اخبار الإقليم والعالم
التمديد في إجازة الولادة توفيق للأم بين حياتيْها الأسرية والمهنية
لا يزال مشروع قانون إجازة الأمومة والأبوة في تونس محور نقاش وجدل سواء داخل وزارة الأسرة أو منظمات المجتمع المدني أو حتى في وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت عنصرا من عناصر الضغط سواء لتمرير قوانين أو إلغاء أخرى.
ونظرا لحساسيته، تم عرض مشروع القانون في أربع مناسبات على مجلس الوزراء، الأولى سنة 2017، ليتم إثر ذلك إحداث لجنة وطنية شاركت فيها أطراف مهنية إضافة إلى ورشات بمشاركة المجتمع المدني، والثانية في سنة 2019، والثالثة في يوليو 2022، والرابعة في يونيو 2024.
وفي بيان لها، أكدت رئاسة الحكومة التونسية أن مجلس وزراء انعقد بقصر الحكومة بالقصبة، بإشراف رئيس الحكومة أحمد الحشّاني نظر في مشروع القانون المتعلق بإجازة الأمومة والأبوة.
ويأتي مشروع القانون، حسب البيان، تكريسا للثورة التشريعية الهادفة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، كما يهدف إلى تنظيم عطل الأمومة والأبوة، وإلى تجسيد ما نص عليه الدستور وخاصّة منه الفصول 12 و43 و51 و52 في الواجبات المحمولة على الدولة وذلك بضمان الحق في التغطية الاجتماعية، وفي حماية الأسرة باعتبارها الخلية الأساسية للمجتمع، ووضع الآليات الكفيلة لتكريس المساواة بين الجميع دون تمييز.
ويرمي مشروع القانون إلى تحسين وتطوير نظم الإجازات المتعلقة خاصة بالأمومة المنطبقة على جميع أجراء القطاع الخاص والأعوان الخاضعين للأنظمة الأساسية العامة باتّجاه توفير كلّ الضمانات القانونيّة الكفيلة بتكريس المساواة بين القطاعين العام والخاص، إلى جانب مراعاة مصلحة الطفل الفضلى، ودعم الروابط العائلية والتوفيق بين كل من الحياة المهنية والأسرية.
وينص مشروع القانون على إحداث إجازة ما قبل الولادة والترفيع في إجازة الولادة وإحداث عطلة ولادة لفائدة الأم التي وضعت طفلا حاملا لإعاقة إلى جانب إحداث عطلة ولادة لفائدة الأم التي وضعت طفلا ميتا.
كما تضمن القانون الترفيع في عطلة الأبوة والترفيع في عطلة ما بعد الولادة إلى جانب الترفيع في راحة الرضاعة.
وأكدت آمال بلحاج موسى، وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، لدى إشرافها على اجتماع اللجنة الوطنية المكلفة بإعداد مشروع القانون، أهمية هذا المشروع الذي يعدّ نتاج مقاربة تشاركية، معتبرة أنّ المبادرة بإعداد هذا القانون تعكس إرادة مجتمعيّة من أجل بناء أسرة أكثر تماسكا.
ونوّهت في هذا السياق بفحوى المشروع بما يتضمنه من نصوص تضمن تقاسم مسؤولية التربية بين الوالدين وتدعم قدرات المرأة العاملة وتكرّس المساواة بين الأمهات العاملات في القطاعين العام والخاص.
وعبّرت الوزيرة عن دعمها لعمل اللجنة، داعية إلى المزيد من بذل الجهود ومواصلة التنسيق مع الصناديق الاجتماعيّة من أجل التفكير في صيغ وآليات تمكن من تمويل مشروع القانون.
يُشار إلى أنّ مشروع قانون عطلة الأمومة والأبوة ينصّ على تمديد عطلة الأمومة إلى 16 أسبوعا في القطاعين العام والخاص، مقابل ما يقارب 8 أسابيع في القطاع العمومي وشهر واحد في القطاع الخاص حاليا. ويمنح نفس النص القانوني عطلة أبوة مدتها 3 أيام، مقابل يومين فحسب حاليا.
كما يمكن لأحد الوالدين سواء الأب أو الأم أن يتمتع بعطلة والدية اختيارية بنصف الأجر في القطاع العمومي وثلث الأجر بالقطاع الخاص تصل إلى 16 أسبوعا.
وينص مشروع القانون أيضا، على الترفيع في حق التمتع بساعة الرضاعة إلى 12 شهرا في القطاعين العمومي والخاص، مقابل 9 أشهر حاليا في القطاع العام و6 أشهر في القطاع الخاص. كما تهدف صياغة هذا المشروع إلى ملاءمة القانون التونسي للمعايير الدولية وبالخصوص منها “اتفاقية 183” لمنظمة العمل الدولية الخاصة بحماية الأمومة، وذلك تطبيقا لما جاء في الدستور التونسي الذي ينص على احترام حقوق الإنسان وفقا للمعايير الدولية.
وفي عام 2018 عقدت اللجنة الوطنية المكلفة بإعداد مشروع عطلة الأمومة والأبوة بمقر وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن، اجتماعا خصصته لمناقشة النسخة النهائية لمشروع قانون الأمومة والأبوة قبل عرضه على مجلس وزاري.
وتكونت هذه اللجنة من مختلف الهياكل الحكومية وغير الحكومية وعضوات وأعضاء لجنة المرأة والأسرة والطفولة والشباب والمسنين بمجلس نواب الشعب وممثلي المنظمات الوطنية.
