اخبار الإقليم والعالم

ما الخيارات المتاحة لنشر قوات حفظ سلام في السودان

وكالة أنباء حضرموت

في سبتمبر 2024 أصدرت بعثة تقصي الحقائق المستقلة التابعة للأمم المتحدة في السودان تقريرها الأول. واستشهد التقرير بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ودعا إلى النشر الفوري لقوة مستقلة ومحايدة لحماية المدنيين.

وبعد مرور حوالي 18 شهرًا على اندلاع القتال أصبح الوضع الإنساني في السودان مزريًا، حيث يحتاج ما يقرب من 25 مليون شخص إلى المساعدة. وهو ما يثير التساؤل: هل نشر قوات دولية لحفظ السلام من أجل حماية المدنيين ممكن أو حتى مستحسن؟

وركزت جهود الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي للتوسط في المفاوضات الهادفة إلى تحقيق السلام في السودان منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023 على تحقيق وقف إطلاق النار. وحتى الآن لم تنجح هذه الجهود. وتتزايد الدعوات لمعالجة المخاوف الأمنية المباشرة للمدنيين. وفي حين بذلت المجتمعات المحلية الكثير لتسهيل الحماية الذاتية، إلا أنها لا تزال مستهدفة وهناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود.

ولسنوات عديدة كان للسودان وجود لقوات حفظ السلام. فمن عام 2007 إلى عام 2020، قادت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بشكل مشترك وجودًا مختلطًا لحفظ السلام في دارفور. وأعقبت ذلك بعثة سياسية بقيادة الأمم المتحدة. ومع ذلك، منذ خروج الأخيرة المفاجئ في فبراير 2024، لم يكن هناك وجود إقليمي أو دولي في السودان مسؤول عن حماية المدنيين.

وتقول جينا روسو، وهي باحثة ومحاضرة من جامعة نيويورك، في تقرير نشره موقع ذو كنفرسيشن إنه لا أحد تقريبا يقترح نشر عملية حفظ سلام كاملة ومتعددة الأبعاد. لكن بدلاً من ذلك يدعو البعض -بما في ذلك بعثة تقصي الحقائق المستقلة التابعة للأمم المتحدة- إلى نشر أكثر محدودية لقوات الأمن من أجل حماية المدنيين. ومع ذلك رفضت السلطات السودانية هذه التوصية.

◙ حفظ السلام قد يشمل إنشاء "مناطق خضراء" لحماية مناطق لجوء النازحين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية

ومن المرجح أن يكون توفير الحماية على نطاق واسع في جميع أنحاء السودان غير ممكن نظرًا لحجم البلاد وكثافة القتال. لكن قد يكون من الممكن توفير حماية أكثر استهدافًا. وقد يشمل ذلك إنشاء “مناطق خضراء” لحماية المناطق التي يلجأ إليها النازحون وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وهو أمر بالغ الأهمية في ظل خطر المجاعة.

كما يمكن أن يتولى وجود أمني إقليمي أو دولي مراقبة انتهاكات الحقوق ودعم جهود الحماية الذاتية المحلية. وفي حين أن خطورة الوضع في السودان واضحة، إلا أن هناك حواجز تحول دون نشر بعثة حماية أو بعثة حفظ سلام أوسع نطاقا.

أولا، ليس من الواضح من سيقود البعثة. فقبل أقل من عام طردت السلطات السودانية البعثة السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، مشيرة إلى عدم فاعليتها في دعم الانتقال السياسي وحماية المدنيين. ويشعر معظم أصحاب المصلحة بالتشاؤم بشأن موافقة الأطراف المتحاربة على بعثة أخرى بقيادة الأمم المتحدة، وهو شرط مسبق لعمليات السلام التابعة للأمم المتحدة.

وتساءل البعض عما إذا كانت موافقة السلطات السودانية مطلوبة، نظرا لدورها في قيادة الانقلاب في عام 2021. ومع ذلك تعلمت الأمم المتحدة دروسا قاسية من عمليات الانتشار حيث كانت الموافقة مفقودة (بما في ذلك مالي مؤخرا). وبالتالي من غير المرجح أن يوافق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على مهمة قد تقاومها القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وقد تؤدي إلى هجمات إضافية على المدنيين وقوات حفظ السلام.

وهذا يثير التساؤل عما إذا كان الاتحاد الأفريقي الذي يشارك في محاولة دعم العملية السياسية يمكن أن ينشر بعثة حماية. وفي حين أنه ليس من الواضح ما إذا كان أي من الطرفين سيوافق على وجود بعثة بقيادة الاتحاد الأفريقي، إلا أنه أكثر قابلية للتطبيق من بعثة بقيادة الأمم المتحدة.

