اخبار الإقليم والعالم

إيران تسرّع وتيرة إستراتيجية المواجهة السيبرانية مع الغرب

وكالة أنباء حضرموت

يرى محللون أن إستراتيجية إيران السيبرانية ضد الغرب أصبحت أكثر تركيزا وعدوانية على الرغم من أن نوايا البلاد تتجاوز قدراتها الحالية.

ويرجح المحللون أن يبقى تحمل إيران للمخاطر ضد الولايات المتحدة مرتفعا إذا أعيد انتخاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في نوفمبر. لكن انتخاب نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس قد يوفر فرصة ضئيلة لاستئناف الحوار الغربي، ما قد يدفع إيران إلى إعادة تقييم رغبتها في المخاطرة.

وذكرت التقارير الأخيرة الصادرة عن وكالات الاستخبارات وإنفاذ القانون الأميركية، إضافة إلى تلك الصادرة عن الباحثين المستقلين في مجال الأمن السيبراني، أن أحدث جهود إيران للتأثير على الانتخابات الأميركية لسنة 2024 في نوفمبر قد برزت بصفتها تهديدا يتساوى مع الجهود الروسية.

وحذر مكتب مدير الاستخبارات الوطنية في 9 يوليو من أن إيران أصبحت عدوانية وطموحة بشكل متزايد في جهودها المضللة. لكن عمليات التأثير في الانتخابات الأميركية تبقى عنصرا واحدا من إستراتيجيتها السيبرانية الأوسع ضد الغرب، والتي تتألف من خمس ركائز عريضة: المساعي من أجل التأثير، والحملات المناهضة لإسرائيل، ومحاولات عرقلة السير العادي للعمليات الروتينية، والتجسس، ومحاولات إسكات الانتقادات الموجهة للنظام الإيراني.

إيران ترى في العمليات السيبرانية وسيلة لتعطيل الأنظمة الاقتصادية والسياسية الغربية وردع الأعمال الانتقامية العلنية

وجاء في تقرير لموقع ستراتفور أن إستراتيجية إيران السيبرانية ضد الغرب مدفوعة بإستراتيجيتها الأوسع للأمن القومي التي تستخدم وسائل إلكترونية مختلفة لممارسة الضغط التخريبي على الخصوم بطرق لا تصل إلى المواجهة العسكرية وتوفر مسافة من الإنكار المعقول لتجنب التصعيد وردع الانتقام العلني.

وترى القيادة الإيرانية في العمليات السيبرانية وسيلة لتسوية الفرص، وتعطيل الأنظمة الاقتصادية والسياسية الغربية، وردع الأعمال الانتقامية العلنية.

وتنظر إستراتيجية الأمن القومي الإيرانية إلى الولايات المتحدة وحلفائها على أنهم خصوم سعوا تاريخيا إلى تقويض السيادة الإيرانية من خلال وسائل مختلفة، بما في ذلك العقوبات والضغط العسكري والعزلة الدبلوماسية.

ويبدو الفضاء الإلكتروني خيارا جذابا للانتقام الإيراني لأنه غالبا ما يوفر على الأقل مستوى معينا من الإنكار المعقول، حيث يصعب إثبات مصدر الهجمات الإلكترونية بدقة ثابتة في الكثير من الأحيان.

وغالبا ما تتضمن الجهات الفاعلة السيبرانية الإيرانية بعض عناصر القرصنة لإخفاء الروابط مع الحكومة الإيرانية من خلال تصوير نفسها جهة فاعلة مستقلة. كما يمكّن الفضاء الإلكتروني إيران من تنفيذ عمليات على مستوى أدنى (مقارنة بالخيارات العسكرية التصعيدية التي تشمل خطر التسبب في إصابات وأضرار جسدية)، ويساعد إيران في الحفاظ على حد أعلى للتصعيد مع الغرب (إلى جانب الإنكار المعقول).

