تقارير وحوارات
“اضطرابات كبيرة في الطريق”: اعتراف نادر من داخل النظام الإيراني بانفجار اجتماعي وشيك
“اضطرابات كبيرة في الطريق”: اعتراف نادر من داخل النظام الإيراني بانفجار اجتماعي وشيك
“اضطرابات كبيرة في الطريق”: اعتراف نادر من داخل النظام الإيراني بانفجار اجتماعي وشيك
في مقابلة مثيرة نشرتها وكالة “جماران” التابعة للنظام الإيراني، يوم الخميس 25 أبريل 2025، حذّر جواد آرينمنش، النائب السابق في مجلس النظام (2004–2011) ، من أن إيران تقف على أعتاب “اضطرابات كبيرة”، وهو التعبير الذي استخدمه بشكل مباشر في وصفه لما ينتظر البلاد في المرحلة القريبة المقبلة.
من وثيقة التنمية إلى الإنذار بالخطر
بدأ آرينمنش حديثه بالإشارة إلى ما يُسمّى بـ”وثيقة الأفق 1404″، وهي خطة رسمية تهدف إلى جعل إيران القوة الاقتصادية والعسكرية الأولى في المنطقة. لكن، وبينما يُروّج النظام لشعار العام الحالي تحت عنوان “عام الإنتاج الوطني”، بدا آرينمنش من خلال نبرته وكأنه ينعى هذا المشروع في مهده، معتبرًا أن ما ينتظر البلاد ليس تطورًا، بل “اضطرابات كبيرة”.
“الاضطرابات” في كلمات آرينمنش: علامات الانفجار الداخلي
في تقييمه للوضع، استعرض آرينمنش مجموعة من المؤشرات التي وصفها بأنها عوامل متراكمة وخطيرة تهدد بانفجار اجتماعي وشيك:
- فقر متزايد، وفساد مستشرٍ
- تضخّم وانهيار متواصل في قيمة الريال
- فجوة اجتماعية واسعة
- تراجع الثقة العامة بالحكم
- أزمات معيشية خانقة
- اقتصاد مأزوم غير قابل للإصلاح
ثم أضاف: “تراكم هذه المشكلات يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات كبيرة”. واللافت أنّه شبّه الوضع الحالي بما قبل انتفاضة نوفمبر 2019، قائلاً: “الظروف اليوم أخطر من تلك التي سبقت احتجاجات 2019″، في اعتراف نادر من شخصية داخل النظام بعمق الأزمة السياسية والاجتماعية التي تضرب مفاصل الحكم.
ماذا يعني “الاضطراب الكبير”؟
رغم استخدام آرينمنش لمصطلح “آشوب” (الذي تُرجم هنا كـ”اضطرابات كبيرة”)، فإنّ المعنى الذي أراد إيصاله يتجاوز مجرد الفوضى العابرة. فالمصطلح في السياق الفارسي يشير إلى احتجاجات جماهيرية ذات طابع سياسي وتنظيمي، تُهدّد النظام من جذوره.
وبالتالي، فإن حديثه لم يكن توصيفًا لمشهد من التوتر، بل تحذيرًا داخليًا من انتفاضة قد تعصف بكامل النظام، إذا استمر في تجاهل جذور الأزمة المتفاقمة.
الانهيار البنيوي للثقة الشعبية
أرينمنش، رغم انتمائه السابق إلى داخل بنية الحكم، لم يُخفِ أن المجتمع الإيراني قد تجاوز كليًا أجنحة النظام، قائلاً: “الشعب تجاوز كلاً من الأصوليين والإصلاحيين، حتى الذين صوّتوا لسعيد جليلي في الانتخابات الماضية باتوا يعيدون النظر في قناعاتهم.”
وهذا التصريح بحد ذاته يكشف مدى هشاشة الشرعية السياسية للنظام، حتى داخل ما كان يُعدّ قاعدته الانتخابية.
من الإنذار إلى الاعتراف بالفشل
ربما الأهم في كلام آرينمنش، ليس فقط التحذير من “الاضطرابات”، بل الإقرار بأن النظام لم يعد قادرًا على احتوائها أو امتصاصها. بل حتى من داخل مؤسسات الدولة، أصبح بعض المسؤولين السابقين يرون المستقبل بصورة قاتمة، ويشيرون إلى أن الانفجار الاجتماعي لم يعد احتمالًا، بل مسارًا قيد التشكل.
الانتفاضة قادمة… لا محالة
حملة “لا للإعدام“، واحتجاجات المعلمين، والعمال، والمتقاعدين، ليست سوى مظاهر أولية لتمرّد أوسع يتشكل بصمت ووضوح في آنٍ واحد. والساحة الإيرانية تعجّ يوميًا بإشارات تدل على أن لحظة الحسم تقترب، وأنّ المجتمع لم يعد يؤمن لا بوعود الإصلاح، ولا بإعادة التوازن الداخلي، بل يتجه نحو تغيير جذري شامل.
حين يقول أحد صنّاع النظام السابقين إن “اضطرابات كبيرة في الطريق”، فذلك لا يصح اعتباره مجرد تنبؤ، بل هو اعتراف داخلي بانسداد الأفق أمام بقاء النظام. وقد يكون هذا الصوت، رغم تأخره، شاهدًا من داخل السلطة على لحظة انهيار وشيكة، تهيّئ لها الجماهير يومًا بعد آخر، في الشارع، وفي الوعي، وفي الإرادة الشعبية الواضحة.