ثقافة وفنون

قصة قصيرة

العبور الى غزة

غزة

وكالة أنباء حضرموت

يمضى النهار بطيئا يسحب معه قرص الشمس الوهج ، كما يعقبه الليل بظلامه السديم في هذا الحاجز الملعون الذي يفصل غزة عن العالم ،ضجر أياد من جلوسه  منتظرا فوق الحافله ، منذوا ساعات قرب الحاجز الأمني في المعبر ، وهو مغمضا عينيه مطبقا جفنه عليها و يحدث نفسه ، يالها من رحلة طويلة قبل يومين فقط كنت في مطار الرياض ، كلهم طلبوا مني ذلك أبي وأمي وعمي وعمتي في غزة ، لم اعد أذكر الكثير من ملامح وجهها ، لكني لم أنسى عيناها العسليه كان مثل لون شعرها الاصفر البني الداكن ،كنا صغار ونحن نستبق ونجري الى المزرعة ، غابة كثيفه من أشجار الزيتون ذات أوراق مستلقية تبللها زخات تهطل من السماء ، كما تبلل شعرها البني فيميل على كتفها وتلتصق خصلات شعرها الناعمه على خدودها المحمره ، فتبدوا مثل حورية جأت من البحور السبعه .

  توقفت الحافلة أمام الحاجز في المعبر ، أسلاك شأئكه وتحصينات مثل الجيوش المتحاربة ،  تفتيش دقيق ومرهق من أفراد جيش الاحتلال ، كلاب مدربة يتعبها الجنود تتشمم المبعدعين عن غزة ورجال المقاومه ، لازال الحصار قائم منذوا سنوات الكل يدخل بتصريح ويخرج بتصريح ، أن تعود الى بيتك الى اهللك وبلدك الى ارضك التى نشأت فيها ، تحتاج منهم  إلى أذن دخول وتصريح ، مغلوبين على أمرنا نموت فيها كل يوم ، كما نحيا فيها كل يوم ، لم تعد أصوات القنابل والصواريخ تفزعنا ، تمر علينا كصواعق الشتاء حين ينهال المطر فوقنا ، كنت أكتم الأنفاس وأنا في حضن أمي ، فأسمع وقع خطوات الاقدام الحديديه تجوب في غرفنا ، تفتش تحطم كل شئ يتركون الخراب بعدهم ، يحدث هذا في الحرب لكن غزة كل يوم حرب هي دائما حرب لاتتوقف ، قدرنا أن نولد ونعيش ونموت في الحرب ، ممزقين مبعدين وأشلاء مبعثرة على الارض ، لكننا نعود نحيا كل يوم وكأن الارض تنبت أبنائها من جديد .

 عدل أياد من جلوسه ودنئ براسه من زجاج النافذة، سمع صراخ الاطفال ونساء يبكون ويتشاجرون مع عسكر الاحتلال ، رأى منظرا مقززا الى نفسه عائلة كامله بنسائها وأطفالها ينزلون من الحافله ، بكاء النساء وعويل ألاطفال وصياحهم لن يجدي نفعا أمام عسكر الاحتلال، ربما لم تكتمل الاوراق الخاصة بهم وتصاريح الدخول  لديهم ، أو أن أسم العائله من أسماء  المبعدين عن غزة ، لا أعرف كيف يبعد المواطن عن وطنه لمجرد أنه أحب وطنه ، نظام قمع جديد أستخدمته سلطة الاحتلال في غزة ووافقه العالم فيه ، هكذا هم يشكون في كل شئ الخوف يهزمهم ، ولا شئ غير الخوف يهزمهم .

عاد أياد واغمض عينيه وأطبق جفنه ، ياترى كيف أصبحت ألان بعد كل هذه السنوات ، هل نضجت حبتي الرمان في صدرها ، وتفتح جسمها الناصع البياض ولون شعرها الذهبي هل لازال مثل لون عينيها العسليه ، اتذكر ابتسامتها العذبه تسحرني وهي تقضم حبة الزيتون بفمها الصغير ، من يبالي ألان أن كنا مغرمين أو لا ، لقد مضت سنوات طويله منذوا أفتراقنا ، من يبالي رغم الحرب التى لم تتوقف رغم الجروح والحزن الدائم لازلنا في انتظارها ، ذهبت السنوات ومضت ألايام معها ولازالت أيام العرس في غزة هي هيا كنت أفرح واشدوا الاهازيج معها فهي لم تنتقطع أبدا ،  ترقص النساء الدبكه كنا يقفن في صفا واحدا ملتحمات الايادي يظربون ألارض بأرجلهن ، نحن هنا فتستجيب الارض لهن .

كان صوت الكلاب أهوج وقوي ويسعر كأنها قادمه الى معركه ، فتح أياد عينه المغلقه  رأى الجنود يصعدون الحافلة يتقدمهم الكلاب المدربه ، أمرنا الجندي الاسرائيلي الواقف في الباب الخلفي ، أن ننزل واحدا تلوا ألاخر دون ألامتعه والحقائب عدأ جوازات السفر وتصاريح الدخول فقط ، ما أن نزلنا من الحافلة ركضت الكلاب  تطوف وتجوب حول الحقائب والامتعة، بينما نحن تحت وقفنا في طابور طويل للتفتيش جسماني دقيق ، بعدها لم يتركونا نمضي الى الحافلة ضللنا واقفين أكثر من ثلاث ساعات ننتظر، لم يتركوا مسمارا في الحافلة حتى تحشر الكلاب أنفها فيه ، وتنزل وتطلع بحثا عن أي شئ يخالف قوانينها ونظامها ، أرهقنا وتعبنا من الوقوف فجلست النساء والاطفال على الارض ، فجاء الجندي الإسرائيلي مشيرا بيده الى أياد طلب جواز السفر والتصريح ، ناوله أياد جواز سفره وتصريح الدخول ، سمح للبقية الركاب بالعودة الى الحافلة فردا فردا ، كنت منهكا متعبا من الوقوف ، حتى عاد الجندي مرة أخرى أشار بيده الى أياد بأن يتبعه ، قال له الجندي ألست أنت الكاتب أياد ، نظر أياد اليه متعجبا اليه ، قال الجندي  لايمكنك الدخول الى غزة .. أنت من ضمن  المبعدين من الدخول الى غزة .

آخر ظهور لابن إسماعيل الليثي.. لفتة إنسانية تشعل السوشيال


رسائل إيمي سمير غانم الأخيرة.. حنين لن ينتهي لوالديها


من مصرع رئيسي لتفجيرات لبنان.. إيران في قلب أزمة «بيجر جيت»


قائد الجيش الإسرائيلي يحدد «هدف ومراحل» الحرب في لبنان