وتمكن العمليات السيبرانية إيران من الانتقام من التهديدات المتصورة، وجمع المعلومات الاستخباراتية وممارسة النفوذ (مثلا عبر العمليات التي تستهدف الانتخابات الأميركية والجهود المبذولة لتشكيل الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين) دون الانخراط في مواجهة عسكرية مباشرة.

محاولات التأثير
من المرجح أن يبقى تحمل إيران للمخاطر ضد الولايات المتحدة مرتفعا إذا أعيد انتخاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في نوفمبر

من المتوقع أن تتكثف محاولات التأثير الإيراني العدوانية المتزايدة التي تستهدف الانتخابات الرئاسية الأميركية خلال الأسابيع المقبلة، حيث تسعى إيران إلى استهداف حملة ترامب ونشر الفوضى. لكن من غير المرجح أن تستمر نفس الكثافة خلال الفترات غير الانتخابية.

وفي 19 أغسطس أكد بيان مشترك من مكتب مدير المخابرات الوطنية ومكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية أن مجموعة الإنترنت الإيرانية المدعومة من الدولة “تشارمينغ كيتن” (القطة الساحرة) اخترقت حملة ترامب الرئاسية، مؤكدة ما أعلنته حملة ترامب لأول مرة في 10 أغسطس.

وأشار البيان المشترك إلى محاولات إيرانية لاختراق حملة هاريس، إضافة إلى عمليات التأثير الإيرانية التي تستهدف الجمهور الأميركي والنشاط السيبراني الإيراني العدواني المتزايد الذي يهدف إلى التأثير على عملية الانتخابات الأميركية.

وكان اختراق حملة ترامب أول عملية ناجحة تستهدف حملة رئاسية أميركية. لكن تكتيكات إيران الإلكترونية الأخيرة الأخرى (كنشر المعلومات المضللة وتنفيذ هجمات الهندسة الاجتماعية بالتصيد الاحتيالي) تعكس إلى حد كبير عملياتها السابقة المتعلقة بالانتخابات الأميركية، وإن كانت تظهر بعض القدرات الأكبر.

كما تظهر محاولات إيران الأخيرة للتأثير على الانتخابات الأميركية تحولا عن جهودها التي شهدناها في وقت سابق من الدورة الانتخابية، حيث تظهر حملة أكثر استهدافا وتركيزا بدلا من كونها عاملا للفوضى.

وتمنح الانتخابات الأميركية إيران فرصة بارزة لتشكيل الانتخابات لصالحها وتجنب المزيد من التصعيد في التوترات مع الغرب، حيث تعتبرها القيادة الإيرانية نتيجة محتملة في حالة رئاسة ترامب الثانية بسبب رغبته الصريحة في اتباع نهج أكثر تشددا تجاهها. لكن مخاطر الانتخابات العالية من وجهة نظر إيران، إلى جانب حقيقة أن العديد من الناخبين الأميركيين المترددين يتخذون قرارهم في الأسابيع أو الأيام الأخيرة فقط من الحملة، تعني أن جهود التأثير الإيراني قد تتصاعد في المرحلة الأخيرة قبل يوم الانتخابات في 5 نوفمبر.

وستواصل إيران مستوى معينا من محاولات التأثير لدعم أجندتها الإستراتيجية، مثل دعم المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين، خلال الفترات غير الانتخابية. لكن هذه الحملات لن تكون متكررة أو متطورة، إذ من المتوقع أن تخصص القيادة الإيرانية مواردها الرقمية لدعم عدد كبير من العمليات السيبرانية الجارية الأخرى.

حملات معادية
التجسس يمكّن إيران من الوصول إلى قدرات متطورة في أنظمتها الدفاعية، ما يعزز التهديد العسكري الذي تشكله مع وكلائها حيال المنطقة

طالما استمرت الحرب بين إسرائيل وحماس، ومن المرجح أن تستمر، ستواصل إيران استهداف الكيانات المرتبطة بإسرائيل بشكل متكرر وعدواني ضمن حملة الضغط الأوسع ضد إسرائيل. ويشكل هذا مخاطر اضطرابات عملياتية محتملة وتهديدات لسمعة الكيانات المستهدفة.

