منوعات

تغير المناخ يقوض نشاط إنتاج العسل في تونس

وكالة أنباء حضرموت

 يكابد منتجو العسل التونسي للحفاظ على مكانة نشاطهم رغم الصعوبات الكثيرة التي تواجههم، ليس نتيجة التكاليف الباهظة وضعف الدعم، وإنما جراء قسوة تغير المناخ الذي يهدد استدامة خلايا النحل، وبالتالي تقلص مستويات الإنتاج.

ويقول مربو النحل إن وطأة التغيرات المناخية شديدة على القطاع لأن ارتفاع درجات الحرارة والجفاف لفترات طويلة يهددان أعداد النحل وإنتاج العسل في البلاد.

وذكر بلال سليمان، وهو مربي نحل في منطقة زغوان الخلابة، في تصريحات لتلفزيون رويترز الخميس أنه شهد التأثير المدمر لهذه التحولات البيئية على مصدر رزقه.

وقال “بالنسبة إلى السنوات الماضية كان المناخ جيدا، وكان الطقس جيدا، وكان هناك الكثير من المطر، وكان النحل يتكاثر دون مساعدة من المربين، ولكن بالنسبة إلى السنوات الأخيرة وتحديدا خلال سنوات الجفاف الخمس الأخيرة نعاني كثيرا”.

وكانت العواقب وخيمة على منحل سليمان الذي خسر أعدادا كبيرة من خلايا النحل.

وأضاف “أنا كنحال خسرت العام الماضي 65 خلية، أي ما يعادل 70 في المئة من المنحل، جراء ارتفاع درجات الحرارة”.

وأوضح أن التغيرات المناخية والجفاف منذ العام 2019 أثرا على أغلب النحالين ولم يعد أي أحد منهم قادرا على مقاومة ذلك على النحو الأمثل.

وتتجاوز الأزمة مستوى الأفراد وتؤثر على القطاع بالكامل. وقال وحيد بن فرجاني، رئيس مجمع التنمية الفلاحية لمربي النحل في ولاية (محافظة) زغوان، لتلفزيون رويترز إن “المنطقة فقدت في عامين حوالي 50 في المئة من خلايا النحل”.

واستطرد قائلا “سجل عدد المنخرطين في المجمع بجهة زغوان بين عامي 2021 و2022 ضياع وتلف حوالي 50 ألف خلية نحل وذلك حسب الإحصائيات الرسمية”.

وأرجع بن فرجاني ذلك إلى عوامل مختلفة من بينها انخفاض معدل هطول الأمطار، وحرائق الغابات التي أثرت على أعداد الأشجار، والأمراض التي تصيب أشجار الكينا مصدر رحيق النحل.

وقال “المرعى قل بدرجة كبيرة في زغوان نظرا لنقص الأمطار، وكذلك بسبب مرض الكاليتوس الذي يصيب الأشجار العاسلة، كما أن زيادة الحرائق كانت سببا في تقلص أعداد الأشجار”.

وأدى تأثير هذه التحديات البيئية أيضا إلى انخفاض إنتاج العسل وارتفاع تكاليف الإنتاج، الأمر الذي ينبئ بسنوات أخرى أكثر قسوة إذا لم يتم تدارك الوضع سريعا.

وقال وليد نقاره، وهو مربي نحل وعضو اتحاد النحالين العرب، إن “متوسط إنتاج العسل في منحله انخفض بأكثر من النصف. وأدى هذا الانخفاض، إلى جانب زيادة النفقات، إلى ارتفاع أسعار العسل وانخفاض دخل النحالين”.

وتابع “معدل إنتاج الخلية كان يدور حول 12 كيلوغراما في السنة، واليوم أصبحنا نتحدث عن 5 كيلوغرامات فقط، بنفس العدد مع ارتفاع التكاليف ومستلزمات الإنتاج”.

305
آلاف خلية يديرها 13 ألف مربّ خلال عام 2023 وفق إحصائيات وزارة الفلاحة

وشدد على أن هذا الوضع يؤثر بالضرورة على إيرادات النحال وعلى سعر العسل، وهو ما يعني أن المربين أصبحوا الآن في مشكلة كبيرة، وكل ذلك تسببت فيه التغيرات المناخية لأنها تسهم في قلة المراعي وفي ظهور فايروسات جديدة.

