المنصب بقرار رئاسي في 20 يونيو 2023.

وأفادت الرئاسة بأنه تم تكليف شكري بن نصير الرئيس المدير العام للشركة الجديدة للطباعة والصحافة والنشر (حكومية) مديرا عامًا للتلفزيون الحكومي خلفا للدالي.

ويشير البعض إلى أن نقابة الصحافيين تتخذ موقفا حادا من الإجراءات الحكومية مهما كانت طبيعتها، وتظهر معارضتها المطلقة للرئيس حيث سبق أن نددت في 4 أغسطس 2023، بتصريح الرئيس سعيّد لدى لقائه بالدالي بخصوص ترتيب فقرات النشرات الإخبارية والمضامين الإعلامية والضيوف، معتبرة أنه “يمثل تدخلًا سافرًا في الإعلام العمومي وسابقة خطيرة لم يقدم عليها غيره”، وفق تقديرها.

واعتبرت النقابة أنّ “التدخل الذي قام به الرئيس يندرج في سياق كامل من الرقابة على الإعلام العمومي والصنصرة وضرب مبدأ التعدد والتنوع والموضوعية”.

وقالت عايدة الهيشري عضو النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين أنه “لا يمكن الاستباق في مسألة أسباب التغييرات الأخيرة في المناصب الإعلامية ولا يمكن الحكم على من عيّن أخيرا ولا بد من وقت لفهمها”، وعبّرت عن “أملها أن تكون التغيرات لتحسين جودة العمل”.

وانتقدت النقابة في 2 سبتمبر اقتصار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في إعلان القائمة النهائية للمرشحين المقبولين للانتخابات الرئاسية على حضور التلفزيون الحكومي فقط.

البعض يشير إلى أن نقابة الصحافيين تتخذ موقفا حادا من الإجراءات الحكومية مهما كانت طبيعتها، وتظهر معارضتها المطلقة للرئيس

وهاجمت هيئة الانتخابات قائلة إن “هذا البعد الإقصائي الذي انتهجته الهيئة هو محاولة منها للهروب من المساءلة الإعلامية لقراراتها ومن الإجابة على استفسارات الرأي العام حول هذا القرار الذي يتناقض مع أحكام القضاء الإداري”. وأدانت ما اسمته “استبعاد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لكل وسائل الإعلام من تغطية النقطة الإعلامية للإعلان عن القائمة النهائية للمترشحين للانتخابات الرئاسية، واستغلالها للمرفق العام لخدمة هذه الأجندة الإقصائية”.

واعتبرت أن “ممارسات الهيئة تدخل ضمن خانة الضغط واستغلال التلفزيون العمومي لخدمة صورتها، وخطوة لتوجيه التغطية الإعلامية والحد من موضوعية وسائل الإعلام ودورها في إنارة الرأي العام والإخبار عن خلفيات القرار الأخير الذي اتخذته الهيئة”.

وفي 2 سبتمبر أعلنت هيئة الانتخابات أن القائمة النهائية للمرشحين تقتصر على 3 فقط (من أصل 17) هم الرئيس سعيد، وأمين عام حركة “عازمون” العياشي زمال وأمين عام حركة “الشعب” زهير المغزاوي. بينما رفضت الهيئة قبول 3 مرشحين لـ“عدم استكمال ملفاتهم”.

ورغم أن نقابة الصحافيين تتهم السلطة بالتضييق على الإعلام إلا أنه لم تتحدث عن تعليمات أو أوامر بهذا الخصوص، حيث قالت الهيشري “لا يخفى على أحد أن هناك ضغوطا كبيرة اليوم على الصحافيين تتصاعد مع اقتراب الموعد الانتخابي”، مشيرة إلى أن “هناك مستويين لتصاعد هذه الضغوط”.

وتحدثت عن ممارسات ذاتية للإعلام الحكومي، قائلة إن المستوى الأول لهذه الضغوط “أنك ترى وسائل الإعلام العمومي تتفادى التعاطي مع الانتخابات في مجملها وتتفادى أخبار المعارضين وتتفادى أخبار القضايا”. وتابعت “المحاكمات تقريبا لا يتم تناولها بالشكل الذي اعتدناه، فإما صمت مطبق أو تناول محتشم”.

وتابعت “أما المستوى الثاني للضغوطات فيتم على مستوى غرف التحرير، فهناك ضغوطات لتجنب تغطيات معينة ووصلنا إلى حد الرقابة الذاتية في الإعلام العمومي والخاص وغابت برامج حوارية عديدة حول المسائل السياسية على الإذاعات الخاصة”.

وقالت إن “مائدة الحوار التي يتم فيها التطرق للوضع العام أو المناخ الذي تسير فيه الانتخابات انتفت إلى أن وصلنا للرقابة الذاتية حول ما يجب أن يمر من أخبار”.

غير أن البرامج والحوارات التي تتحدث عنها الهشيري لطالما أثارت انتقادات الجمهور التونسي مع كثرة المحللين السياسيين وحضورهم الدائم على الشاشات دون أن يكونوا مختصين في القضايا التي يتحدثون عنها.

الصين تضخ جرعة تحفيزات أكبر لتنشط اقتصادها المتعثر


الصومال مبتلى بالعنف والنزوح والجوع


منافسات قوية في بطولة الدوري الأوروبي بحلتها الجديدة


نقابة الصحافيين المصرية تسعى لاستعادة مكانتها من باب الحريات العامة