ويكمن الهدف من العمليات الإيرانية في تعزيز المشاعر المعادية لإسرائيل والتسبب في تعطيل الأهداف التي تدعم الدولة العبرية، التي تعتبرها طهران عدوة لها وللإسلام. وشنت إيران عددا كبيرا من الهجمات الإلكترونية المباشرة ضد الكيانات الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في 7 أكتوبر. واعتمدت تكتيكات تتراوح بين هجمات الحرمان من الخدمات منخفضة المستوى وتشويه مواقع الويب من جهة، ومحاولات أكثر عدوانية تهدف إلى تعطيل البنية التحتية الحيوية من جهة أخرى.

وفي هجماتها ضد الغرب منحت إيران الأولوية لاستهداف المنظمات التي تجمعها علاقات مع إسرائيل أو تلك التي تعتمد تقنيات إسرائيلية الصنع، إضافة إلى الدعم المباشر للاحتجاجات والحركات الاجتماعية المؤيدة للفلسطينيين.

ونفذ طرف إلكتروني تابع للحرس الثوري الإسلامي الإيراني، يعمل تحت اسم “سايبر أفنجرز”، على سبيل المثال، في 25 نوفمبر هجوما على “هيئة المياه البلدية في أليكويبا” بولاية بنسلفانيا. وسيطر على جهاز ضخ ينظم ضغط المياه لأكثر من 7 آلاف شخص. واضطر المشغلون إلى اللجوء إلى العمليات اليدوية.

واستهدفت المجموعة في ديسمبر 2023 مرفق مياه في غرب أيرلندا يستخدم معدات إسرائيلية الصنع. وتسبب الهجوم في انقطاع المياه لمدة يومين عن حوالي 8 آلاف شخص. كما أمكن اختراق الأجهزة التي تعتمدها شركة مياه في رومانيا ومصنع في جمهورية التشيك، إضافة إلى نظام التحكم في مصنع للجعة بمدينة بيتسبرغ في ولاية بنسيلفانيا الأميركية ونظام التحكم في نوافير المياه المعدنية في جمهورية التشيك.

وستواصل إيران استهداف المنظمات الغربية التي تجمعها علاقات مع إسرائيل مع استمرار دعم الغرب والولايات المتحدة، على وجه الخصوص، لها. ويرفع هذا مخاطر اندلاع اضطرابات من الجهات الفاعلة في مجال التهديد السيبراني المدعومة من إيران طوال فترة الصراع في غزة.

الأنشطة التخريبية

غالبا ما تتبنى العمليات السيبرانية الإيرانية قدرة أكبر على تحمل المخاطر للتسبب في عوائق تشغيلية لكيانات البنية التحتية الحيوية والمنظمات الغربية الأخرى. وإذا أعيد انتخاب ترامب في نوفمبر فستضاعف إيران عملياتها السيبرانية العدوانية، بينما سيوفر انتخاب نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس فرصة محدودة على الأقل لتقليل النشاط التخريبي.

وتنبثق قدرة إيران على تحمل المخاطر من عداء النظام للغرب ورغبته في قلب النظام العالمي الذي يقوده الغرب والنظام الإقليمي خاصة، والاستفادة من الإنترنت كوسيلة لتحقيق أقصى قدر من الانتقام دون اتخاذ المزيد من التدابير التصعيدية.

وتشترك الصين وروسيا في عناصر من هذه النظرة للعالم. لكن روسيا احتفظت نسبيا بحملاتها الإلكترونية الأكثر عدوانية للمسارح غير الغربية، مثل أوكرانيا. ومنحت الصين الأولوية إلى حد كبير للتجسس على حساب التشويش. ولذلك شهدنا العديد من الحوادث التي استهدفت فيها الجماعات المدعومة من إيران أنظمة المياه الغربية وغيرها من البنية التحتية الحيوية التي تستخدم التكنولوجيا الإسرائيلية. لكن الهجمات الإيرانية على أنظمة المياه كانت تكتيكا ضمن إستراتيجيتها السيبرانية التخريبية لسنوات.