ولهذا السبب اقترح البعض أن السودان قد يكون حالة اختبار للقرار 2719، الذي اعتمده مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإجماع في ديسمبر 2023. ويسمح القرار لعمليات دعم السلام بقيادة الاتحاد الأفريقي بتلقي تمويل الأمم المتحدة على أساس كل حالة على حدة.

ويُفهم القرار في المقام الأول على أنه يوفر الدعم لفرض السلام (على عكس حفظ السلام)، ولكن ورد أن بعض أعضاء المجلس منفتحون على استخدامه لأنواع أخرى من التدخل في السودان. ثانياً، حتى لو كان مجلس الأمن قادرًا على الموافقة على بعثة إلى السودان -وهي مهمة شاقة بالنظر إلى الانقسامات الحالية في المجلس- فإن هذا يثير سؤالاً أوسع: هل يمكن أن تنجح البعثة إذا كانت تفتقر إلى دور سياسي؟

وكانت الأمم المتحدة واضحة في أن بعثات حفظ السلام يجب أن تُنشر لدعم العملية السياسية وأن تسترشد بإستراتيجية سياسية، فيما ستكون بعثة الحماية من دون تفويض سياسي انحرافًا واضحًا عن هذا المبدأ. وتجعل الدروس السابقة مجلس الأمن يتوقف للحظة قبل نشر بعثة حماية بحتة. وعلى سبيل المثال تم نشر بعثة الأمم المتحدة في تشاد لحماية المدنيين من العنف المتدفق من السودان المجاور. ولكن لأنها لم تكن تتمتع بتفويض سياسي، فقد افتقرت إلى النفوذ لدى السلطات، وطردتها الحكومة بعد أقل من ثلاث سنوات.

◙ جهود الأمم المتحدة للتوسط في مفاوضات تحقيق السلام في السودان ركزت منذ اندلاع الحرب على تحقيق وقف إطلاق النار

وطلب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي من أمانتيهما إعداد توصيات بشأن حماية المدنيين في السودان. ومع ذلك قد يجد صناع السياسات أنفسهم أمام خيارات قليلة لكنها جيدة.

وينبغي للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي أولا أن يدرسا الخيارات المتاحة لإرسال قوة حماية مادية إلى السودان للحفاظ على المناطق الآمنة للنازحين وتسهيل تسليم المساعدات. ومع ذلك، يتعين على صناع السياسات أن ينظروا في كيفية ربط مثل هذا الوجود بالجهود السياسية. وهذا ضروري لتزويد الجهات الفاعلة في مجال الحماية بالنفوذ اللازم للحفاظ على الوصول والضغط على الجناة.

وثانياً، يتعين على المشاركين في العملية السياسية أن يدمجوا الحماية في جهود الوساطة التي يبذلونها. وقد تكون الفترة التي تسبق عمليات التفاوض وقتاً حاسماً بالنسبة إلى الوسطاء للتركيز على حماية المدنيين.

وذلك لأن الأطراف المتحاربة قد تزيد من استخدامها للعنف لتحسين مواقفها التفاوضية. إن الوسطاء قادرون أيضاً على تضمين لغة محددة في الاتفاقيات -تتعلق بالعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، على سبيل المثال- والتي يمكن استخدامها لاحقاً لمحاسبة الأطراف على سلوكها.

وثالثاً، على المستوى الدولي يتعين على الدول الأعضاء أن تمارس ضغوطاً دبلوماسية على الأطراف المتحاربة وعلى الدول الثالثة التي تدعمها. ويشكل حجم الأموال المرتبطة بالصراع عائقاً رئيسياً أمام السلام. ومع ذلك، ما لم تستخدم القوى الخارجية الضغوط الدبلوماسية لوقف الجهود الرامية إلى تسليح جانبي الحرب من غير المرجح أن تتوقف هذه الجهود.

وأخيراً، ينبغي تقديم المزيد من المساعدة للجهود التي تقودها المجتمعات المحلية من أجل الحماية الذاتية. فقد أعاق انقطاع الاتصالات بشدة قدرة المدنيين على حماية أنفسهم، ولا بد أن ينتهي. كما تشكل برامج النقد أهمية بالغة لمساعدة الأفراد على شراء الغذاء وغيره من الإمدادات المنقذة للحياة. وعلى الرغم من صعوبة الوصول إلى بعض المجتمعات وسط القتال المستمر، فإنه ينبغي بذل كل الجهود لمواصلة دمج وجهات النظر في التخطيط للحماية.

الإنترنت مدار صراع جديد بين الشرعية اليمنية والحوثيين


جدل عطلة نهاية الأسبوع في إيران يعكس الصراع بين الواقع الاقتصادي والمعوقات الأيديولوجية


ميتا تعزز الضوابط لحماية المستخدمين القصّر


تغير المناخ يقوض نشاط إنتاج العسل في تونس