وأضاف “إذا لم نفكر في استعمال التكنولوجيا الحديثة وتوظيف البحوث لمكافحة تغير المناخ ونعمل على إنتاج نحل مقاوم للأمراض، فإنه لن يكون بإمكاننا الحفاظ على أسراب النحل، وهذا سيؤثر حتى على غذائنا ومنتجاتنا الفلاحية”.

وطور مهندسون تونسيون جهازا أطلقوا عليه اسم “سمارت بي” يعتمد على الذكاء الاصطناعي ويساعد على اختيار أنواع ملكات نحل قادرة على التأقلم مع التغيرات المناخية. وقد أثبتت هذه التكنولوجيا فاعلية في دول أخرى.

وكانت مجموعة من خريجي معاهد الهندسة في تونس قد أسست في عام 2020 شركة إيريس تكنولوجيز الناشئة، التي تقدم حلولا لتفادي نفوق النحل وانهيار خلياتها فجأة، وقد أثبتت هذه التكنولوجيا فاعلية في تونس وفي دول أخرى.

ويعتمد التصوّر العام للمشروع على جهاز يُوظف أساسا الذكاء الاصطناعي، يوضع في خلية الملقحات ويجمع عن طريق مستشعرات معلومات عن درجة الحرارة والرطوبة والوزن وكثافة الملقحات.

وإثر ذلك يرسل الجهاز لاسلكيا هذه الإحداثيات إلى لوحة تحكم في جهاز كمبيوتر مركزي يحلّل بدوره المعلومات. وفي حال تحديد خلل ما، يُرسل الجهاز تنبيها في شكل رسالة قصيرة إلى صاحب المنحل يلفت انتباهه إلى ضرورة التدخل لحماية النحل.

ووفقا لديوان تربية الماشية وتوفير المرعى بوزارة الفلاحة، يتكون قطاع تربية النحل في البلاد حتى عام 2023 من 13 ألف مربي نحل يديرون 305 آلاف خلية.

وأبلغ حوالي 75 في المئة من هؤلاء النحالين عن انخفاض إنتاج العسل في السنوات القليلة الماضية، ويرجع ذلك أساسا إلى تأثير تغير المناخ.

وتنتج الآلاف من الخلايا المخصصة لتربية النحل في البلاد حوالي 2800 طن من العسل، وفق إحصاءات نقابة المزارعين.

وثمة العديد من أنواع العسل في تونس حسب الجودة وغذاء النحل، ومنه الإكليل الذي ينتج بكثرة في ولاية القصرين، والزعتر في زغوان، وعسل أم الروبية في جهة الوسلاتية، والكاليتوس في مدينة سجنان، وأيضا عسل السدر وعسل الجبح.

وقال نقاره “أكيد النحال يعاني اليوم لأن الإنتاج انخفض بسبب قلة الأمطار وقلة المراعي، وعندما يقل الإنتاج تصبح كلفة العسل باهظة”.

وأشار إلى أنه زيادة على هذا فإنه حتى عدد الخلايا ينقص عند النحال لأن الكلفة تصبح مرتفعة والمنحل سينقص في العدد، كما أن المردودية تقل، وبالتالي المربون لن يتمكنوا من مواجهة كثرة المصاريف، ما يعني اندثارهم شيئا فشيئا.

ومنذ مطلع تسعينات القرن الماضي حتى الآن شهد متوسط إنتاج البلاد من العسل تراجعا من نحو 20 كيلوغراما لكل خلية إلى 8 كيلوغرامات لكل خلية حاليا.

ويعزى التراجع، وفق وزارة الفلاحة، إلى عوامل، منها تدهور الإمكانيات الوراثية لسلالة النحل التونسية، وتراجع مساحة نباتات الرعي، نتيجة للانخفاض الكبير في كميّات الرحيق في الزهور، وهو ما جعل الأمر أكثر صعوبة لإنتاج العسل.

الإنترنت مدار صراع جديد بين الشرعية اليمنية والحوثيين


جدل عطلة نهاية الأسبوع في إيران يعكس الصراع بين الواقع الاقتصادي والمعوقات الأيديولوجية


ما الخيارات المتاحة لنشر قوات حفظ سلام في السودان


ميتا تعزز الضوابط لحماية المستخدمين القصّر