وسلطت لائحة اتهام أميركية في2016، على سبيل المثال، الضوء على المحاولات الإيرانية للدخول إلى سد أميركي. وكشفت وثائق مسربة من الحرس الثوري سنة 2021 أن إيران كانت تجري أبحاثا حول كيفية تنفيذ هجمات إلكترونية مدمرة على صناعة الشحن التجاري ومضخات الوقود. كما عملت الجهات الفاعلة في مجال التهديد السيبراني الإيراني على دمج برامج الفدية في ترساناتها الإلكترونية بهدف إحداث اضطرابات.

وستواصل إستراتيجية إيران السيبرانية جهودها لجمع المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بأمنها القومي ومساعي التجسس على الشركات لتعزيز صناعاتها المحلية. وكلاهما يهدد الشركات الغربية في الصناعات الحساسة.

وكثيرا ما تستهدف الجهات الفاعلة المدعومة من الدولة الإيرانية قطاعات مثل الفضاء والطيران والدفاع في البلدان الأجنبية، لدوافع عديدة. أولا، تسعى إيران إلى جمع معلومات استخباراتية عن الدول المجاورة وقدرات الخصوم الدفاعية من أجل التخطيط الأفضل لسيناريوهات التصعيد. كما يساعد التجسس على هذه الصناعات، إضافة إلى اعتماد الأقمار الصناعية ومعدات الاتصالات والقطاعات الحكومية، إيران على جمع المعلومات الاستخباراتية لتنفيذ هجماتها الإلكترونية وتحديد التقنيات المحددة التي تستخدمها مختلف المنظمات ونقاط الضعف المحتملة. ويعدّ التجسس ضد هذه القطاعات جزءا من محاولات إيران لسرقة التكنولوجيا والأسرار التجارية لتطوير قدراتها الخاصة.

ويمكّن هذا التجسس إيران من الوصول إلى قدرات متطورة في أنظمتها الدفاعية، ما يعزز التهديد العسكري الذي تشكله مع وكلائها حيال المنطقة، بما في ذلك من خلال تمكين طهران من الضغط على الشركات الغربية عبر العمليات الإقليمية، وبالتالي زيادة مخاطر التدخل الغربي المحتمل في الصراعات الإقليمية.

ومن المرجح أن يتكثف التجسس الذي يستهدف الدفاع الغربي أو القطاعات ذات الصلة (مثل الاتصالات عبر الأقمار الصناعية أو الفضاء أو الطاقة النووية أو الكيماويات أو التصنيع أو غيرها من القطاعات الصناعية الحيوية) خلال فترات تصاعد التوترات مع الغرب والمبادرات الدبلوماسية الرئيسية والأزمات مع الجيوش الغربية. كما يهدد التجسس الملكية الفكرية أو الأسرار التجارية أو المنتجات أو المعلومات. وفي سيناريو لاستمرار المشاكل الاقتصادية الإيرانية المحتمل، حيث تواجه البلاد عقوبات قائمة، سيبقى تجسس الشركات عنصرا رئيسيا في إستراتيجية إيران السيبرانية ضد الغرب. وسيستهدف التقنيات الغربية لتعزيز النمو الاقتصادي المحلي وزيادة المبيعات، تزامنا مع الحملات التي تهدف إلى تحديث القوات العسكرية.

 

عبدالله آل هتيلة: ادعاءات نصر الله بشأن دعم غزة ووقف استهداف إسرائيل للبنان غير صحيحة


مشروع صرف الصحي لخدمة الأحياء الجنوبية في عتق


المخيم الطبي الثاني لتصحيح الحول يختتم الأسبوع الأول بنجاح كبير


برعاية رجل الأعمال الشيخ صالح بدر البوبكري مدرسة يسلم حسين بيافع رصد تقيم حفلاً تكريمياً كبيراً