ووضعت اللجنة اللمسات الأخيرة للنسخة النهائية التي تتمحور أساسا حول توحيد العطلة في القطاعين الخاص والعام والتأكيد على ضرورة إدماج عطلة ما قبل الولادة مع عطلة الولادة، إلى جانب تمكين الآباء من عطلة أبوة تمكنهم من المشاركة في الحياة الأسرية.
يشار إلى أن مشروع القانون المتعلق بعطلة الأمومة والأبوة ينص، وفق ما أفادت به القاضية سامية دولة في تصريح سابق لوكالة تونس أفريقيا للأنباء، على تمديد عطلة الأمومة إلى 14 أسبوعا في القطاعين العام والخاص، مقابل ما يقارب 10 أسابيع في القطاع العمومي وشهر واحد في القطاع الخاص، حاليا.
ويمنح نفس النص القانوني عطلة أبوة مدتها 15 يوما، مقابل يومين فحسب، وفق مقتضيات القانون المعمول به حاليا.
كما ينص مشروع القانون أيضا، على الترفيع في حق التمتع بـ”ساعة الرضاعة” إلى 12 شهرا في القطاعين العمومي والخاص، مقابل 9 أشهر، حاليا، في القطاع العام و6 أشهر في القطاع الخاص.
أكّدت وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ آمال بلحاج موسى أن وزارتها تعتبر أكثر طرف حريص على مشروع قانون عطلة الأمومة والأبوة والوالدية، مشيرة إلى أن الاشتغال على مشروع هذا القانون قد انطلق منذ سنة 2017.
وبينت آمال بلحاج موسى أن خلافا لما يتم تداوله فإن مشروع القانون لم يعتن بالأم فقط وإنما نص على عطلة للأب وطالب بالترفيع في عطلة الأمومة، وطالب كذلك بعدم التمييز بين الأمهات اللواتي يشتغلن في القطاع العام والأخريات المشتغلات في القطاع الخاص.
وتحدثت الوزيرة عن تضمن مشروع القانون الجديد لعطلة بـ7 أيام للأب في حين أن القوانين الجاري بها العمل حاليا فإنّ الأب يتمتع بعطلة بيوم واحد.
كما أشارت إلى إمكانية تمتع الأب بعطلة والدية في حدود 4 أشهر مسترسلة ينتفع خلالها بنصف الأجر إذا كان منتميا إلى القطاع العام وبثلث الأجر إذا كان منتميا إلى القطاع الخاص.
وتضيف الوزيرة أن عطلة ما قبل الولادة لم يكن ينظر لها لكن تم التنصيص عليها في مشروع القانون الجديد في حدود أسبوعين وبالإمكان أن تصل إلى شهر حسب تقرير طبي، إضافة إلى إمكانية تمتع الأم التي تلد طفلا ميتا بعطلة بشهر بعد أن كانت لا تنتفع بها سابقا والترفيع في العطلة للأم التي تلد توأما أو طفلا مريضا بعطلة في حدود 4 أشهر لا فقط 3 أشهر.
وأكّدت وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ آمال بلحاج موسى أن فلسفة قانون عطلة الأمومة والأبوة والوالدية قامت على تثمين دور الأم ودور الأب باعتبار أهمية الوالدين في تنشئة هذا الطفل في مرحلة نموه الأولى.
وكان عدد من نواب البرلمان قد أكدوا أن القوانين التي كرّسها المشرّع التونسي لم تكن ملائمة مع ما تقرّ به منظّمة العمل الدولية في الاتفاقية عدد 183 والتي تنص على ضرورة حماية الأمومة بإسناد عطلة لا تقل عن 14 أسبوعا، مشدّدين على أنّ هذه القوانين لم ترق إلى مستوى مراعاة الأمومة والطفل وفيها تجنّ وحيف مسلط على المرأة وتكريس للتمييز ضدّها، وفق حديثها.
وفي تجارب البلدان العربية، يقرّ كلّ من الأردن والجزائر ولبنان والإمارات العربية المتحدة، بعطلة أبوة مدفوعة الأجر لمدة 3 أيام في حين تمنح جزر القمر عطلة أبوة مدفوعة الأجر لمدة 10 أيام.
تعتبر الدول الإسكندنافية سبّاقة في اعتماد الأنظمة القانونية لعطلة الأبوّة وعطلة الوالدية وتطويرها، ففي النرويج نص الإصلاح الأخير الذي يعود إلى سنة 2019، على عطلة بثلاثة أسابيع للزوجين عند الولادة وخمسة عشر أسبوعا للأم، وستة عشر أسبوعا كعطلة والدية لتوزيعها بين الأم والأب على النحو الذي يرونه مناسبا.
أمّا في السويد فيمكن أن تستمر الإجازة الوالدية حتى 480 يوما، شهران منها ذوا طابع إلزامي، ويتقاضى خلالها الوالدان وبالتساوي 80 في المئة من راتبهما.
كما يمنح الآباء في فنلندا إجازة مدفوعة الأجر طيلة أربعة وخمسين يوما، وبالإضافة إلى ذلك، يتشارك الوالدان في ستة وعشرين أسبوعا من الإجازة الوالدية، مقابل 70 في المئة و90 في المئة من الراتب.
أمّا في علاقة بتجارب البلدان الأوروبية الأخرى، فقد مدّدت إسبانيا مدة عطلة الأبوة إلى شهرين لتبلغ ستة عشر أسبوعا في 2021. ويحقّ للأب في البرتغال الحصول على عطلة أبوة لمدة خمسة أسابيع، أربعة منها إلزامية، ويمكن إضافتها إلى 150 يوما من الإجازة الوالدية لتقاسمها مع الأم. فيما تكتفي إيطاليا والمجر والجمهورية التشيكية وهولندا بعطلة أبوّة لا تتجاوز سبعة أيام.